أكدت جبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس أن استهداف الرئيس التونسي قيس سعيد للقضاء "محاولة لوضع اليد على الدولة وتصفية الخصوم السياسيين"، مضيفة أن استهداف السلطة القضائية كان منذ 25 يوليو/ تموز "في إطار مخطط انقلابي انطلق بعدم ختم قانون المحكمة الدستورية".
وأضافت الجبهة، في مؤتمر صحافي مساء اليوم الجمعة، أن "القضاة قادرون على خوض معركتهم باقتدار، ولكن لا بد من التصدي للانقلاب وتوحيد الجهود والتصعيد عبر وقفات في كافة المحافظات".
وقال عضو مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" جوهر بن مبارك، إن "هذه الندوة تأتي بسبب ممارسات الانقلاب، لأن قيس سعيد لم يستهدف القضاء الآن، بل كان ذلك منذ ما قبل الانقلاب بعدم إرساء المحكمة الدستورية، وعدم ختم قانون المحكمة، مدعياً انقضاء الآجال، ثم بادر بحل الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين لإزاحة أي منافسة أمامه، وليسهّل على نفسه وضع النصوص على مقاسه الخاص".
وبين أنه "توجّه بعد ذلك إلى القضاء العسكري ووظفه بطريقة لم يوظف مثلها سابقاً، إذ إنه وفي 10 أشهر أحال مدنيين، وخصوماً سياسيين، على القضاء العسكري وبشكل مكثف غير مسبوق"، مضيفاً أنه "تجرأ على المجلس الأعلى للقضاء بتغيير تركيبته رغم أنه هيئة منتخبة، وكان يدعي أن المجلس انتخب في شكل محاصصات حزبية، في حين أن المجلس يتكون من قضاة منتخبين، وبعد ذلك ضغط على دائرة المحاسبات لتصفية البرلمان ووضع مؤسسات على مقاسه" .
وأكد بن مبارك، في تصريح لـ"العربي الجديد"، توجّه جبهة الخلاص إلى "التصعيد من خلال التحركات في الجنوب التونسي بمدنين وتطاوين، وستكون هناك تحركات في جلّ المحافظات الأخرى للدفاع عن الديمقراطية، وحماية تونس من الانقلاب".
وأوضح أن "تسلط قيس سعيد على القضاء ليس من أجل القضاء، بل لتوظيفه من أجل السيطرة على الخصوم والسيطرة على البلاد، وبالتالي فالمعركة اليوم هي للدفاع عن مكاسب الثورة".
وقال العميد السابق للمحامين عبد الرزاق الكيلاني إن "قرار إعفاء 57 قاضياً تم في دوس تام لحق الإنسان وحق المواطن في الدفاع على نفسه باعتبار أنه تم حرمان القضاة المعفيين من الطعن"، مبيناً أنه "حتى في عهد (الرئيس المخلوع زين العابدين) بن علي لم تكن الإعفاءات تتم بهذه الطريقة المهينة.. الانقلاب بصدد القيام بممارسات وتجاوزات مفضوحة".
وأوضح أن هناك "شعوراً بالظلم والقهر بسبب الإعفاءات التي تمت، لأن ما حصل لم يحصل في أي جمهورية، ولا حتى في الدكتاتوريات"، مؤكداً أن "سعيد ماض في مشروعه الانقلابي".
وأكد السياسي والمحامي سمير ديلو، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "ما يقع في المشهد العام يندرج ضمن تغول السلطة التتفيذية وسعيها للسيطرة على كل السلطات والمؤسسات"، مبيناً أن "المسار انطلق بغلق البرلمان وحله، وها هو مستمر في ضرب كل الهيئات الشرعية والمنتخبة، وصولاً إلى الهجمة الأخيرة على القضاء".
ولفت ديلو إلى أن "المسار الانقلابي شمل اتحاد الفلاحين الذي يشهد حالياً حصاراً وانقلاباً على هيئته الشرعية، وهذا المسار لن يتوقف إلا بالقضاء على كل المؤسسات والأحزاب والمنظمات"، مضيفاً أن "المرسوم 35 جاء لمزيد التغول، لأن سعيد لم يكتف بالإعفاء الخاص بالقضاة، بل أراد إعداما جماعيا للقضاة دون أي إمكانية أمامهم للطعن، وكان لهذا العزل تداعيات أخلاقية ومادية ومعنوية، خاصة وأن القضاة عزلوا لمواقفهم ورفضهم تنفيذ التعليمات، وهو ما سبب ردة فعل قوية من النظام" .
وطر المتحدث ذاته أن "الخروج من هذا المأزق صعب، والوضع يزداد تعقيداً، وستكون له شروط وثمن، ومن الضروري مزيد الضغط بواسطة الشارع لإسقاط الانقلاب".