يبدو أن الوضع في العراق يتجه إلى التهدئة، بعد الرسائل المباشرة التي وجهها قائد "فيلق القدس" إسماعيل قاآني إلى المعترضين على نتائج الانتخابات في البلاد، خصوصاً دعوتهم إلى احترامها، بالإضافة إلى تحفظه على مطلب إلغاء الاقتراع، وذلك قبل ساعات من اجتماع لقادة الكتل المعترضة على نتائج الانتخابات.
وفي حين أبقت القوى الأمنية على تأهبها في مقابل حشد القوى المعترضة على نتائج الانتخابات بمحيط المنطقة الخضراء، علمت "العربي الجديد"، نقلاً عن عضو سابق في البرلمان وسياسي عن تحالف "الفتح"، فضلا عدم الكشف عن اسميهما، بأن حراكاً جرى نهار أمس الأربعاء بهدف عقد اجتماع مساء اليوم الخميس في منزل رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وسط بغداد، من المقرر أن يجمع قادة الكتل المعترضة على نتائج الانتخابات، والتي نظمت نفسها أخيراً تحت ما يعرف بـ"الإطار التنسيقي للقوى السياسية الشيعية"، بزعامة المالكي.
دعا قاآني خلال لقاءاته أطرافاً عراقية للهدوء والتعاون
ولم يتحدث أي من المصدرين عن سبب الدعوة لعقد الاجتماع، لكن يبدو أنها غير بعيدة عن مخرجات زيارة قائد "فيلق القدس"، إسماعيل قاآني إلى بغداد وتحفظ طهران على مطلب إلغاء الانتخابات، الذي يرفعه عدد من تلك القوى وكذلك الهجوم الذي تعرض له منزل الكاظمي. ووفقاً للمصدرين فإن التيار الصدري رفض دعوة سابقة وجهت له للمشاركة باجتماع مماثل يوم الإثنين الماضي. وأوضحا أنه لم يتم توجيه دعوة جديدة له للمشاركة بهذا الاجتماع، الذي في حال تحقق سيكون الثالث خلال أقل من أسبوع واحد. ولفتا إلى أن قاآني لم يجتمع بزعيم التيار مقتدى الصدر المتواجد حالياً في النجف، أو بأي من أعضاء الهيئة السياسية للتيار الصدري، على الرغم من لقائه قادة عدة كتل سياسية، أبرزهم هادي العامري وقيس الخزعلي ورئيس البرلمان المنحل محمد الحلبوسي، وزعماء فصائل مسلحة، إلى جانب الكاظمي والرئيس برهم صالح، بالإضافة إلى قيادات كردية بمدينة السليمانية التي أنهى منها زيارته للعراق عائداً إلى إيران، والتي تركزت بالمجمل على أهمية تجاوز أزمة الانتخابات.
وأشار المصدران إلى أن "الموقف الإيراني المعلن على لسان السفير في بغداد إيرج مسجدي، الذي صرح به للتلفزيون الإيراني، لا يختلف كثيراً عما تحدث به قاآني مع قادة الكتل والفصائل الحليفة لطهران في بغداد، بشأن أهمية القبول بنتائج الانتخابات والمضي بتشكيل حكومة توافقية والتحذير من خطورة اتساع حدة الأزمة". ونفى أحدهما توصل اللجنة التحقيقية الخاصة بالهجوم على منزل رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي لأي نتائج يمكن الإعلان عنها بالوقت الحالي بسبب "تعقيدات أمنية وسياسية".
وقال مسجدي، للتلفزيون الإيراني أمس الأربعاء، إن قائد "فيلق القدس" إسماعيل قاآني دعا خلال لقاءاته مع الأطراف العراقية إلى "الهدوء والتعاون"، وأنه أكد "دعم إيران للمسار القانوني بشأن الانتخابات وإعلان نتائجها". وأشار مسجدي إلى أن قاآني أكد "ضرورة احترام النتائج النهائية للانتخابات التي ستعلنها المفوضية والمؤسسات الرسمية العراقية". كما دعا السفير الإيراني المحتجين على نتائج الانتخابات إلى "التعاون بعد إعلان النتائج النهائية"، مضيفاً أن زعيم "قوة القدس" الإيرانية "شدد على ضرورة أن تكون الاعتراضات والطعون على نتائج الانتخابات وفق القانون".
وبشأن حادث استهداف منزل الكاظمي بمسيرات، ليلة السبت ـ الأحد الماضية، ندد قاآني بالحادث "بقوة" حسب السفير الإيراني، داعياً إلى "إجراء تحقيق دقيق" في جميع أبعاد الواقعة، مع تأكيده على "ضرورة معاقبة الجناة في إطار القانون بعد أن تعلن عن نتائج التحقيقات". وأضاف مسجدي أن بلاده لا يوجد لديها "أي خط أحمر، ويجب معاقبة كل من يثبت تورطه في الهجوم" على منزل رئيس الوزراء، لافتاً إلى أن قاآني أكد "بشكل صريح وحازم ضرورة معاقبة المتورطين وفق القانون، أياً كانوا".
وفي هذا الإطار، قال القيادي في تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، مهدي آمرلي، لـ"العربي الجديد"، إن زيارة قاآني الى العراق "كانت لاحتواء الأزمة". وأضاف آمرلي، وهو مرشح فاز بالانتخابات الأخيرة، أنه "بما يخص أزمة الانتخابات كان توجيه الأخ إسماعيل قاآني للإخوة أن يعترفوا بقرارات المفوضية، وبما أعلنته بشأن الانتخابات". ورداً على سؤال حول مخرجات هذه الزيارة، قال إن "هناك بوادر لحل الأزمة، والتوجه للاعتراضات من القوى سيكون باتجاه المحكمة الاتحادية ووفق القانون".
آمرلي: التوجه للاعتراضات سيكون باتجاه المحكمة الاتحادية
الخبير بالشأن السياسي العراقي علي الموسوي قال، لـ"العربي الجديد"، إنه "يجب ألا يكون قاآني هو مفتاح حل أزمات العراق ولا غيره، والمسؤولية تقع على عاتق الفرقاء السياسيين في العراق عبر اتفاقهم". وأضاف أن "التفكير بمطالب الشارع والذهاب نحو حكومة خدمية هو ما ينتظره الناس حالياً، لذا يجب أن يتحمل ساسة العراق المسؤولية لتجاوز الأزمة الحالية".
في هذه الأثناء، باشرت الهيئة القضائية الخاصة بمفوضية الانتخابات العراقية، يوم أمس الأربعاء، مراجعة محاضر المحطات الانتخابية التي قدمت قوى خاسرة بالانتخابات طعوناً بشأنها وأعيد فتحها يدوياً، كما أعيد عد وفرز الأصوات فيها، والبالغة أكثر من 14 ألف محطة، وذلك تمهيداً للمصادقة على الإجراءات التي اتخذتها المفوضية في خطوة ثالثة وأخيرة قبل إرسال نتائج الانتخابات النهائية إلى مجلس القضاء الأعلى للمصادقة عليها حتى تكون نافذة دستورياً. ووفقاً لقانون الانتخابات المعمول به في البلاد، فإن المدة المحددة للجنة القضائية هي 10 أيام عمل للتدقيق والمصادقة على إجراءات المفوضية، لكن أحمد عيّاش، عضو "منظمة الرافدين"، الشريك المحلي في المراقبة على إجراءات المفوضية، قال، لـ"العربي الجديد"، إن "الإجراءات قد تكتمل نهاية الأسبوع المقبل، ولن يتطلب الأمر 10 أيام عمل كاملة"، معرباً عن اعتقاده أيضاً بأن نتائج الانتخابات الأخيرة لن تختلف عن الحالية بشيء لافت.
وفي السياق ذاته، نفت مفوضية الانتخابات خضوعها للضغوط السياسية. وقال مدير الاتصال الجماهيري في مفوضية الانتخابات حسن سلمان إن المفوضية "مستقلة في عملها وغير خاضعة إلى أي ضغوط سياسية"، موضحاً، في إيجاز قدمه للصحافيين ببغداد، أمس الأربعاء، أن "المفوضية تعمل وفق السياقات والمسارات القانونية الخاصة بها".