استمع إلى الملخص
- هيئة الانتخابات التونسية تستعد لإعلان قائمة المترشحين، مع بروز زهير المغزاوي ومنذر الزنايدي بتزكيات نيابية، مما أثار استغراب المتابعين وغضب أنصار سعيّد.
- ردود الفعل تضمنت غضب مناصري سعيّد واعتبار تصرف النواب غير مفهوم، بينما رأى آخرون أن الاختلاف يجب أن يكون مقبولاً، مع تحليلات تشير إلى أن التصرف قد يكون مدروساً.
فاجأ عدد من نواب البرلمان التونسي من أنصار الرئيس، قيس سعيّد، بتزكية منافسين له للترشح ضده في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ما أحدث جدلاً حول جنوحهم نحو معارضة الرئيس عند نهاية ولايته رغم التهديد بسحب الوكالة منهم. ولم يبقَ سوى شهرين على الانتخابات المقررة في 6 أكتوبر/تشرين الأول، التي تُعَدّ مفصلية بالنسبة إلى مسار "25 جويلية"، الذي أطلقه سعيّد في 25 يوليو/تموز 2021 والمرتهن بالتجديد له بولاية ثانية، في وقت يعد غالبية المرشحين المعارضين في حال فوزهم بغلق هذا المسار الذي يعتبرونه "انقلاباً" وإعادة تونس إلى قاطرة الديمقراطية.
ويُنتظر أن تعلن هيئة الانتخابات، اليوم السبت، القائمة الأولية للمترشحين المقبولين من نحو 17 كانوا قد تقدموا بملفات ترشحهم، لكن بعضها يعاني من نقص في عدد التزكيات الشعبية، وأخرى من بطاقة السوابق العدلية، ليبرز مترشحان منافسان للرئيس قيس سعيّد تقدما بتزكيات نيابية، ما أثار استغراب المتابعين للبرلمان الذي يوصف من قبل المعارضين بمساندته التامة لسعيّد وولائه له.
وعلاوة على تقديم الأمين العام لحركة الشعب، زهير المغزاوي، لتزكيات نواب بمجلس الشعب باعتبار أن الحزب ممثل في البرلمان في كتلة الخط الوطني السيادي التي تضم 15 نائباً، تفاجأ المتابعون بإعلان المحامية ليلى وسلاتي، محامية الوزير السابق الموجود في الخارج منذر الزنايدي، بأنه تقدم بتزكية مجموعة من النواب، بالإضافة إلى جمعه أكثر من 23 ألف تزكية شعبية. ورافق إعلان الوسلاتي بتزكية 10 نواب للزنايدي غضباً غير مسبوق في أوساط أنصار سعيد ومسانديه على مواقع التواصل الاجتماعي، بلغت حد وصف المزكين بـ"خيانة الرئيس سعيد والتنكر لمسار 25 جويلية الذي أوصلهم إلى عتبات البرلمان" ومهددين بسحب الوكالة منهم.
واعتبر رئيس المكتب السياسي لمسار "25 جويلية"، عبد الرزاق الخلولي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "غضب مناصري المسار ومساندي الرئيس قيس سعيّد باعتباره مرشحاً اليوم، هو غضب مفهوم باعتبار أن هؤلاء النواب ترشحوا على أساس مسار 25 جويلية ومساندة الرئيس ومساره، وحملاتهم الانتخابية قامت على ذلك واعتمدت على خطابات الرئيس وأهداف المسار"، وأضاف: "هناك تقريباً 30 نائباً قاموا بتزكية شخصيتين، هما زهير المغزاوي، وتزكيته مبررة، باعتبار أن لديه مجموعة نواب حزبيين، ولكن تزكية منذر الزنايدي غير الموجود أصلاً في تونس، وتزكيته عبر وسطاء اتصلوا بالنواب، أمر غير مفهوم"، مشيراً إلى أن "هناك نحو 12 نائباً قاموا بتزكية الزنايدي".
وقال الخلولي إنّ "من المؤسف أن هؤلاء النواب قدموا أنفسهم على أساس أنهم داعمون للمسار، ولكن بعد انتخابهم لاحظنا سلوكاً مصطنعاً غير طبيعي، حيث يريدون إظهار معارضتهم للرئيس وللمسار وتصريحاتهم تتناقض مع البرنامج الذي قدموه في الحملة الانتخابية"، مبيناً أن"هؤلاء النواب موجودون في منظومة مهددة اليوم من قبل منذر الزنايدي، المترشح المزكى من طرفهم، والواضح أن برنامجه إرجاع دستور 2014 ومسح المنظومة التي قامت بعد 25 يوليو 2021، وبالتالي من غير المفهوم كيف يفكر هؤلاء النواب"، مضيفاً أن "هؤلاء النواب غير مسؤولين، وستتم مساءلتهم من طرف الشعب، وفي القريب العاجل ستتم الدعوة إلى سحب الوكالة والثقة منهم، خصوصاً بعد أن كُشفت أسماؤهم".
وقال المتحدث باسم حركة الشعب، أسامة عويدات، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "دعوات سحب الوكالة المتداولة كلها موجهة ضد من زكى منذر الزنايدي، باعتبار ما قيل عن انتمائه السابق (إلى التجمع الدستوري الديمقراطي قبل الثورة)"، معتبراً ذلك "يتنافى مع فكرة الاختلاف مهما كان، فنائب بالبرلمان له تصورات وقناعات وربما يعتبر أن قناعاته تتقاطع مع شخص آخر، وبالتالي هي مسألة لا تتطلب سحب الوكالة، علماً أن آلية سحب الوكالة تتعلق بعدم خدمة النائب لجهته وتنكره لوعوده الانتخابية"، متسائلاً عما "إن كانت وعوده الانتخابية تتضمن دعماً لشخص أو غيره". وبيّن عويدات أنه "لا يجب شيطنة النواب لعدم تزكية سعيّد وتزكية شخصيات منافسة له، فليس مطلوباً أن يكون جميع النواب قوالب متشابهة، فالتقاطعات بين النواب بسبب أفكارهم واختلافهم تمكّن من بناء مؤسسة مبنية على الاختلاف قاعدة أساسية للتطور".
ويخالف المحلل السياسي نور الدين الغيلوفي الرأي السابق، وقال في حديث لـ"العربي الجديد" إنه يعتقد أن "الأمر مدروس وتصرف النواب كان بإذن من سعيّد. ذاك لزوم المسرحية"، وفسّر بأن "سعيّد كان يراهن على أن يقاطع الناس العملية الانتخابية، ولمّا أصروا على المنافسة ارتبكت خطّته. هؤلاء النواب مكلَّفون بمهمة، وخشيته ليست من المغزاوي ولا الزنايدي، بل على العكس من ذلك خشيته من عدم المرور إلى عهدة ثانية". واستنتج الغيلوفي أنه "لا يوجد في ما حصل معارضة لسعيّد ولا شيء"، معتبراً أن "مشاركة المغزاوي صورية في العملية من باب إضفاء شرعية على الانتخابات". وحول التهديد بسحب الوكالة من النواب المزكين للزنايدي، قال الغيلوفي: "مجرد تخويف فقط من باب الاحتياط للمستقبل".