جونسون والأمير تشارلز في رواندا وترحيل اللاجئين "الغائب الحاضر"

23 يونيو 2022
لن يكون سهلاً على جونسون أن يتجاهل الحديث عن خطة رواندا في عقر دارها (Getty)
+ الخط -

من المنتظر أن يلتقي رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بملك بريطانيا المستقبلي تشارلز في رواندا، خلال افتتاح قمة دول الكومنولث، غداً الجمعة، في العاصمة كيغالي، واللقاء "غير الرسمي" هو الأول الذي يجمعهما منذ أن سرّبت صحيفة "ذا تايمز" البريطانية وصف الأمير لخطة رواندا بـ"المروّعة".

وجونسون موجود، اليوم الخميس، في العاصمة كيغالي، لحضور اجتماع رؤساء حكومات الكومنولث، بعد أسبوع من تدخّل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لإيقاف ترحيل ثمانية لاجئين كان من المفترض أن يكونوا اليوم في رواندا يواجهون مصيراً مجهولاً.

وإن كان قصر "كلارنس هاوس" قد سارع للتعليق على ما نشرته "ذا تايمز" على لسان الأمير، فإنه لم ينفِ صفة "المروّعة"، مكتفياً بإعادة التأكيد على أنّ تشارلز ما زال "محايداً" سياسياً، وأن "المسائل السياسية متروكة للحكومة". لكنّ واقع الحال يعكس بوضوح أنّ لدى تشارلز موقفاً سياسياً واضحاً، وآراء قوية في مجمل القضايا، لا سيما البيئية والاقتصادية، ويُرجّح أن يكون ملكاً سياسياً أكثر من والدته الملكة إليزابيث. وهذه الزيارة هي الأولى للأمير تشارلز إلى رواندا ولجونسون منذ تولّيه رئاسة الوزراء.

وتجمع القمة، التي ستستمر لثمانية أيام، بعدما كانت مرتقبة أساساً في يونيو/حزيران 2020 لكنها تأجلت عدة مرات بسبب جائحة كورونا، 54 دولة، في وقت تبدو فيه العلاقة متوترة بين دول الكومنولث والمملكة المتحدة.

وفي سياق القمة، أعلن متحدّث باسم "داونينغ ستريت"، اليوم الخميس، عن لقاء جمع جونسون بالرئيس الرواندي بول كاغامي، جرى خلاله الحديث عن "أهمية قمة الكومنولث في مواجهة التحدّيات العالمية الملحّة"، كما هنّأ جونسون الرئيس كاغامي على "التنمية الاجتماعية والاقتصادية الاستثنائية التي حقّقتها رواندا في غضون بضعة عقود فقط"، ورحّب بـ"الموقف الأخلاقي الذي اتّخذته رواندا إزاء الحرب على أوكرانيا".

وأشاد جونسون خلال اللقاء بـ"الشراكة الناجحة المتعلقة بخطة رواندا، دون المرور بتفاصيلها الدقيقة، ودون التطرّق إلى الرحلة المقبلة، التي أعلنت وزيرة الداخلية بريتي باتيل عن بدء التحضير لها. وأعاد جونسون التذكير بأنّ هذه الشراكة "تتصدى لعصابات التهريب الخطيرة، وتتيح لطالبي اللجوء بناء حياة جديدة في بلد آمن".

وكان "داونينغ ستريت" قد أعلن عن عدم نيّة جونسون القيام بزيارة لمراكز إيواء اللاجئين في كيغالي، مع أنّ القمة لا تبعد سوى بضعة أميال عن مركز الاحتجاز، متذرعاً بـ"الوقت الضيق الذي يريد تكريسه لبرنامج القمة الذي يبحث قضايا بالغة الأهمية".

وينظر إلى هذه الخطوة على أنها محاولة لتخفيف التوتر مع الرأي العام البريطاني حول قانونية خطة رواندا، أي أنّ جونسون لن يعطي خطة رواندا "المروّعة" كبير اهتمام خلال الزيارة الأولى له، كما أنه لم يصنّفها ضمن القضايا "بالغة الأهمية" التي سيبحث فيها كالأوضاع في أوكرانيا والصفقات التجارية والاقتصادية والتغيّر المناخي وتعليم الفتيات.

من جهة أخرى، لم يتحدث جونسون في تغريدة له هذا الصباح عن خطة رواندا، واكتفى بالقول إنه وصل إلى كيغالي من أجل هذه القمة لمواجهة التحديات العالمية من الجوع إلى التغيير المناخي إلى التجارة، "بحضور أكثر اقتصادات العالم ديناميكية".

وكانت وسائل إعلامية عديدة في رواندا قد حذّرت قبل انعقاد القمة من "المضايقات والتهديدات والهجمات"، التي يمارسها النظام المعروف بسجل أسود في ملف الحقوق والحريات. كما تحدثت منظمات مجتمع مدني عن حالات احتجاز غير قانونية، إضافة إلى التعذيب وتسليم المعارضين السياسيين، والافتقار لحرية التعبير والصحافة. وهي كلها تفاصيل من شأنها أن تزيد الضغوط، الكبيرة أصلاً، التي يواجهها جونسون.

تقارير دولية
التحديثات الحية

ولن يكون سهلاً على جونسون أن يتجاهل الحديث عن خطة رواندا في عقر دارها، بعدما دافع عنها بشراسة، خلال الشهرين الماضيين. إلا أنه لن يكون سهلاً التطرّق إليها أيضاً بوجود الأمير تشارلز من جهة وبعد أقل من أسبوعين على "الإهانة" التي وجّهتها "أوروبا" عبر محكمتها لحقوق الإنسان، وإجبارها البلد الذي فضّل الانسحاب منها على التراجع عن الرحلة الأولى تلك. لكنّ جونسون سيفضّل عدم التطرّق للخطة متسلّحاً بالتصريحات "النارية" التي أطلقها قبل رحلته، متعهّداً بإصرار على المضي قدماً في الخطة والتحضير للرحلة الثانية، والتهديد بالانسحاب من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

كما تأتي زيارته بعد يوم واحد من تقديم وزير العدل في حكومته دومينيك راب مشروع قانون جديد لاستبدال قانون حقوق الإنسان الحالي، والذي أقرّه "حزب العمّال" عام 1998، بإجراءات جديدة تعطي البرلمان سلطة أعلى من سلطة القضاء. والهدف الأول من مشروع القرار الجديد هذا، هو التحضير للرحلة الثانية ومواجهة المحكمة الأوروبية وامتلاك الحصانة القانونية لتجاهل أحكامها.

وفي سياق متصل، تجري اليوم، الخميس، انتخابات فرعية في ويكفيلد وتيفرتون وهونيتون، وتشير استطلاعات إلى أنها لن تكون في صالح المحافظين، ومن شأن هذه الانتخابات أن تقرر مصير جونسون، وسيعلن عن نتائجها صباح غد الجمعة، قبيل كلمة جونسون في افتتاح القمة.

ومن المتوقّع أن يستعيد "حزب العمال" مقعد ويكفيلد، بينما يعلن "الليبرالي الديمقراطي" عن عزمه على "قلب الطاولة" في تيفرتون وهونيتون. إذا خسر المحافظون هذه الانتخابات سيتصاعد الغضب في قلب الحزب، بعد مرور أقل من ثلاثة أسابيع على نجاة جونسون من تصويت لحجب الثقة.

المساهمون