أجرى وفد إيراني رسمي في بغداد، أمس السبت، عدة لقاءات مع مسؤولين عراقيين، بُحثت خلالها الأزمة الناجمة عن القصف الإيراني لمدينة أربيل وطرق احتوائها، مع التأكيد على أهمية المضي بالتنسيق الأمني بين البلدين.
وقال مسؤول عراقي بارز في العاصمة بغداد إنّ السفير الإيراني في العراق محمد كاظم آل صادق ترأس وفداً ضم عدة شخصيات إيرانية رسمية للقاء عدد من المسؤولين الحكوميين، بهدف شرح وجهة النظر الإيرانية من القصف الأخير على أربيل، والتأكيد على استمرار التعاون بين الجانبين.
وأكد المسؤول نفسه أن مسؤولين أمنيين إيرانيين كانوا موجودين خلال اللقاءات التي أجراها الوفد الإيراني مع قيادات عراقية مختلفة، ومن المرجح أن يواصل الوفد الإيراني حراكه الساعي إلى إطلاع الجانب العراقي على موقف طهران الرسمي من مختلف القضايا الحالية، والتأكيد على أهمية أن يعمل العراق على إخراج القوات الأميركية من البلاد، كونه يمثل ضرورة للأمن القومي الإيراني، على حد تعبير المصدر.
وأعلن مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، في بيان ليلة أمس السبت، عن استقبال السفير الإيراني محمد كاظم آل صادق، وعقد مباحثات ثنائية بين الجانبين.
ووفقاً لبيان نقلته وكالة الأنباء العراقية (واع)، فإن الأعرجي استقبل في مكتبه السفير الإيراني في بغداد محمد كاظم آل صادق، واستعرض معه "الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة، إلى جانب بحث تعزيز العلاقات بين البلدين الجارين، والتأكيد على حل جميع الإشكالات عبر الحوار".
وبحسب البيان، فقد جرى خلال اللقاء "التأكيد على عمق العلاقة التي تربط البلدين والشعبين الصديقين، وأهمية تنمية وتعزيز تلك العلاقة التاريخية واحترام سيادة البلدين، بما يخدم المصالح المشتركة ويحقق الاستقرار في المنطقة".
كما نقل البيان عن آل صادق تأكيده على "حرص الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشديد على استمرار وتطوير العلاقة الاستراتيجية مع العراق"، مشيراً إلى أن "جميع الإشكالات يمكن حلها من خلال التفاهم والحوار البناء".
والخميس الماضي، كشف مسؤول دبلوماسي بارز في وزارة الخارجية العراقية أن بلاده تتوقع زيارة وفد رسمي إيراني إلى بغداد خلال الفترة المقبلة، لشرح وجهة النظر الإيرانية من قصف مواقع في مدينة أربيل، تقول طهران إنها مقار للموساد الإسرائيلي.
وأكد المسوول أن بلاده أعدت "ملفاً كاملاً حول مواقع القصف الإيراني والضحايا، يتضمن تفنيداً كاملاً للرواية الإيرانية حول وجود مقار للموساد أو حتى أي نشاط آخر غير مدني بالمواقع المستهدفة".
وحول ذلك، قال الخبير بالشأن السياسي العراقي وأستاذ كلية العلوم السياسية ببغداد أحمد الموسوي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "القصف الإيراني على أربيل أحدث رد فعل لم تكن تتوقعه طهران من قبل الحكومة، وكذلك الشارع العراقي، وهذا يؤكد وجود تغيير إيجابي واضح في الداخل العراقي تجاه القضايا المتعلقة بسيادة البلاد".
وبيّن الخبير أنه كان متوقعاً وجود قائد "فيلق القدس" الإيراني إسماعيل قاآني في بغداد، بهدف شرح موقف الحرس الثوري على اعتبار أنه المسؤول عن قصف أربيل، لكن يبدو أن العملية التي نفذها الاحتلال الإسرائيلي بقصف دمشق واغتيال قيادات مهمة في الحرس الثوري أرجأت هذه الزيارة، وتولت السفارة الإيرانية مهمة التواصل مع المسؤولين العراقيين.
واعتبر الموسوي أن "استمرار رفع سقف التوتر في المنطقة يجعل من الصعب للغاية اعتبار أن القصف الإيراني سيكون الأخير، وقد تُستهدف مواقع داخل سورية عبر الأجواء العراقية أيضاً، كما حصل قبل أيام بقصف موقع في إدلب".
ووصف أستاذ كلية العلوم السياسية ببغداد الضغط الإيراني الحالي على العراق بأنه جزء من سعيها لدفع العراقيين لإخراج القوات الأميركية من البلاد، بوصفها تهديداً استراتيجياً للأمن الإيراني، على حد تعبيره.