أطلق نحو 80 شخصية عامة بين جامعيين ومثقفين ومحامين وحقوقيين وفنانين نداء للرئيس التونسي قيس سعيّد، والرأي العام التونسي والخارجي، "للعودة للشرعية الدستورية" والتراجع عن الانقلاب على الدستور، ووقف خرق بنوده سريعا.
وقال الوزير السابق ورئيس المعهد العربي للديمقراطية خالد شوكات في تصريح لـ"العربي الجديد"، باعتباره أحد مطلقي هذا النداء، إن "الأزمة التي وصلنا إليها واتخذت ذريعة لإعلان الإجراءات الاستثنائية هي ذريعة تتحمل جميع الأطراف مسؤوليتها خلافا لمحاولة الإيحاء بأن طرفا بعينه يتحمل وحده المسؤولية، مثل البرلمان أو حركة النهضة أو غيرها".
وتابع شوكات "هذه الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية يتحمل رئيس الجمهورية جزءا من المسؤولية فيها؛ فقد اتخذ جملة من الإجراءات الخاطئة، من قبيل رفض أداء الوزراء لليمين وتعطيل قانون المحكمة الدستورية وعدم محاورة الأطراف السياسية وإيجاد حل من داخل المؤسسات الدستورية".
ومضى قائلا: "نحن نعترض أيضا على شكل القرارات التي اتخذها الرئيس في تقديرنا لاعتبار أن هناك خرقا وتعسفا على الدستور، لأن الفصل 80 لا يعطي الحق لرئيس الجمهورية ليفعل ما فعل، وقد استغل غياب المحكمة الدستورية معتمدا على القوة لتمرير هذه القرارات، لا على القانون وفقه القضاء الدستوري".
وبيّن المتحدث أنه "ليس هناك فعلا ما يهدد سير دواليب الدولة وليس هناك خطر داهم، وكذلك لا يحق لرئيس الجمهورية لا حل الحكومة ولا تعطيل البرلمان ولا الاستحواذ على جميع السلطات، وكل هذا يتناقض مع روح الدستور".
وشدد على أنهم يعتبرون أن ما حدث "ضرب للثورة وللمسار الديمقراطي وخروج عن الشرعية الدستورية ولا بد من تصحيح ذلك".
وأعلن الموقعون على النداء رفضهم "القطعي لهذا الانقلاب على الدستور، وضرورة إنهاء التدابير الاستثنائية المتعسفة التي أعلن عنها الرئيس والعودة إلى الشرعية الدستورية واستئناف مجلس النواب لعمله". مشددين على أن "تلك الإجراءات تُعدُّ خرقا جسيما للدستور وانقلابا عليه وعلى مقتضياته"، بحسب الوثيقة.
وبينوا أن "تجميع رئيس الجمهورية السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية بين يديه يُعدُّ مخالفة صريحة لمبدأ الفصل بين السلط الذي أقرّه الدستور التونسي وكل الدساتير الديمقراطية".
كما حذروا "من أن يؤدي هذا الاستحواذ على كل سلطات الدولة إلى إقامة نظام استبدادي والقضاء على مكسبين هامين من مكاسب الثورة في 2011، وهما الحرية والديمقراطية"، ونبهوا إلى أن "المؤشرات الأولى على هذا الانحراف بالسلطة نحو الاستبداد بدأت تظهر بشكل واضح".
كما عبروا عن تخوّفهم الشديد "من التعديات المتتالية على الحريات الفردية وحقوق الإنسان وعلى حرية الإعلام، إثر التجاوزات الخطيرة في حق قنوات إعلامية ومراسلين أجانب ومدونين وسياسيين".
وشدّدوا على أن "غياب حكومة قادرة على إعداد مشروع قانون ميزانية الدولة لسنة 2022 في هذا الظرف الدقيق، دون إيجاد حل عاجل لأزمة المالية العمومية، سيؤدي حتما إلى مزيد تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي".
وأعرب أصحاب النداء عن قلقهم "الشديد من المصير المجهول الذي ينتظر البلاد في غياب حكومة ومؤشرات واضحة على الاستعداد لاسترجاع سريع للسير العادي لدواليب الدولة"، داعين إلى "حوار بناء من أجل معالجة الأزمة المركبة التي تعيشها تونس والاتفاق على خطة عمل تمكن البلاد من استئناف تجربتها الديمقراطية".