تزامناً مع احتفالات رأس السنة البابلية الآشورية "آكيتو"، أُعلن، اليوم السبت، في مدينة القامشلي، أقصى شمال شرقي سورية عن توقيع اتفاق لتفاهم سياسي بين "المنظمة الآثورية الديمقراطية" و"حزب الاتحاد السرياني"، وذلك بعد مداولات سابقة بين الجانبين، "بهدف الارتقاء بآليات العمل المشترك ومواجهة التحدّيات المشتركة".
وذكر بيان صادر عن الحزبين أن المكون السرياني الآشوري باعتباره جزءاً من الشعب السوري "ساهم بفعالية في الحراك الثوري عبر تنظيماته السياسية، وتفاعل بغالبيته مع تطلعاته المشروعة، وتألم لمعاناته، أسوة بإخوته السوريين".
وأضاف "تلاقت إرادة الحزبين في التوصّل إلى هذا التفاهم لتحقيق مجموعة من الأهداف، وفي مقدمتها الاعتراف الدستوري بالوجود والهوية القومية للسريان الآشوريين، وضمان حقوقهم القومية والسياسية والثقافية، والاعتراف باللغة السريانية كلغة وطنية باعتبارها لغة سورية القديمة، إضافة إلى اعتمادها كلغة رسمية في سورية إلى جانب لغات أخرى، وتعزيز دور المكون السرياني الآشوري، وضمان تمثيل عادل لقواه السياسية في العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة".
وأضاف البيان أن السريان الآشوريين هم "تواصل لشعب وحضارة بلاد بين النهرين ولهم انتماء وهوية قومية واحدة بكل تسمياتها: السومرية، الأكادية، الكلدانية، الآشورية، البابلية، الآرامية، السريانية، حيث جميعها تسميات تخصّ شعبنا وأطلقت عليه في سياقات ومراحل تاريخية وحضارية محدّدة".
وطالب الحزبان بإلغاء "كل القوانين المجحفة بحق مكونات أو فئات معينة في المجتمع السوري ومنها السريان الآشوريون. وإعادة الأراضي والممتلكات التي تم الاستيلاء عليها في المرحلة الماضية، وتعويض المتضررين بشكل عادل".
وحول ما سماه البيان "الصعيد الوطني"، اعتبر أن "الجمهورية السورية دولة مستقلة ذات سيادة؛ السيادة فيها للشعب، وهو مصدر كل السلطات، وتقوم على مبدأ المواطنة المتساوية وفصل السلطات، واستقلال القضاء ومبدأ سيادة القانون والتداول السلمي للسلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة".
كما اتفق الحزبان على ضرورة "الإقرار الدستوري بأنّ سورية دولة متعددة القوميات والثقافات والأديان، والشعب السوري يتكون من عرب وكرد وسريان آشوريين وتركمان وغيرهم، ويضمن الدستور حقوقهم القومية". وأكدا "وحدة سورية أرضاً وشعباً، والعمل على استعادة أراضيها المحتلة بالطرق السلمية ووفق قرارات الشرعية الدولية".
وعبر الحزبان عن اعتقادهما بأن الحل السياسي وفق قرارات الشرعية الدولية وأهمها القرار 2254 هو السبيل الأمثل لإنهاء الأزمة السورية، معتبراً أن "اللامركزية هي النظام الأمثل في إدارة البلاد مع الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، لحماية التعدد القومي والثقافي، وضمان أوسع مشاركة شعبية في الإدارة والتوزيع العادل للسلطة والموارد وتحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة لكافة المناطق في سورية".
ورأى الحزبان أن "جميع ديانات الشعوب والأمم، والأفكار والمعتقدات الفلسفية هي تراث إنساني عام يجب احترامه، وندعو إلى حيادية الدولة تجاه الأديان والقوميات وضمان حرية الاعتقاد والإيمان وممارسة الشعائر وتجريم التمييز على أساسه، وتدعو إلى الاعتراف الدستوري بالديانة الأيزيدية". وجاء في البيان المشترك أن "مهمة الجيش والأجهزة الأمنية تتمثل في الدفاع عن الوطن وحماية أمنه واستقلاله وسلامة أراضيه، وحماية المواطن والمؤسسات، ويُمنع على منتسبيهم ممارسة النشاط السياسي أو الانتماء لأحزاب وتيارات سياسية ما داموا في الخدمة".
وشدد على إلغاء "جميع القوانين والمحاكم الاستثنائية وقراراتها، ورفض عمليات التغيير الديمغرافي التي جرت وتجري في سورية". وأكد أن الدستور السوري المرتقب يجب أن يضمن "حقوقاً متساوية لجميع السوريات والسوريين في تقلّد جميع المناصب في الدولة بما فيها منصب الرئاسة بغض النظر عن الدين او المذهب او المعتقد او القومية او الجنس".
وحث الجانبان المجتمع الدولي والأمم المتحدة على العمل الفوري والجاد من أجل إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين والكشف عن مصير المفقودين والمغيبين قسرا، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى الأهالي في جميع المناطق، وتمكين اللاجئين والنازحين من العودة الطوعية إلى مناطقهم الأصلية.
وطالبا بالحفاظ على "مصالح المكونات القومية والدينية في البلاد على أساس التمييز الإيجابي لهم، ومنع أي غبن بحقهم سياسيا واقتصاديا وخدميا، وضمان الحقوق التشريعية لهم عبر برلمان ذي غرفتين، تخصص الغرفة الأولى لممثلي الشعب المنتخبين، والثانية لممثلي المناطق والقوميات والأديان، يتم تحديد مهام الغرفتين من قبل مختصين والاستفادة من تجارب الدول الأخرى في هذا المجال".
وقال البيان المشترك إن الحزبين سيعملان على "تشكيل مظلّة قومية جامعة لشعبنا، تضم أحزاباً ومؤسسات وشخصيات مستقلة، والعمل على تثبيت الحقوق القومية للسريان الآشوريين في دستور سورية الجديد، إضافة إلى العمل على وقف نزيف الهجرة وتأمين الشروط المناسبة لعودة النازحين واللاجئين من السريان إلى مدنهم وقراهم وبشكل خاص منطقة الخابور التي تحتاج إلى إعادة إعمار وبجهود محلية ودولية.
ووقع البيان عن حزب الاتحاد السرياني الرئاسة المشتركة المكونة من نظيرة كورية، وسنحاريب برصوم، وعن المنظمة الآثورية الديمقراطية، مسؤول المنظمة داوود داود.
وقال مسؤول العلاقات الخارجية في المنظمة الآثورية الديمقراطية كبرئيل موشي كورية لـ"العربي الجديد" إن الاتفاق يلخص رؤية الحزبين لشكل سورية المستقبلية، إضافة إلى التوافق على خطة عمل مشتركة للحزبين خلال المرحلة المقبلة، مشيراً إلى أنه جرى الإعلان عن الاتفاق في عيد "اكيتو" (رأس السنة البابلية الآشورية) الذي يرمز إلى الانبعاث والتجديد، إذ تشهد سورية اليوم حالة من الاستعصاء السياسي، ما يستدعي مزيداً من الحوارات بين جميع مكونات الشعب السوري.
من جانبه، قال القيادي في حزب الاتحاد السرياني، جورج يوسف، لـ"العربي الجديد"، إن احتفالات عيد "أكيتو" هذا العام شاركت فيها جميع مكونات المنطقة، والاتفاق الذي جرى بين حزب الاتحاد السرياني والمنظمة الآثورية يعتبر انطلاقة جديدة للعمل المشترك بين الحزبين، ويمكن أن يكون مثالاً يحتذى لبقية المكونات للعمل المشترك وفق الأهداف التي نص عليها الاتفاق بين الجانبين.
جدير بالذكر أن المنظمة الآثورية تعمل في إطار الائتلاف الوطني السوري خلافاً لحزب الاتحاد السرياني الموالي للإدارة الذاتية الكردية. ولا يشكل السريان نسبة كبيرة من سكان سورية، خاصة مع هجرة أعداد كبيرة منهم خارج البلاد خلال السنوات الماضية.