طالبت نحو 26 جمعية تونسية وأكثر من 100 شخصية وطنية، اليوم الجمعة، بتفعيل تقرير محكمة المحاسبات حول الانتخابات التشريعية عام 2019، وإسقاط القائمات الانتخابية وسحب صفة النائب عن المخالفين للقانون وإجراء انتخابات جزئية لتعويضهم.
وأكدت نائبة رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، أميمة جبنون، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن تقرير دائرة المحاسبات أثبت بالوثائق وبيّن بالمعطيات الموضوعية تجاوز عديد من القائمات والمترشحين ونواب في مجلس الشعب الحالي للإنفاق في الحملات الانتخابية، واعتماد طرق غير قانونية للوصول إلى البرلمان وإلى السلطة.
وبيّنت أنه من المفروض أن تفعّل محكمة المحاسبات القانون وأن تصدر تقريرها في آجال معقولة حتى يتم اتخاذ الإجراءات في وقتها وتفادي هذه التجاوزات، مشددة على أن عدداً من النواب الذين وصلوا إلى السلطة التشريعية أو إلى الحكم استعملوا مالاً سياسياً يمكن أن يكون فاسداً أو بتبييض الأموال واستغلال قنوات تلفزية وإذاعية وجمعيات خيرية، ما أخل بمبدأ تكافؤ الفرص بين المترشحين للانتخابات.
وأضافت أن هذه التجاوزات للقانون الانتخابي تمثل طعنة أخرى لتجربة الانتقال الديمقراطي في تونس، وأن المنظمات والشخصيات الموقعة تطالب بتفعيل تقرير محكمة المحاسبات وتنفيذ القانون على الجميع دون تمييز وفي كنف المساواة من خلال محاسبة من قاموا بتجاوزات قانونية من خلال تغريمهم وسحب صفة النائب وإعادة انتخابات تشريعية جزئية لتعويض المخالفين.
واعتبرت المتحدثة أن "غياب الإرادة السياسية هو سبب عدم تفعيل هذا التقرير وما جعل القضاء لا يحرك ساكناً أمام السياسيين والنواب، في وقت تسجل الرابطة بكل أسف موجة إيقافات عشوائية بقرابة 1200 موقوف من عموم المواطنين، من بينهم 30 في المائة من القصر، وحركية غير عادية في المحاكم وإيداعات سريعة في السجون وإيقافات بالجملة في سجوننا التي تعيش بطبيعتها اكتظاظاً غير مسبوق".
وطالبت المنظمات والشخصيات في بيانها المشترك "بالعمل الفوري على تنفيذ مخرجات تقرير محكمة المحاسبات حول الانتهاكات الجسيمة المُسجّلة أثناء الحملة الانتخابية لاستحقاقات 2019" وتنظيم انتخابات تشريعية جزئية "لتعويض النواب غير الشرعيين".
وفي وقت سابق، اليوم الجمعة، اعتبرت هذه الجمعيات في رسالة مفتوحة وجهتها إلى رئيس محكمة المحاسبات، نجيب القطاري، ووكيل الجمهورية، أن هذه الانتهاكات "ترقى إلى مستوى الجريمة، ما من شأنه أن يُفضي إلى الحكم بنزع صفة النائب عن عشرات أعضاء مجلس النواب الحاليين، فضلًا عن عقوبات أخرى يضبطها القانون وينطق بها القضاء".
وأكد الموقعون على هذه الرسالة أنه "أصبح بالإمكان نزع الشرعية عن عشرات الأعضاء غير النزهاء، اعتماداً على تقرير محكمة المحاسبات، مبينة أن المجلس النيابي في شكله الحالي أصبح "عاراً على شعب تونس الذي ضحّى بالعشرات من أبنائه من أجل برلمان يمثله تمثيلاً صادقاً ونزيهاً".
ومن بين الجمعيات الموقعة على هذه الرسالة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والمرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة، وجمعية يقظة، والنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين وائتلاف صمود ورابطة الناخبات.
يذكر أن محكمة المحاسبات التونسية أعلنت في تقريرها النهائي رصدها خلال عملها الرقابي على الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها والانتخابات التشريعية لسنة 2019، العديد من الإخلالات التي شابت الحسابية المالية للمترشحين وشرعية الموارد ومجالات إنفاقها وعدم الإفصاح عن مصادر التمويل واستعمال مال مشبوه غير مصرح به في الحملات الانتخابية وعدم احترام أحكام مرسوم الأحزاب.
وتمّ التنصيص على أنّ الإخلالات المرصودة تؤدي بالضرورة إلى حرمان القائمة أو المترشح المخل، من منحة استرجاع المصاريف الانتخابية كلياً أو جزئياً، وهو ما ستقوم به مختلف الهيئات الحكمية للمحكمة.
واعتبرت محكمة المحاسبات أن الحسابية المالية للمترشحين للرئاسية وللتشريعية لم تكن دائماً مضبوطة، من ذلك أن 347 قائمة مترشحة للتشريعية لم تقدم حساباتها ولم تلتزم بمبدأ الشفافية الذي أقره القانون الانتخابي ولم تلتزم 23 قائمة تشريعية بنشر مختصر لحساباتها بجريدة يومية وينسحب الأمر ذاته على ثمانية مترشحين للرئاسية.