لا شيء يكشف العنصرية الدفينة، حتى لو جُمّلت بكل المساحيق والأقنعة، مثل التصرف العفوي الذي يُظهر حقيقة التصور للجماعة التي ينتمي إليها صاحبها. هذا هو حال العنصرية الإسرائيلية، حتى عندما تصدر عن "أرقى" ما يمكن للتسميات أن تحملها مؤسسة عنصرية في جوهرها، مثل ما يسمى بالمعهد الإسرائيلي للديمقراطية.
هذا المعهد يدّعي حرصه على دراسة واقع الديمقراطية في إسرائيل، ولو من أضيق باب يمكن حشرها فيه، كديمقراطية يهودية إثنية لا تتجاوز حدود المجتمع الاستيطاني اليهودي، وتحرص عليه داخل هذا المجتمع، مع إبداء "كرم" حاتمي، إذا جاز التعبير، لشمل من ليسوا يهوداً في الواحة الديمقراطية.
مناسبة استذكار هذا المعهد، هي نشره منذ مطلع الشهر، على صفحته على "فيسبوك"، روزنامة لأحداث ومواعيد مرتبطة بالانتخابات الإسرائيلية، مثل مواعيد مختلفة لتقديم القوائم، والاعتراض على مرشحين دون غيرهم، ومواعيد الانتخابات الأولية لمختلف الأحزاب.
ومع أنه يفترض بمعهد "رئيسي" لدراسة الديمقراطية أن يهتم بمواعيد الانتخابات الأولية لكافة الأحزاب المشاركة في الانتخابات، إلا أن المعهد الإسرائيلي نشر روزنامته بعفوية تعكس نظرته المقصية للعرب من المشهد الإسرائيلي، على الرغم من أن مشاركة حزب إسلامي في الائتلاف الحكومي المنتهية ولايته كان لها الأثر الأكبر في إبعاد بنيامين نتنياهو عن رئاسة الحكومة.
إلا أنّ المعهد الإسرائيلي للديمقراطية حدد موعد الانتخابات الداخلية في "الليكود"، وحزب "العمل" و"ميرتس"، وحتى "الصهيونية الدينية"، لكنه أغفل عن ذكر موعد هذه الانتخابات في القوائم العربية المشاركة في الانتخابات، خصوصاً أنّ إحداها، للجبهة الديمقراطية والحزب الشيوعي الإسرائيلي، ستجرى اليوم وقد تكون لنتائجها تداعيات على نسبة المشاركين العرب في الانتخابات المقبلة.
هذا الإغفال، أو التجاهل لمواعيد الانتخابات الداخلية في الأحزاب العربية في الداخل، والتركيز على الأحزاب الإسرائيلية الصهيونية، يعكس في الواقع، حقيقة التصور الإسرائيلي للديمقراطية الإسرائيلية باعتبارها شأناً يهودياً خالصاً، أو هكذا ينبغي لها أن تكون، ومن هم خارج هذا التعريف يبقون خارج الديمقراطية الإسرائيلية ومعادلاتها، حتى لو فرض القانون الجاف إشراكهم كدليل على الديمقراطية اليهودية وكرمها في استيعاب من هم خارج حدودها.
يبقى أن نشير إلى أنّ رئيس المعهد يوحنان بلاسنير، وهو عضو كنيست سابق، كان قد اقترح على النائب الفلسطينية السابقة حنين زعبي، بعد مشاركتها في أسطول الحرية لكسر الحصار عن غزة عام 2010، الرحيل إلى غزة "لنرَ كيف سيعامل مجتمعها المحافظ سيدة فلسطينية عزباء".