أثارت وعود وزير الداخلية العراقي عبد الأمير الشمري، بوضع خطة أمنية جديدة في بلدة الطارمية، الضاحية الشمالية للعاصمة بغداد، والتي تشهد منذ فترة استقراراً نسبياً، مخاوف لدى السكان مما سموها "الانعكاسات السلبية"، في حال تقرر إشراك الفصائل المسلحة التابعة لـ"الحشد الشعبي"، مطالبين بقوات الجيش والشرطة فقط، بسبب تاريخ من الانتهاكات لتلك الفصائل بالمنطقة ذاتها، ومناطق مجاورة.
وبلدة الطارمية التي تُعدّ خاصرة العاصمة بغداد من محورها الشمالي، تُعد من البلدات التي تشهد بين فترة وأخرى عمليات إرهابية لتنظيم "داعش"، وأخرى تتورط بها فصائل مسلحة مختلفة، يقول الأهالي إنها أنهكت الكثير من السكان، وأفقدتهم مصدر أرزاقهم، وقد سجلت خلال الفترات الأخيرة عمليات انتقامية من قبل فصائل مسلحة، على أثر هجمات إرهابية، في سيناريو مشابه لما يحصل بمحافظة ديالى شرقي العراق.
وقد تمثلت تلك العمليات الانتقامية بحملات اعتقال عشوائية طاولت العشرات من شباب البلدة، وانتشار للفصائل وغير ذلك من عمليات التضييق.
والاثنين الماضي، أجرى وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، جولة ميدانية في بلدة الطارمية، للاطلاع على الوضع الأمني فيها، مؤكداً "وضع خطة لإعادة نظام الأمن في البلدة". وذكرت الوزارة في بيان، أن "الوزير زار البلدة، ورافقه وكيل الوزارة لشؤون الشرطة، وقائد عمليات بغداد، وقائد شرطة الكرخ، ومدير النجدة، وأنه زار عدداً من مناطقها وأسواقها".
وأكد الوزير أن "هناك خطة لإعادة نظام الأمن في البلدة، وسيلمس المواطنون تحسناً ملحوظاً في الطارمية في القريب العاجل، وسيتم توفير احتياجات البلدة من الناحية الأمنية والخدمية الخاصة بمفاصل وتشكيلات وزارة الداخلية، من بينها المرور، والدفاع المدني، ومكافحة الإجرام، ومكافحة المخدرات والجريمة المنظمة، لتعزيز الأمن والاستقرار في هذا القضاء".
ولم يكشف الوزير أي تفاصيل عن الخطة التي يعتزم تنفيذها في الطارمية، إلا أن ضابطاً في قيادة الجيش في البلدة، برتبة نقيب، أكد لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن "الوضع الحالي في البلدة مستقر نسبياً، وأنها لا تحتاج إلا لتعزيز تواجد الجيش والشرطة المحلية بأعداد إضافية، وضبط بعض الثغرات المحددة بأطراف البلدة، وتطويع أبناء البلدة ضمن سلك الشرطة لحماية منطقتهم، فضلاً عن إبعاد الفصائل المسلحة عنها والتي لا تنصاع إلى الجهات الأمنية، وتعمل بمعزل عنها وضمن أجنداتها الخاصة".
وشدد على أنه "يجب أن تأخذ الخطة هذه التفاصيل ضمن الاعتبار، وألا تكون بها ثغرة توسع من انتشار وزيادة أعداد الفصائل، وهذا ما يثير مخاوف الأهالي الذين حذروا من انعكاسات سلبية للخطة الجديدة".
وأكد أن "الطارمية لا تختلف عن مناطق بغداد الأخرى من ناحية الأمن، فأعمال العنف التي سجلت بها، تسجل مثيلاتها في مناطق العاصمة الأخرى، إلا أن ما يحدث أن هناك تهويلاً إعلامياً من بعض الجهات، والتي تروج لأن الطارمية بلدة خطيرة أمنياً وغير مستقرة، وتهدد أمن بغداد وما إلى ذلك، لأجل تحقيق أهداف خاصة".
من جهته، قال الناشط الحقوقي في المدينة فلاح السلماني لـ"العربي الجديد"، إن مطلب السكان هو الإبقاء على القوات النظامية، وإبعاد المدينة عن أي وجود لفصائل مسلحة"، مضيفاً أن "هناك مخاوف في أن تكون خطوة الوزير متخذة بناءً على ضغوط لفصائل مسلحة تريد أن تشرعن وجودها في الطارمية من خلال خطة الانتشار الجديدة".
وتواجه البلدة حملة تحريض مستمرة من قبل الفصائل المسلحة والجهات السياسية المرتبطة بها، والتي تعتبر البلدة "معقلاً للإرهاب".
وتعيش البلدة التي تقع في المحور الشمالي للعاصمة بغداد، منذ عدّة سنوات، تضييقاً أمنياً وأجواء عسكرية مستمرة، وقد سجلت خلال الفترة السابقة انتهاكات كثيرة من عمليات دهم من دون أوامر قضائية واعتقالات عشوائية لأبنائها، من قبل فصائل مسلحة.