خالد داود خارج "الدستور"... مراجعة مرتقبة للموقف من الحوار الوطني

25 يوليو 2022
داود في مؤتمر بالقاهرة، يناير 2018 (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

أسفرت انتخابات حزب "الدستور" المصري عن فوز الناشطة السياسية، الإعلامية جميلة إسماعيل، وقائمتها، برئاسة الحزب ومنصب الأمين العام وأمين الصندوق، وهزيمة قائمة رئيس الحزب السابق، الصحافي خالد داود، الذي أعلن عقب ذلك استقالته من الحزب.

وأعلنت اللجنة المشرفة على انتخابات الحزب، مساء الجمعة الماضي، فوز جميلة إسماعيل بمقعد رئيس الحزب، بحصولها على 322 صوتاً، في مقابل حصول داود على 183 صوتاً، وفوز محمد خليل بمنصب الأمين العام، وإسلام أبو ليلة بمنصب أمين الصندوق.

وتعتبر هذه الانتخابات الرابعة التي تعقد منذ تأسيس الحزب عام 2012، برئاسة محمد البرادعي، إذ خاضت الانتخابات قائمتان، الأولى "التئام - بناء - تجديد" بقيادة جميلة إسماعيل، والثانية "بنبني لبكرة" بقيادة خالد داود.

خسارة خالد داود

وشهدت انتخابات الحزب، اعتراض داود خلال سير العملية الانتخابية على قيام أحد ممثلي قائمة إسماعيل، بعرض البرنامج الانتخابي على أحد الناخبين عبر التصويت الانتخابي من خلال تقنية "زوم"، قائلاً: "ما ينفعش الدعاية الانتخابية في وقت الصمت الانتخابي".

ترفض إسماعيل تقديم "شيك على بياض" للنظام بشأن الحوار
 

نتائج الانتخابات جاءت بمثابة استفتاء على موقف الحزب من الحوار الوطني، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في ظل تبنّي إسماعيل وقائمتها موقفاً رافضاً لتقديم "شيك على بياض" للنظام بشأن الحوار الوطني من دون تقديم ضمانات واضحة، وإطلاق سراح السجناء السياسيين، مع وجود العشرات من أعضاء الحزب في السجون على ذمة الحبس الاحتياطي، والكثير منهم أمضى أكثر من عامين من دون تقديمهم للمحاكمة.

وحول هذه النتائج، يقول قيادي في المؤتمر العام للحزب، إن داود "دفع ضريبة إصراره على قيادة دفة (الدستور) للسير في ركاب الحوار الوطني، بعدما أبدى تساهلاً مع توجهات المسؤولين في الأجهزة الأمنية، ومشاركته في إفطار الأسرة المصرية في رمضان (إبريل/نيسان) الماضي، من دون الحصول على أية ضمانات حقيقية بشأن أعضاء الحزب المسجونين على ذمة اتهامات سياسية متعلقة بالتعبير عن الرأي، ورفض التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، ومن قبلها رفض التعديلات الدستورية، التي تم إقرارها في 2019".

ويوضح القيادي في الحزب الذي تحدث لـ"العربي الجديد" شريطة عدم ذكر اسمه، أنه "كان هناك رفض داخل الحزب لمواصلة المشاركة في الحوار الوطني، بعدما بدت نوايا السلطة بشكل واضح في تحويله إلى مؤتمرات لتجميل صورة النظام السياسي أمام الخارج، من دون تحمّل أية تبعات أو الوفاء بأية التزامات، سواء بشأن السجناء السياسيين أو تحسين المناخ السياسي".

وبحسب قيادي آخر في الحزب، فإن الأيام المقبلة "ستشهد إعادة مراجعة موقف الحزب من الاستمرار في الحوار الوطني"، مضيفاً: "التوجه العام السائد حالياً، والذي تجلى واضحاً في نتائج الانتخابات وجولات المرشحين في المحافظات خلال الأيام الماضية، بات رافضاً في الاستمرار في الحوار بصورته الراهنة".

وتابع المصدر في حديثٍ لـ"العربي الجديد": "جميلة إسماعيل الرئيسة الجديدة للحزب، واحدة من أصحاب التوجه الرافض للتماهي مع محاولات السلطة لتصدير صورة مزيفة عن حالة الحقوق والحريات في مصر".

وشدّد على "عدم رفض الحوار إذا توافرت فيه الجدية وتوافرت له الضمانات". وأكد أن "الشرط الأساسي لمواصلة الاستمرار في الحوار الوطني، هو تبييض السجون من كافة السياسيين المحبوسين على ذمة قضايا متعلقة بالتعبير عن الرأي، من دون قيد أو شرط".

ويعد ما شهده حزب "الدستور"، الحدث الثاني من نوعه في الوقائع المتعلقة بالخلافات داخل أحزاب المعارضة المصرية، التي أعلنت التجاوب مع دعوة السيسي للمشاركة في الحوار الوطني.

وحصلت الواقعة الأولى مع إعلان رئيس حزب "الكرامة" أحمد طنطاوي، استقالته من منصبه، بسبب تضارب المواقف بينه وبين قيادات بارزة في الحزب بشأن الحوار الوطني والاستمرار فيه.

موقف طنطاوي، جاء في ظل تمسّكه بالانسحاب من الحوار الوطني، أو على أقل تقدير تعليق مشاركة الحزب، نظراً لتراجع السلطة عن تعهداتها لممثلي المعارضة خلال الاجتماعات غير المعلنة، بشأن إطلاق سراح أعداد كبيرة من السجناء السياسيين قبل انطلاق الفعاليات الرسمية للحوار الوطني.

يعد ما شهده حزب "الدستور"، الحدث الثاني من نوعه في الوقائع المتعلقة بالخلافات داخل أحزاب المعارضة المصرية

 

وهو الأمر الذي لم يحدث، إذ اكتفت الأجهزة الأمنية بإطلاق سراح أعداد ضئيلة للغاية لا تتجاوز العشرات، في حين لا يزال الآلاف من السياسيين والنشطاء يقبعون في السجون.

وتمكن باحثو "المركز المصري لحقوق الإنسان"، من رصد العفو عن 6 سجناء سياسيين، وإخلاء سبيل 417 آخرين، لم يتم إسقاط القضايا المرفوعة ضدهم.

تجديد حبس 4432 سجيناً سياسياً

في المقابل، وفي الفترة نفسها خلال الأسابيع القليلة التي تلت الدعوة لإعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي وتشكيل لجنة الحوار الوطني، جددت المحاكم حبس ما لا يقل عن 4432 سجيناً سياسياً (إضافة إلى أولئك الذين جددت النيابة احتجازهم)، فضلاً عن تسجيل اعتقالات جديدة، شملت عدداً من الصحافيين.

وعلى الرغم من رفض المكتب السياسي لحزب "الكرامة"، الذي يتحكم فيه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، والرئيس الشرفي محمد سامي، الذي يعد أحد ممولي الحزب، استقالة طنطاوي، نظراً لكونها تضعهم في حرج أمام القوى السياسية الرافضة لمواصلة الحوار الوطني من دون الإفراج عن السجناء، إلّا أنه ما زال مصراً على التمسك بموقفه.

ويرى طنطاوي أنّ الدلالات كافة تقود لحوار هزلي ستخرج منه المعارضة بمزيد من الخسائر، قبل أن يتم حرقها بشكل كامل في الشارع المصري، ما يجعلها عاجزة عن تأدية أي دور مستقبلاً.