قال باحث إسرائيلي إن حكومة الاحتلال بزعامة بنيامين نتنياهو قطعت شوطاً كبيراً في تطبيق مخطط "القدس الكبرى"، الهادف إلى توسيع حدود بلدية الاحتلال في المدينة على حساب أراضي الضفة الغربية، وتحويل الوجود الفلسطيني في الأراضي التي احتلت عام 67 إلى كانتونات متناثرة.
وأشار أفيف تيترسكي، الباحث في جمعية "عير عميم"، التي تعنى بمراقبة السياسة الإسرائيلية في القدس المحتلة، إلى أن استكمال تطبيق المخطط سيقسم الحاضرة الفلسطينية الممتدة من بيت لحم في الجنوب إلى رام الله في الشمال إلى خمسة كانتونات.
وفي تقرير أعده ونشره موقع "سيحا مكوميت"، أضاف تيترسكي أن إسرائيل استغلت دعم إدارة الرئيس الأميركي الخاسر في انتخابات نوفمبر، دونالد ترامب، وتجاهل العالم لمراقبة سياساتها، في إلحاق دمار كبير بمقومات حياة الفلسطينيين في القدس المحتلة خلال عام 2020.
وأشار إلى أن حكومة نتنياهو عمدت خلال 2020 إلى تكثيف مشاريعها الهادفة إلى "ضم محيط القدس الشرقية عمليا إلى إسرائيل وفصله عن حاضرته الفلسطينية"، عبر بناء المستوطنات، وزيادة وتيرة سياسة تدمير المنازل "بشكل غير مسبوق".
وحسب الباحث الإسرائيلي، فقد استغل نتنياهو الخطة الأميركية لتسوية القضية الفلسطينية المعروفة بـ "صفقة القرن" وأصدر بعد شهر من الإعلان عنها قراره بالشروع في تدشين ثلاثة مشاريع استيطانية "مدمرة جدا" في منطقة القدس، وتحديدا في مستوطنات "جفعات همتوس" و"جبل أبو غنيم" و"E1".
حكومة نتنياهو عمدت خلال 2020 إلى تكثيف مشاريعها الهادفة إلى "ضم محيط القدس الشرقية عمليا إلى إسرائيل وفصله عن حاضرته الفلسطينية
وأوضح أن الهدف من المشروعين الاستيطانيين في "جبل أبو غنيم" و"جفعات همتوس" الواقعتين جنوب شرق المدينة، هو إيجاد حاجز يمنع ربط شرق القدس بمناطق جنوب الضفة وبيت لحم؛ في حين هدف المشروع الاستيطاني في "E1" إلى فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، من خلال الربط بين مستوطنة "معاليه أدوميم" وشرق القدس؛ مما يكرس نظام الكانتونات الفلسطيني في الضفة الغربية.
إلى جانب ذلك، فقد أنفقت إسرائيل خلال 2020 مليارات الشواكل (عملة إسرائيلية)، في تدشين الطرق التي تصل القدس بالمستوطنات المنتشرة في محيطها وأرجاء الضفة الغربية، حسب تيترسكي.
وشدد التقرير على أن دعم إدارة ترامب للسياسات الإسرائيلية أسهم في تقليص تأثير الانتقادات الأوروبية للسياسات الاستيطانية في القدس، منوها إلى أنه، في المقابل، نجحت إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، على مدى ثماني سنوات، في منع نتنياهو من تنفيذ مخططاته في شرق القدس ومحيطها.
ويجزم بأن ما تقوم به إسرائيل في القدس ومحيطها يدل على أنها "لم تعد معنية بتحقيق السلام وإنهاء سيطرتها الإجبارية على الفلسطينيين".
وتهدف السياسات الإسرائيلية، كما يرى تيترسكي، إلى معالجة "التهديد الديموغرافي" الذي يمثله الفلسطينيون في القدس، الذين يبلغ عددهم 340 ألف نسمة ويشكلون 38% من تعداد إجمالي قاطني المدينة. مشيرا إلى أن إسرائيل ليس بوسعها التسليم ببقاء هذه النسبة؛ وهو ما دفعها إلى استغلال "صفقة القرن" في إخراج الأحياء التي يقطنها 120 ألف مقدسي من حدود القدس وجعلها خارج جدار الفصل.
وقد منحت خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة بـ"صفقة القرن" إسرائيل، كما لاحظ تيترسكي، الفرصة لتجزئة القدس الشرقية إلى معازل، ولتطبيق استراتيجية "الطرد الصامت"، عبر دفع الفلسطينيين إلى العيش في الأحياء الواقعة خارج جدار الفصل، مشددا على أن أهم الوسائل التي تتبعها إسرائيل في تنفيذ سياسة "الطرد الصامت" هو رفض منح الفلسطينيين تصاريح للبناء.
إلى جانب ذلك، فإن القرارات الصادرة عن الجهاز القضائي الإسرائيلي تلعب دورا مهما في تمكين حكومة نتنياهو من تنفيذ سياساتها، عبر الموافقة على الالتماسات التي تقدمها المنظمات الاستيطانية التي تطالب بطرد المقدسيين من بيوتهم، لا سيما في بلدة سلوان، كما يصف تيترسكي.
وانتقد التقرير بشكل خاص إسرائيل لتخليها عن عشرات الآلاف من المقدسيين الذين أجبرتهم على العيش في الأحياء الواقعة خارج جدار الفصل، ولم تقدم لهم الخدمات الطبية في ظل مواجهة تفشي وباء كورونا.
وأبرز دور الواقع الإسرائيلي الداخلي في توفير بيئة سمحت بتكثيف المشاريع الاستيطانية في القدس، مشيرا إلى أن نتنياهو وظفها في الحفاظ على قاعدة الدعم السياسي له، في حين لم تحرك قوى اليسار والوسط في إسرائيل ساكنا في مواجهة ذلك.