أكدت حركة "أمل وعمل" في تونس، اليوم الأربعاء، أن إيقاف النائب ورئيس الحركة ياسين العياري تم على خلفية ما وصفتها بـ"تدوينات مفبركة"، مشددة على أنه "تم إثبات أنها لا تعود إليه".
وأكد الممثل القانوني لـ"أمل وعمل"، مالك الصياحي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "إيقاف العياري تم على خلفية تدوينات له قبل انتخابه نائبا بالبرلمان، وأن عملية الإيقاف لا علاقة لها بالإجراءات الاستثنائية التي أعلنها رئيس الجمهورية، قيس سعيد، يوم الـ25 من يوليو/ تموز" .
وأضاف الصياحي أن "القضية التي سجن على أثرها العياري ثبت بالأدلة أنها باطلة أساسا، وبسبب تدوينة فيسبوكية أثبتت الداخلية ووزارة تكنولوجيا الاتصال أنها لا تعود له"، مؤكدا أنه "رغم ذلك تم الحكم عليه في فترة رئيس الحكومة السابق، يوسف الشاهد، ولكن تمت إعادة استغلال تنفيذ الحكم بشهري سجن بعد قرارات 25 يوليو".
وقال إن "التعقيب يوقف التنفيذ، ورغم أنه لم يتم إعلامهم بجلسة التعقيب، إلا أنه لا العياري ولا محاميه كانا على علم بذلك، وفوجئ العياري بقدوم قوات أمنية تقتاده إلى السجن بطريقة مهينة واستعراضية أمام عائلته"، مؤكدا أن "ما حصل غير مقبول خاصة أمام أبنائه القصّر (5 و7سنوات)، ورغم أن الحكم في حد ذاته باطل والقضاة أكدوا أنه حضر وتنازل عن الحصانة، وهو نائب وقبل بمحاكمته وبإرادته، وقام بالتعقيب"، مضيفا أنه "سبق وفي لقاء للعياري بوزير الداخلية أن شدد على أنه وبمجرد إعلامه سيكون سعيدا بتنفيذ أي حكم لو ثبتت إدانته".
وبيّن أنه "لا يجب استعمال القضاء العسكري لغايات سياسية فلا يمكن أن تعاقب المحكمة العسكرية مدنيين، لأن هذا مخالف للدستور".
وأعلن أن لجنة الدفاع ستقدم مطلباً بسراحٍ شرطيٍ للإفراج عن موكله.
رفع الحصانة وإيقاف قاضية
إلى ذلك، قرر مجلس القضاء العدلي رفع الحصانة عن القاضية المتورطة في قضية تهريب عملة أجنبية وإيقافها عن العمل، بعدما أثار موضوعها جدلا واسعا في صفوف التونسيين، الذين طالبوا بالمساواة والعدالة في تطبيق القانون على الجميع إثر إطلاق سراحها.
وأصدر مجلس القضاء العدلي التابع للمجلس الأعلى للقضاء التونسي بيانا أقر إيقاف القاضية المعنية ورفع الحصانة عنها في جلسة عقدها اليوم، بعدما قام بالتحري ومتابعة الملف.
وأفادت وحدات الجمارك التونسية في الحرس الديواني التابعة لمحافظة المنستير (وسط شرق البلاد) بأنها أوقفت أمس الثلاثاء قاضية بحوزتها حوالي 450 ألف يورو من العملة الأجنبية، إلى جانب عملة محلية بما يقارب 1.5 مليون دينار تونسي في سيارة خاصة على الطريق الرابطة بين مدينتي الجم بمحافظة المهدية ومحافظة صفاقس.
وأكد المتحدث الرسمي باسم الإدارة العامة للديوانة (الجمارك) العميد هيثم الزناد، في تصريحات صحافية، أن فرقة الحرس الديواني بالمنستير تمكنت من ضبط شبكة تهريب للعملة الأجنبية وحجزت عملة أجنبية.
وأشار إلى أنه تم استنطاق المشتبه بها خلال التحقيق الأولي بحضور ممثل النيابة العمومية بالمنستير، صرحت بأنها كانت تعتزم نقل هذه المبالغ المالية إلى إحدى مدن الجنوب لفائدة بعض الأطراف التي تنشط في مجال تهريب العملة.
في المقابل، أفاد المتحدث الرسمي باسم دائرة استئناف المنستير بأن النيابة العمومية أذنت بإجراء أبحاث للوقوف على مصدر الأموال، مشيرا إلى أنه وبسماع القاضية المعنية أفادت بأنه لا علم لها بمقدار المبلغ المالي، ولا بطبيعته، وقد تولت نقله على سبيل الفضل لا غير.
وأوضح أن الأبحاث متواصلة إلى حين سماع صاحب الأموال المحجوزة، وقد تم الإذن بحجز سيارة القاضية وحظر السفر عليها وإبقائها في حالة سراح في انتظار الوقوف على حقيقة المعاملة الحاصلة بين الطرفين.
وأثار قرار النيابة العامة بالمنستير الإفراج عن القاضية موجة غضب غير مسبوقة لدى المتابعين، الذين طالبوا بتحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين ومحاربة الفساد في الجسم القضائي.
في المقابل، اعتبر آخرون أن هناك شيطنة للقضاء ومحاولات لضرب استقلاليته والمسّ بسمعته من خلال تداول هذه القضية، والتي إن ثبتت فهي حالة شاذة لا يمكن أن يقاس عليها وتعميمها على جميع العاملين في سلك العدالة.
وفي سياق متصل، يثير موضوع منع قضاة من السفر ووضعهم في الإقامة الجبرية تحفظات واسعة من قبل قضاة، إذ ندد 45 قاضيا تونسيا بهذه الإجراءات، وبوضع كل من بشير العكرمي، وكيل الجمهورية السابق بتونس، والطيب راشد، الرئيس الأول لمحكمة التعقيب، قيد الإقامة الجبرية، بسبب قضايا شبهات فساد وتورط في ملفات الإرهاب التي لاحقتهما.
كما ندد القضاة المحتجون بما أسموه "انزلاقا خطيرا في تعامل السلطة التنفيذية مع السلطة القضائية"، داعين إلى التراجع عن هذه القرارات، وإلى "تمسكهم بمبدأ المحاسبة لكل من وكيل جمهورية تونس السابق والرئيس الأول لمحكمة التعقيب وغيرهما في إطاره القضائي والمؤسسي مع احترام حقوق الدفاع"، وفق نص البيان.
من جانب آخر، اعتبر رئيس جمعية القضاة أنس الحمايدي، أن الجمعية لا تمتلك أي معلومة بشأن عدد القضاة الموضوعين تحت الإقامة الجبرية، أو عدد القضاة الذين تم اتخاذ بعض الإجراءات الاستثنائية بشأنهم، بخلاف القاضيين اللذين تداولت وسائل الإعلام اسميهما، وهما وكيل الجمهورية السابق بالمحكمة الابتدائية بشير العكرمي، والرئيس الأول لمحكمة التعقيب الطيب راشد.
وأضاف الحمايدي، في تصريح إعلامي، أن هناك بعض القضاة الذين تم منعهم من السفر وهم يجهلون أسباب المنع، مشيراً إلى أن الجمعية أرسلت رسالة إلى المجلس الأعلى للقضاء بصفته المؤسسة الدستورية القائمة على شؤون القضاء والقضاة، لمعرفة الأسباب، وهل تمت استشارته قبل اتخاذ هذه الإجراءات أم لا؟
المرزوقي يحذر "قبل فوات الأوان"
وفي سياق منفصل، قال رئيس تونس السابق منصف المرزوقي إنه سبق له أن حذر من المخاطر المتعلقة بمواضيع الماء والبذور والبحر والتصحر والغابات، إلا أن الرد كان بمواضيع وصفها بالثانوية؛ كـ"الإخوان المسلمين" وتغيير الدستور والبرلمان والاستفتاء، حسب قوله.
وعبّر المرزوقي، في منشور له على حسابه الرسمي في "فيسبوك"، عن استغرابه الكبير لـ"اللاوعي عند عامة الناس واللامسؤولية عند أصحاب القرار الذين توالوا بعده من رؤساء الحكومة والبرلمان والجمهورية" على حد تعبيره، موضحا أن "تقارير الأمم المتحدة أكدت سابقا أن منطقتنا قد تصبح غير قابلة للحياة من هنا لثلاثين سنة".
وكتب المرزوقي: "واصلوا الصراخ حول الدستور والاستفتاء و(الخوانجية) وفساد هذا دون ذاك (..) وما هو أحسن نظام انتخابي. للأسف الذين قد يتقاتلون على جرعة ماء وكسرة خبز في شوارع مدننا وقرانا لن يكونوا أحفادكم، وإنما أطفالكم".
وذكّر الرئيس التونسي السابق بأنه طلب خلال لقائه بالرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، حين كان نائبا للرئيس باراك أوباما، سنة 2014، أن تكون المروحيات العسكرية التي عرضتها الولايات المتحدة على تونس متعددة المهام وقادرة على مجابهة الحرائق، لأن خشيته لم تكن الإرهاب بقدر تبخر الغابات المتبقية لتونس نتيجة الاحتباس الحراري.
ودعا المرزوقي إلى "برنامج وطني بقوانين ملزمة للخمسين سنة المقبلة في قضايا الماء والبذور والبحر والغابات والطاقة، يضعه علماء تونس وجامعاتها للبحث العلمي في هذه المواضيع".