عبّر الرئيس التونسي، قيس سعيّد، أول من أمس الخميس، عن رفضه مشاركة ملاحظين أجانب في مراقبة الانتخابات، مدعياً أن بلاده لها كامل الإمكانيات لإجراء الانتخابات بمفردها، وسط مخاوف من المعارضين من تزييف نتائج الاستشارة والانتخابات.
وقال سعيّد أثناء مراسم أداء أعضاء هيئة الانتخابات التي عينها اليمين الدستورية أمامه في قصر قرطاج: "اقترحوا إرسال مراقبين، رفضنا، فنحن لسنا دولة محتلة"، مضيفاً "قالوا سنساعدكم في صياغة القانون الانتخابي، فقلنا لهم نحن من يساعدكم".
وتساءل قائلا "ألم ترسلوا مراقبين، من قبل وأرسلتم برقيات التهاني وأنتم تعلمون أنها انتخابات مزيفة؟". وعرفت تونس مشاركة مراقبين أجانب وأمميين في مختلف المحطات الانتخابية خلال العشر سنوات الماضية وأشادوا في تقاريرهم بنزاهتها وديمقراطيتها.
ويخشى معارضون أن تكون خطوة سعيّد تغييب المراقبين والملاحظين الدوليين محاولة منه لتمرير خياراته في الاستفتاء الذي سيعدل النظام السياسي، بناءً على نتائج الاستشارة الوطنية المعلن عن نتائجها في 20 مارس/ آذار الماضي والتي قوبلت برفض غير مسبوق من الطيف السياسي المعارض، بينما يصر هو أنها "ناجحة".
واعتبر معارضون أن رفض وجود الملاحظين والمراقبين الدوليين يعكس خشية سعيّد من المتابعة الدولية للعملية الانتخابية ونوايا تغيير إرادة الناخبين.
وقال رئيس "الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات" (عتيد)، بسام معطر، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "حضور الملاحظين الدوليين أو المحليين فيه أهمية كبرى للعملية الانتخابية، تتجلى في التقارير التي يصدرونها"، مشيراً إلى أنه "باعتبارهم محايدين عن العملية السياسية فإن تقاريرهم تكتسي مصداقية كما أن لديهم من المشروعية أن يلاحظوا كل شيء سلبي يحدث كما أنهم يثمنون أي شيء إيجابي".
وشدد معطر على أن "دورهم يتمثل في إعطاء أكثر مصداقية على العملية الانتخابية، كما أن الناخب أو المواطن بعد اطلاعه على تقارير الملاحظين المحليين أو الدوليين تتكون له فكرة حول حياد هذه الانتخابات ونزاهتها وشفافيتها وديمقراطيتها".
وأكد معطر أن الجمعية التي يترأسها "لديها تجارب هامة في عملية الملاحظة الانتخابية وشهدنا أن المواطن عند اطلاعه على التقارير تتكون له فكرة وتشجعه للقيام بواجبه الانتخابي"، قائلا إن "المقصود هو الملاحظ وليس المراقب، فدورنا ملاحظة سلامة العملية الانتخابية وليس التدخل فيها، والملاحظون الدوليون أو المحليون يتابعون الانتخابات ثم يعدون تقاريرهم من دون تدخل في مسارها".
وأشار إلى أن "عملية ملاحظة الانتخابات معمول بها في أغلب دول العالم، خاصة في الدول الديمقراطية، ونحن الملاحظون التونسيون تتم دعوتنا لملاحظة الانتخابات في دول أخرى وذلك لإعطاء مصداقية وشرعية أكبر على العملية الانتخابية".
وأكد معطر "نحن لا نبحث عن مقبولية الانتخابات عند الدول الأجنبية، ولكن نبحث عن تثمين صورة الديمقراطية عبر الملاحظ الأجنبي"، لافتاً إلى أنه في "الديمقراطية ليس لدينا ما نخفيه، بل بالعكس يجب تثمين التجربة وتوفير كل أسباب نجاحها ففي النهاية الملاحظ الدولي أو المحلي سيكون مرآة أخرى بصورة أكثر موضوعية ونزاهة".
وكان سعيّد قد أصدر مرسوماً، الإثنين الماضي، كشف فيه التركيبة الجديدة للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، والتي يترأسها القاضي فاروق بوعسكر.
وأكد سعيد أنّه "سيوفر كل ما يلزم الهيئة لتقوم بدورها باستقلالية تامة"، مشدداً على أنّ تونس تمتلك "كل الإمكانيات والخبرات الصادقة".
وتابع "لا نريد استفتاء كاستفتاء 2002 (زمن الرئيس الراحل زين العابدين بن علي) بل نريد استفتاء تونسيا يعبر عن إرادة الشعب ولدينا كل الإمكانيات والخبرات الصادقة".
وشدد سعيد على أنّ الاستفتاء المقرر في 25 يوليو/ تموز سيأتي "ليدحض كل الأكاذيب والأراجيف التي يروّجها خصومه"، مشددا بالقول "لن نتراجع أبداً عن الاختيارات التي عبّرت عنها، وعبّر عنها الشعب يوم 25 يوليو/ تموز الماضي"، معتبراً أنّ "جمهورية جديدة ستُبنى على هذا الاستفتاء".
والجمعة، عبرت جمعيات نسوية عن "استنكارها الشديد للمسار الذي تنتهجه رئاسة الجمهورية في علاقة بهيئة الانتخابات من تفرد في التعيين والعزل لأعضائها من جهة ولعدم احترام مبدأ التناصف من جهة أخرى".
واعتبرت في بيان لها أنه "أمام تواصل غياب حوار جدي وواضح المعالم مع منظمات المجتمع المدني أصبحنا في حالة فرض الأمر الواقع، جاء المرسوم المعدل لهيئة الانتخابات ممددا أربع سنوات أخرى، أي بعد استكمال جميع المحطات الانتخابية التشريعية منها والرئاسية وقد تشمل حتى الانتخابات البلدية، عوض أن تكون وقتية وتنتهي مدتها بانتهاء المسار الانتخابي القادم، مما قد يؤثر في إرادة الناخبين".
وورد في البيان كذلك "علاوة على انتفاء صفة الاستقلالية عن الهيئة الجديدة بحكم تعيين أعضائها وعزلهم من قبل رئاسة الجمهورية حصرا، فإن الغياب الملفت للنساء عن تركيبة هذه الهيئة يترجم السياسة الذكورية التي تنتهجها مؤسسات الدولة وما تحمله من تمييز وإقصاء تجاه النساء ونبذ لمبادئ التناصف والمساواة بين المواطنين والمواطنات".