تبدأ، الأربعاء، بشكل رسمي، محادثات الجولة الـ16 من مسار أستانة السوري في العاصمة الكازاخية، بحضور ممثلي الثلاثي الضامن لتفاهمات هذا المسار (روسيا، إيران، تركيا)، ووفدي النظام والمعارضة السورية، والمبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون، وممثلين عن الأردن والعراق ولبنان.
وكانت وزارة الخارجية الكازاخية قد كشفت، في بيان لها، عن أبرز المحاور على جدول أعمال هذه الجولة، التي تستمر يومين، مشيرة إلى أن محادثات الجولة الجديدة ستتطرق إلى ملف المساعدات الإنسانية الأممية، واستئناف عمل لجنة مناقشة الدستور في جنيف، وإجراءات بناء الثقة، بما في ذلك تبادل الأسرى والمعتقلين.
واستبق رئيس وفد النظام أيمن سوسان، والذي يشغل منصب معاون وزير الخارجية، المحادثات بالقول، عبر تصريحات صحافية، إن وفده سيركز على "رفض أي تدخل بالشأن السوري، والتمسك باستقلالية وسيادة سورية، وأن مستقبل سورية هو حق حصري للسوريين، وكذلك على إنهاء الاحتلال، والممارسات الإجرامية التي يقوم بها النظام التركي في سورية"، وفق تعبيره.
من جانبه، أكد وفد المعارضة المشارك في المحادثات، على قناته في "تليغرام"، أن استمرار عمل المعابر الإنسانية "على رأس أجندته"، مضيفاً أنه "من المهم تأمين وصول المساعدات الإنسانية لجميع المناطق"، وأن بقاء المعابر الإنسانية مفتوحة يضمن ذلك.
وأشار الوفد إلى أن "أكثر من أربعة ملايين مواطن سوري في المناطق المحررة هم بأمس الحاجة لاستمرار وصول المساعدات الإنسانية"، مؤكداً أنه "ما زال موقفنا واضحاً مع عملية التهدئة وخفض التصعيد، بينما لا يزال النظام مستمراً في خرق هذا البند بشكل متصاعد"، مضيفاً: "سنواجه روسيا بالخروقات المستمرة والمتصاعدة باتجاه المناطق المحررة".
وفي تصريحات لوكالة "الأناضول" التركية، قال المتحدث باسم المعارضة أيمن العاسمي: "هناك بوادر أمل وحلحلة في قضية المعابر".
وتأتي الجولة الـ16 من مباحثات أستانة قبل أيام قليلة من بدء مداولات مجلس الأمن الدولي لتمديد القرار الدولي الخاص بإدخال المساعدات الدولية إلى سورية عبر معابر خارج سيطرة النظام، خصوصاً معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، عاماً آخر.
وترفض روسيا حتى اللحظة تمرير القرار، وتشترط أن تدخل هذه المساعدات عبر معابر تابعة للنظام مع الأردن ولبنان، وهو ما يجد رفضاً من المجتمع الدولي، الذي يدرك أن موسكو تريد التحكم بالمساعدات الدولية لتحقيق غايات سياسية في سياق محاولات حثيثة، لم تفلح، لإعادة تأهيل النظام إقليمياً ودولياً.
وتأمل الأمم المتحدة في إقناع المجتمعين في العاصمة الكازاخية بالدعوة إلى "جلسة جديدة جادة" من جلسات اللجنة الدستورية المنوط بها وضع دستور جديد للبلاد، وهو ما يرفضه النظام الذي كان قد أجرى "انتخابات رئاسية" أواخر مايو/ أيار الماضي، في تجاوز صارخ للقرار الدولي 2254، الذي كان قد حدّد أواخر عام 2015 خريطة طريق للحل السياسي في البلاد لم تجد طريقها للتطبيق.
وكانت قد عقدت الجولة الـ15 من محادثات أستانة السورية في مدينة سوتشي الروسية، ولم يخرج الثلاثي منها بنتائج مهمة، ما عدا تمديد التهدئة في الشمال الغربي من سورية، والتي تعرضت لتحديات كثيرة مع استمرار الخروقات من قبل النظام والجانب الروسي.
وتبحث المعارضة السورية عن وقف إطلاق نار دائم مع قوات النظام على مختلف خطوط التماس، وتطالب بممارسة ضغوط عليه للانخراط فعلياً في العملية السياسية وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وخصوصاً ما يتعلق بالدستور والانتقال السياسي تنهض به هيئة حكم كاملة الصلاحيات وفق بيان جنيف 1، تضم ممثلين عن النظام والمعارضة.
كذلك تسعى المعارضة إلى تحريك ملف عشرات آلاف المعتقلين في سجون النظام منذ عام 2011، والذي أخذه مسار أستانة على عاتقه، إلا أنه لا يحقق أي اختراق فيه بسبب رفض النظام أي مقاربة لهذا الملف لخشيته من ملاحقات قضائية دولية.