أعلنت حركة النهضة التونسية، تكوين لجنة لإدارة الأزمة السياسية، وذلك بعد مرور أكثر من أسبوعين على قرارات الرئيس قيس سعيد، والذي لم يفصح بعد عن خارطة الطريق التي وعد بها لإنهاء المرحلة الاستثنائية والعودة إلى الوضع الطبيعي لعمل مؤسسات الدولة.
وأوضحت الحركة، في بيان اليوم الخميس، أنها شكلت لجنة لإدارة الأزمة السياسية برئاسة عضو المكتب التنفيذي محمد القوماني، وذلك عقب قرار من مجلس شورى الحركة في دورته الـ52 الأخيرة، وبتكليف من رئيس الحركة.
وأشارت إلى أن اللجنة "ستكون ذات تفويض حصري في الملف، وهي الجهة الرسمية الوحيدة التي تلزم الحركة"، مؤكدة أن الحركة لا تلزمها أية مواقف أو مبادرات أو تصريحات أخرى ذات صلة مهما كانت.
وأوضحت أن اللجنة ذات طبيعة مؤقتة تنتهي بانتهاء مهمتها في البحث عن حلول وتفاهمات تجنّب البلاد الأسوأ وتعيدها إلى الوضع المؤسساتي الطبيعي.
وجاء في بيان "النهضة" أن "الأزمة المركّبة والمتراكمة التي عاشتها تونس بلغت درجة من التأزيم والتعطيل في الفترة الأخيرة، بما جعلها في حلقة مغلقة سياسيا ودستوريا، معتبرة أن قرارات 25 يوليو/تموز الرئاسية جاءت لتكسر هذه الحلقة المغلقة بحثا عن حلول، لكن بعض تلك القرارات ذهبت بعيدا في الخرق الجسيم للدستور".
وشددت على ضرورة وجود جهود مشتركة للخروج النهائي من الأزمة لتتمكن تونس من مواجهة مشاكلها العاجلة والآجلة في إطار الوحدة الوطنية والدستور.
وأضافت الحركة أنّ "غياب منجزات تنموية ترتقي إلى مستوى انتظارات التونسيين وطموحاتهم، خلّف حالة غضب مشروع لدى العديد من الفئات، وفي مقدمتهم الشباب، مؤكدة أنها تلقت رسالة شعبها وأنها ستعلن بكل شجاعة نقدها الذاتي"، مذكرة بأن الحركة التي سبق لها "التنازل عن الحكم من أجل المصلحة الوطنية، مستعدة للتفاعل الإيجابي مجددا من أجل استكمال المسار الديمقراطي".
وأكدت "أنها لن تتأخر في دعم أية توجهات تحترم الدستور وفيها مصلحة عامة، وأنها ستعمل على إنجاحها، وفي مقدمة ذلك الحرص على إنفاذ القانون على الجميع من دون استثناء، وملاحقة الفاسدين مهما كانت مواقعهم"، كما أكدت أهمية إنجاز الإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي تحتاجها البلاد.
وتعهدت بأن تكون "مرنة في البحث عن أفضل الصيغ لإدارة البرلمان وضبط أولوياته وتحسين أدائه، حتى يستأنف أدواره قريبا ويسهم في إعداد البلاد لانتخابات مبكرة تعيد الأمانة للشعب صاحب السيادة، وحتى تظلّ الانتخابات النزيهة الأساس الوحيد للشرعية السياسية".
وجاء في البيان كذلك أن حركة النهضة ستولي أهمية أكبر للإعداد لمؤتمرها الوطني الـ11 الذي تحرص على أن يكون قريبا، من أجل مراجعات عميقة في الخيارات والتموقع والهيكلة والتجديد الجذري.
وأكدت أنّ رئيس الحركة سيدخل في الأثناء تحويرات على الهياكل القيادية بما يتناسب مع ما تم استخلاصه من رسائل الغاضبين ومقتضيات المرحلة الجديدة، ليجدد التزامه باحترام النظام الأساسي للحزب الذي حدد الرئاسة بدورتين.
واعتبر البيان أنّ المسار الديمقراطي واحترام الحريات وحقوق الإنسان كما نص عليها دستور ثورة 14 يناير/كانون الثاني، هي منجزات دفع من أجلها الشعب التونسي التضحيات والشهداء ولا يمكن التخلي عنها تحت أي ذريعة، مشيرًا إلى أن الديمقراطية قد وفّرت من الطرق السلمية ما هي قادرة من خلالها على الإصلاح.
من جهته، قال رئيس اللجنة التي شكلتها حركة النهضة محمد القوماني، لـ"العربي الجديد"، إن مهمة اللجنة تتمثل في إدارة الأزمة السياسية، مؤكدًا أن مهمتها الأساسية هي البحث عن حلول تجنب البلاد الأسوأ، وتبحث عن تفاهمات تعيد المسار الديمقراطي المعطل إلى وضعه الطبيعي، وتأخذ بعين الاعتبار المرحلة الجديدة وأخطاء المرحلة السابقة.
وأكد القوماني أن اللجنة مفوضة حصريًا بإدارة هذا الملف باسم حركة النهضة، مشيرًا إلى أنها تجري اتصالات بكل الأطراف من دون استثناء، للوصول إلى وضع يخرج البلاد من الأزمة وتؤهل البلاد لمواجهة ملفاتها الأساسية، الاقتصادية والاجتماعية والصحية.
وأوضح القوماني أن الحوارات ستذهب في اتجاه الجميع، وعلى رأسها رئاسة الجمهورية وكل الفاعلين، مبينًا أن الحوار سيكون على أساس التعامل الإيجابي لتجنيب البلاد أي سيناريو مواجهة أو صدام.
وقال القوماني إن بيان حركته عكس تطورا في موقف النهضة وقراءتها للأحداث، مشيرًا إلى أنه وبعد 18 يوما من قرارات الرئيس "وحدهم الأغبياء لا يتطورون ولا يتفاعلون مع الواقع بتطوراته".
وأوضح أن نصف اللجنة سيتكون من الشباب والنصف الآخر من قيادات الحركة من داخل وخارج المكتب التنفيذي تكون لديها مقبولية داخل النهضة وفي المشهد العام.