تصاعدت مشاركة النساء الفلسطينيات في كافة الاحتجاجات السلمية وغير السلمية ضد الاحتلال البريطاني والهجرات اليهودية، وإن كانت مشاركتهن خلال العشرينيات والثلاثينيات مقتصرة على المدن الكبرى مثل القدس وعكا ويافا ونابلس، وضمت النساء المتعلمات من الطبقة العليا والوسطى اللواتي كنّ في معظمهن قريبات أو زوجات لقادة الأحزاب الفلسطينية آنذاك. ومع هذا لم تصل أي امرأة لأي منصب قيادي، كما لم تشترك في الهيئات التأسيسية أو القيادية للأحزاب الفلسطينية، التي اقتصرت مناصبها وزعامتها على الرجال وحدهم.
شهدت مدينة العفولة في قلب مرج بن عامر أول مظاهرة نسائية 1893 احتجاجاً على إنشاء أول مستوطنة يهودية على أرضها، وشكلت هذه التظاهرة أول عمل نسائي منظم ضد الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وبعدها بسنوات قليلة تبلورت حركة نسائية مناهضة للهجرات اليهودية إلى أرض فلسطين من خلال الجمعيات النسائية التي بدأتها النساء المسيحيات، خاصة الأرثوذكسيات، وكانت أول جمعية نسائية قد ظهرت في عكا عام 1903 وسميت جمعية «إغاثة المسكين الأرثوذكسية» برئاسة نبيهة المالكي.
كما أسست جمعيتان إضافيتان تعملان في الحقل الاجتماعي في 1910-1911، وما أن أطلق اللورد بلفور وعده 1917 بمنح وطن لليهود في فلسطين، حتى تحول العمل الاجتماعي النسائي إلى إنشاء روابط واتحادات نسائية تعمل في الحقل السياسي ومناهضة الهجرات اليهودية والاحتلال البريطاني، فأنشئت رابطة النساء العربيات في القدس 1919، والاتحاد النسائي العربي في نابلس 1921 الذي أسسته مريم هاشم، والاتحاد النسائي في القدس 1928 برئاسة ميليا السكاكيني.
شهد عام 1920 مظاهرات كبيرة ضمت ما يقرب من 40 ألف فلسطيني من كافة المدن والقرى الفلسطينية، شاركت فيها النساء بأعداد لافتة، كما احتجت ما يقرب من مائتين – لاربعمائة امراة على زيارة تشرشل للقدس في مارس/آذار 1921. ففي أبريل/نيسان 1921 وبعد حوادث حيفا ويافا وعلى خلفية استخفاف وزير المستعمرات "تشرشل" بالمطالب العربية، بدأت مجموعة من الشبان اليهود المسلحين وفي ظل حماية إنكليزية بإقامة حواجز في شوارع يافا. مشهد الشبان اليهود الذين يفتشون رجال يافا دفع النساء اليافعات للخروج إلى الشوارع من أجل حث وتحريض أزواجهن وأبنائهن على مهاجمة التجمعات والمحال التجارية اليهودية، وهذا ما حدث بالفعل، ولم تتوقف إلا بعد تدخل وجهاء المدينة من طبقة الأفندية لتهدئة الأجواء، والتوسط بين الإنكليز من جهة، وبين الشباب والفلاحين الذين انضموا إليهم من القرى المجاورة من جهة أخرى.
فتحت السيدة طرب عبد الهادي زوجة السياسي المعروف عوني عبد الهادي بيتها لاستقبال وفود النساء الفلسطينيات اللواتي وصل عددهن الى 300 امرأة من مختلف أنحاء فلسطين بعد ثورة البراق عام 1921، من أجل إقامة أول مؤتمر نسائي في القدس وهو المؤتمر النسائي الفلسطيني والعربي الأول. حيث ترأست المؤتمر السيدة زكية الحسيني، والسيدات محفوظة النابلسي وكاترين شكري ذيب ومتيل مغنم. بحثت النساء في مؤتمرهن الأول قضيتين أساسيتين: الهجرة اليهودية وتمليك الأراضي لليهود. وشكلن وفداً زار المندوب السامي وزوجته وقدمن عريضة طالبن فيها بإلغاء وعد بلفور ومنع الهجرة اليهودية، واحتجاجاً على إساءة الشرطة معاملة السجناء العرب وطالبن بإقالة المسؤولين عن تعذيب السجناء.
شهدت فترة الانتداب أطرا نسائية في المدن حملت السلاح وقاومت الاحتلال، أبرزها «زهرة الأقحوان» التي أقيمت في يافا على أيدي ناريمان ومهيبة خورشيد، اللتين حملتا السلاح ودربتا رجالا ونساء على مهاجمة مستوطنات يهودية في المنطقة خلال العام 1948. وكجزء من حماية النساء لم يتم توثيق أسمائهن
في كثير من الأحيان ما أدى مع الوقت الى فقدان الأسماء والى البلبلة في هوية القائمات عليها، كما حدث مع «زهرة الأقحوان»، ورغم قلة المصادر عن التنظيمات النسائية العسكرية سجلت الباحثة الفلسطينية جنان عبده في مقال لها عن تنظيم نسائي عسكري باسم "الكف الأسود"، الذي نشط في منطقة القدس وبعثت النساء الناشطات فيه رسائل تهديد للشرطة واعتقلت بعض عضواته وتمت محاكمتهن في محاكم عسكرية وسجنهن. واحدة من عضوات التنظيم كانت منيرة الخالدي أرسلت للسجن عام 1937. التنظيم الاخر هو "رفيقات القسام" اللاتي نشطن إلى جانب تنظيم رفاق القسام وتدرَّبن على يد القسام نفسه وكلمة تدرَّبن معناها تدرَّبن على حمل السلاح.
كان نشاط النساء في المدن الفلسطينية في الأعم والاغلب مقتصرا على المؤتمرات الشعبية وأعمال خيرية والقيام بمظاهرات واحتجاجات في شوارع القدس وأمام القنصليات الاجنبية، بينما كانت مشاركة المرأة الريفية في ثورة فلسطين 1936-1939 مساعدة الثوار في الجبال، فقامت بعض النسوة بحمل السلاح ونفذن أعمالا عسكرية ضد اليهود والقوات البريطانية وسقط منهن عدد من الشهيدات، كما حُكم على كل من السيدات صبيحة الجلاد من طولكرم، ولطيفة المغربي وهنا عودة بالسجن ما بين 5 و7 سنوات بتهمة حيازة السلاح، وشهدت فترة الانتداب البريطاني اعتقالات لنساء وصلت مدتها أحيانا الى سنوات طويلة. ونعرف عن ساذج نصار كونها أول معتقلة إدارية في فترة الانتداب واتهمت بكونها «امرأة خطرة جدا».
اندثرت الكثير من الجمعيات والاتحادات النسائية بعد نكبة ١٩٤٨ وتحول نشاطها الي السياسة وصولا لبدء الثورة الفلسطينية في نهاية الستينيات وبدأت النساء بالانخراط في صفوف الثورة وفصائلها وقيادة عمليات فدائية وعسكرية حتي منتصف ثمانينيات القرن العشرين، ومع الانتفاضة الأولي بدإت المرآة تعمل علي الصعيدين الاجتماعي والسياسي في الداخل الفلسطيني وخارجه حتي بدأت سلطة الحكم الذاتي المحدود بعد اتفاقيات اوسلو لتعود النساء الي العمل المجتمعي والنضالات القانونية والتشريعية فيما يخص حقوق المرأة، وانتهي الدور العسكري للنساء رغم عدم تحقيق أي من الحقوق الفلسطينية لا حق تقرير المصير ولا التحرير الوطني.