لم تأتِ تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أول من أمس الخميس، لصحيفة "يسرائيل هيوم"، بأنه سيبذل كل ما يلزم لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، بجديد في الموقف الإسرائيلي، ولا قوله إنه يعدّ خيارات متعددة لهذه الغاية. فهذا الموقف الذي يحمله نتنياهو منذ عام 2009، ثابت في إسرائيل، ولم يطرأ عليه أي تغيير، ولا مبرر حقيقياً له سوى محاولة نتنياهو تحقيق مكاسب سياسية في الانتخابات الإسرائيلية الرابعة خلال عامين، عبر إعادة إخراج "المارد الإيراني" من القمقم، وضمان فرض أجندة جديدة على المعركة الانتخابية الإسرائيلية.
يدرك نتنياهو كما باقي خصومه في المعترك الانتخابي، أنه حتى لو امتلكت إسرائيل خياراً عسكرياً يمكنها تنفيذه فعلياً، فإنها لن تستطيع ذلك من دون تنسيق مع الولايات المتحدة ومن دون موافقة أميركية. بالتالي فإن الغاية الوحيدة من هذا التصعيد، هي محاولة نتنياهو تذكير الإسرائيليين بخطابه أمام الكونغرس الأميركي في مارس/ آذار 2015 ضد الاتفاق النووي، على الرغم من معارضة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما. كما يسعى للتلميح إلى أنه السياسي الوحيد القادر على مواجهة إيران، بفعل علاقاته الخارجية، وعلاقاته ليس فقط مع الجمهوريين في الولايات المتحدة وإنما أيضاً مع الرئيس جو بايدن، مع الإشارة إلى أنه على الرغم من عودة هذه العلاقات إلى 40 عاماً فإن نتنياهو هو الوحيد القادر على مواجهة إيران، وليس أي من خصومه، سواء كان هذا الخصم يئير لبيد أم غدعون ساعر، خصوصاً أنهما يفتقران لتجربته الدبلوماسية وعلاقاته الدولية.
ومن المرجح أن يكرر نتنياهو تصريحاته بشأن استعداده لتوجيه ضربة عسكرية لإيران، علّه يتمكن من تحريك المياه الراكدة في المعركة الانتخابية، وجر خصومه إلى ساحة يرى الإسرائيليون أنه الأقدر على اللعب فيها، وإخفاء والاستهانة بالانتقادات الموجهة له في مواجهة كورونا، خصوصاً ما يتعلق بإعادة فتح المرافق الاقتصادية. وتأتي مساعي نتنياهو في انتظار أن تؤتي حملات التطعيم في إسرائيل أكلها، لصالحه، وتوظيف ذلك في الأيام الأخيرة من المعركة الانتخابية، مع ما يرافقها من عودة الحياة في إسرائيل إلى طبيعتها.
أما على صعيد ملفاته الجنائية ومحاكمته الرسمية، فقد نجح نتنياهو حتى الآن، على الرغم من التظاهرات الأسبوعية أمام مقر إقامته في القدس المحتلة، ليس فقط بتأجيل جلسات المحاكمة الفعلية إلى ما بعد الانتخابات، وإنما في إزالتها من جدول الأعمال ومن الدعاية الانتخابية قبل الانتخابات المقررة في 24 مارس/ آذار المقبل.