دفعت حركة "فتح" عبر ذراعها الطلابية، مساء الأربعاء، ثمن الموقف السياسي الرسمي لقيادتها، عبر الخسارة الكبيرة التي منيت بها في انتخابات مجلس طلبة جامعة بيرزيت شمال رام الله، بفارق غير مسبوق في تاريخ الجامعة.
فقد فازت كتلة "الوفاء الإسلامية" الذراع الطلابية لحركة "حماس" في انتخابات مجلس جامعة بيرزيت لعام 2015-2016 بـ 26 مقعداً بمجموع 3400 صوت متقدمة على كتلة الشهيد ياسر عرفات "الذراع الطلابية لحركة "فتح" التي حصلت على 19 مقعداً بمجموع 2545 صوتاً، بينما جاء القطب الطلابي الديمقراطي "الذراع الطلابية للجبهة الشعبية" في المرتبة الثالثة حيث حصد 5 مقاعد.
وتركزت الدعاية الانتخابية لحركة "حماس" على المقاومة بشكل رئيسي، كخيار استراتيجي للحركة لتحرير فلسطين، من خلال حرب غزة كعنوان بارز، وسلطت الضوء على تقاعس السلطة عن وقف التنسيق الأمني، وملاحقة الناشطين من كل الفصائل الفلسطينية.
وبينما اتكأت "فتح" على المقاومة وعلى رصيدها الكبير من الشهداء والمقاومين، إلا أن قيامها برفع صورة تجمع بين القيادي المطرود من الحركة محمد دحلان، والقيادي من حركة "حماس" إسماعيل هنية، مع هتافات تشجب التقارب بين الطرفين وتحميلهما مسؤولية سيطرة "حماس" على القطاع عام 2007، أدت إلى انقلاب هذه الأداة على "فتح" ذاتها، حيث أكد أنصار"حماس" أن دحلان فتحاوي، وهناك انقسام داخلي في "فتح" يجب أن تعالجه قبل أن تسعى لقيادة العمل الوطني الفلسطيني.
الأمر نفسه تكرر عندما رفعت "فتح" صور الوزير الشهيد، زياد أبو عين، الذي استشهد نهاية العام الماضي وهو يزرع الأشجار، كدليل على استمرارها في المقاومة، وقام أحد أنصار "فتح" بإهداء الصورة لأحد أنصار "حماس" فرفعها الأخير قائلاً "نحن نكرم الشهداء، لكن التنسيق الأمني لم يتوقف يوماً واحداً بعد استشهاد أبو عين، هكذا تكرمون شهداء حركتكم؟؟؟"
وقال أحد قيادات الشبيبية في جامعة بيرزيت الذي رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، "باختصار الشبيبة دفعت ثمن الموقف الرسمي للسلطة الفلسطينية وحركة "فتح"، والطلبة في الجامعة لم ولن يميزوا بين الشبيبة الطلابية في الجامعة، وبين المستوى الرسمي الفتحاوي، الذي يجاهر بالتنسيق الأمني ويرغب في المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي".
ولجامعة بيرزيت خصوصية كبيرة في انتخابات الطلبة، بسبب قربها من مصدر القرار والثقل الفتحاوي، فضلاً عن أنها خرجت قيادات الصف الأول في حركة "فتح" و"حماس" على حد سواء، وعادة ما تحظى ذراعها الطلابية بدعم مالي سخي من الحركة الأم "فتح".
وقال مسؤول الشبيبة في إقليم رام الله والبيرة، أسرار سمرين، لـ"العربي الجديد"، إن "الصناديق قالت كلمتها في جامعة بيرزيت، وهذا قرار الطلاب الذي نحترمه"، مضيفاً "الوضع السياسي مهيأ لهذه النتيجة، من خلال حرب غزة التي كان لها تأثير كبير على قرار الطلبة وتصويتهم".
وأضاف سمرين الذي أمضى أكثر من عقدين من عمره في المعتقلات الإسرائيلية وهو من الأسرى القدامى قبل اتفاقية أوسلو وخرج في صفقة استئناف المفاوضات مقابل الإفراج عن الأسرى القدامى قبل نحو عام ونصف "حققنا عرساً ديمقراطياً في جامعة بيرزيت نتمنى أن تستطيع جامعات قطاع غزة القيام بالمثل".
من جهته، أوضح منسق الكتلة الإسلامية في جامعة بيرزيت، عبد الرحمن حميدان، لـ"العربي الجديد"، أنه "بالتأكيد حرب غزة أعطت المزيد من الأسهم لحركة حماس"، مشيراً إلى أن "اكتساح حركة حماس اليوم هو أكبر دليل أن الشارع الفلسطيني مع المقاومة، وضد التنازلات وسياسة التنسيق الأمني والمفاوضات العبثية".
وجاء فوز "حماس" الكاسح في جامعة بيرزيت، بعد يومين من تعادل الحركتين "فتح" و"حماس" في الانتخابات الطلابية في جامعة "بوليتكنك الخليل" حيث فاز كل منهما بـ15 مقعداً، وفيما يعد هذا تعادلاً بين الحركتين، إلا أنه تراجع لحركة "فتح" التي خسرت مقعدين هذا العام مقارنة بانتخابات العام الماضي.
ولفت المحلل السياسي علاء الريماوي، في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أنه "رغم أن الحرب على قطاع غزة انتهت منذ تسعة شهور، إلا أنه من الواضح أن الطلاب كان حاضراً في ذهنهم لحظات الانتصار خلال سقوط صواريخ المقاومة على الأهداف الإسرائيلية، وصورة الجنود الإسرائيلين وهم يبكون، وأيضاً صورة السلطة الفلسطينية وهي تقمع المظاهرات وتعتقل الناشطين، وتصرح عبر رئيسها، محمود عباس، أن التنسيق الأمني مقدس".
وتابع: "لقد مارس المتنفذون في السلطة قراراً بتأجيل الانتخابات في جامعة الخليل وجامعة النجاح الوطنية في نابلس، بعد قراءة المعطيات على الأرض، لأن هناك خوفاً حقيقياً من هزيمة فتح في هذه الجامعات".
وأكد الريماوي أن "فتح تمر بأزمة حقيقة يعيشها مشروعها بأكمله، وتحتاج إلى تقييم سياسي وسلطوي، وتقييم في الأدوات، لأن نتائج انتخابات الجامعات مؤشر حقيقي على نتائج الانتخابات التشريعية والرئاسية".
وحول "حماس"، قال الريماوي إن "على حماس أن تعيد النظر، أيضاً، لأن البنى الصلبة التي تمتلكها ما زالت ضعيفة، وكلما زاد عمر الانقسام ستكون حماس أمام بنى رخوة، تساهم في إضعافها رغم ما حققته لأن النسبة الكبيرة المؤيدة لها غير منظمة".