تحركت المعارضة السورية أخيراً، باتجاه جامعة الدول العربية، في مسعى منها للحيلولة دون إعادة النظام إلى مقعده في الجامعة، خصوصاً أن الأسباب التي دعت الجامعة إلى تجميد عضوية النظام السوري فيها أواخر عام 2011 لا تزال قائمة، لا سيما لجهة عرقلته أي جهود للتوصل إلى حل سياسي للقضية السورية.
الائتلاف السوري المعارض في القاهرة
وبدأ وفد من "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة" السورية، أمس الأحد، زيارة إلى العاصمة المصرية القاهرة، حيث مقر الجامعة، لعقد اجتماع مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط. وأشار بيان صدر عن "الائتلاف"، إلى أن الزيارة ستستمر ثلاثة أيام، وستبحث سبل تفعيل الدور العربي في العملية السياسية السورية، بما يحقق الانتقال السياسي في سورية وفق بيان جنيف والقرارات الدولية ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار 2118 (الذي صدر في عام 2013)، والقرار 2254 (الذي صدر في 2015).
الائتلاف يسعى إلى إعادة تفعيل علاقته مع الجامعة بوصفه الممثل الشرعي للشعب السوري
ويرأس الوفد رئيس "الائتلاف" سالم المسلط، الذي قال قبيل توجهه إلى القاهرة: "نتطلع إلى دور عربي فاعل في سورية، وأن تلتزم الجامعة العربية بمسؤوليتها تجاه الشعب السوري".
وكانت جامعة الدول العربية قد أجّلت القمة العربية التي كان مقرراً عقدها في الجزائر خلال شهر مارس/آذار الحالي إلى الربع الأخير من عام 2022، بسبب تباين في الرؤى بين دول أعضاء فيها، حول العديد من الملفات، ومنها ملف إلغاء قرار تجميد عضوية سورية في الجامعة.
وتدفع الجزائر، ومعها دول عربية أخرى، بينها مصر، باتجاه إعادة النظام السوري إلى الجامعة، بينما تعارض هذا التوجه دول أخرى، منها قطر والسعودية. وبرأي الدول المعارضة، فإن الأسباب التي دعت إلى اتخاذ قرار إبعاد النظام أواخر 2011 لا تزال قائمة، حيث يرفض النظام التعامل مع القرارات الدولية ذات الصلة بالملف السوري.
عضوية المعارضة في الجامعة: تفعيل وتعطيل
وكانت جامعة الدول العربية قد منحت مقعد سورية في الجامعة إلى ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية، في القمّة العربية التي عقدت في مارس 2013 في العاصمة القطرية الدوحة، حيث ألقى رئيس الائتلاف آنذاك، معاذ الخطيب، كلمة باسم الشعب السوري. لكن الجامعة العربية لم تفعّل قرار منح عضويتها للمعارضة السورية، بسبب "عدم وضوح قرارات قمتي الدوحة 2013 والكويت 2014 في هذا الشأن"، وفق تصريح الأمين العام للجامعة آنذاك (في عام 2014)، نبيل العربي.
وبيّن أحمد رمضان وهو رئيس حركة "العمل الوطني من أجل سورية"، ورئيس دائرة الاستشارات الاستراتيجية في الائتلاف الوطني السوري المعارض، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن وفد الائتلاف الذي توجه إلى القاهرة للقاء الأمين العام للجامعة العربية، يسعى إلى إعادة تفعيل العلاقة بين الجامعة والائتلاف الوطني بوصفه الممثل الشرعي للشعب السوري".
محمد صبرا: الائتلاف الوطني لا يملك أي أدوات للتأثير
وأشار رمضان، إلى أن الوفد "يحمل مطالب محددة، وفي مقدمها تمكين الائتلاف والمعارضة من استلام مقعد سورية في الجامعة العربية ومؤسسات العمل العربي المشترك، بناء على قرارات الجامعة". وأضاف أن الوفد "سيؤكد على أن دعوة النظام لحضور قمّة الجزائر وأي لقاء عربي، تمثل تجاوزاً للإرادة العربية والموقف العربي والتزامات الجامعة، وفق ما ورد في قراراتها ودورها في سورية".
وأكد رمضان أن المعارضة السورية "تنظر بقلق شديد إلى تطبيع دول عربية علاقاتها مع النظام"، معتبراً أن "هذا الأمر سيُمكّن إيران من التسلل فعلياً إلى الجامعة".
ودعا رمضان إلى "عودة الدور العربي لنفس مستوى الفاعلية كما كان في عامي 2012 و2013"، مؤكداً أن "الائتلاف كان ولا يزال يؤيد الدور العربي الذي يحقق التكامل مع الدورين الإقليمي والدولي". وأعرب المتحدث عن أمله في أن "تدرس الجامعة استضافة لقاءات للمعارضة، كأن يحصل أحد لقاءات الهيئة العامة للائتلاف في القاهرة وبرعاية الجامعة العربية، كمؤشر على رغبتنا الصادقة في أن يكون لقاؤنا في بيت العرب وليس في أي مكان آخر"، وفق تعبيره.
إلى ذلك، بيّن القانوني وكبير مفاوضي المعارضة السورية سابقاً، محمد صبرا، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن قرار منح المعارضة السورية مقعد سورية في الجامعة العربية "اتخذ على مستوى القمة العربية في عام 2013"، مشيراً إلى أن "القرار لا يزال سارياً ولم يلغ حتى اللحظة". وأضاف شارحاً أنه "يمكن للائتلاف الحصول على المعقد، إذا ما قررت الجامعة ذلك".
غير أن صبرا أبدى أسفه لأن المعارضة السورية، "وتحديداً الائتلاف الوطني، لا يملك أي أدوات للتأثير في محاولات دول عربية إعادة النظام للجامعة العربية"، مضيفاً أن "الائتلاف عاجز عن التأثير في مدن الشمال السوري (تقع تحت سيطرة الفصائل المعارضة)، فكيف يمكن تصور قدرته على التأثير في الجامعة العربية؟".
ورأى صبرا أن "عودة مليشيا بشار الأسد إلى الجامعة العربية أو عدم عودته، هي قرار يتعلق بما يحدث بين واشنطن وبعض الدول العربية"، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة "لا تزال حتى اللحظة تعلن أنها تعارض عودة بشار الأسد إلى الجامعة".
ورأى كبير مفاوضي المعارضة السورية سابقاً، أنه "لا يمكن تقدير مدى بقاء واشنطن على هذا الموقف، وهل سيتغير بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران"، موضحاً أن "الائتلاف الوطني يستطيع أن يلوح بتعليق مشاركته في أي لقاء سياسي، سواء أكان في اجتماعات ما يسمى اللجنة الدستورية أو في اجتماعات مسار أستانة وغيرها، في حال قررت الجامعة العربية إعادة بشار الأسد إليها"، وفق رأيه.