بدأ رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، اليوم الأربعاء، زيارة تفقدية إلى محافظة المهرة بهدف الاطلاع على أوضاعها ومستوى التدخلات الخدمية والإنمائية المقدمة للمواطنين، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الرسمية "سبأ" بنسختها التي تديرها الشرعية اليمنية.
وتأتي زيارة العليمي إلى المهرة على رأس وفد حكومي رفيع بعد أيام من الدعوة التي أطلقتها الرئاسة اليمنية لمسؤولي الشرعية بالعودة إلى الداخل، وممارسة العمل من داخل البلاد، وهي العودة التي مهد لها رئيس الحكومة معين عبد الملك، بعودته مطلع الأسبوع الحالي إلى عدن، فيما عمد مسلحون يتبعون لعضو مجلس القيادة الرئاسي أبو زرعة المحرمي، إلى اقتحام سكن عبد الملك في قصر معاشيق.
وهناك العديد من الملفات المطروحة على طاولة مجلس القيادة الرئاسي، في محافظة المهرة التي تشهد حراكاً متصاعداً من القبائل المطالبة برحيل قوات التحالف من المحافظة التي تعد البوابة الشرقية للبلاد.
وتكتسب محافظة المهرة أهمية استراتيجية، فلها منفذان حدوديان مع سلطنة عمان هما صيرفت وشحن، كما تمتاز بساحل طويل يمتد لـ560 كيلومتراً، وتمتاز بموانئها الطبيعية، ومنها ميناء نشطون الذي يستقبل حمولة (2000) طن، وهو ما جعلها بؤرة صراع بين مختلف الأطراف التي تسعى للسيطرة عليها. كما وتشكل المهرة الحدود الشرقية مع سلطنة عمان، وتعد البوابة الشرقية لليمن، وهي ثاني أكبر المحافظات اليمنية من حيث المساحة، وأقل محافظة بعدد السكان، وعاصمتها مدينة الغيضة التي تعد مركز المحافظة.
وتساءل الكاتب الصحافي منصور النقاش، في حديث مع "العربي الجديد"، عما إذا كان على العليمي البحث عن عاصمة ثالثة بعد صنعاء والعاصمة المؤقتة عدن. وبرأيه فإنه بالنظر إلى مسار الأحداث الأخيرة "تبدو زيارة العليمي للمهرة إجابة محتملة للبحث عن كتلة وازنة في المحافظات الجنوبية (ضمنها حضرموت والمهرة)"، إذ يمكن قراءتها بأنها رسالة للمجلس الانتقالي الجنوبي المنادي بالانفصال "بأن هناك عاصمة بديلة لعدن بعد اقتحام قصر معاشيق".
ولفت النقاش إلى أنه "بالعودة قليلاً إلى توجيهات العليمي المتعلقة بضرورة عودة كافة مسؤولي الدولة إلى العاصمة المؤقتة عدن، في موعد أقصاه السادس من أغسطس/آب الحالي، من الواضح أن الرجل وقع أمام مسؤولية حماية موظفي الدولة، وأن البحث عن أرض آمنة لقيادة الدولة بات ضرورة ملحة، بعد أن تحولت العاصمة المؤقتة إلى بيئة طاردة لأي عمل سياسي أو إدارة مؤسسات الدولة".
من جهته، قال المحلل السياسي عبد العالم بجاش لـ"العربي الجديد"، إنّ "استياء أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي من الزيارة يشير إلى مخاوف أن تكون الزيارة للمهرة على غرار زيارة الرئيس العليمي إلى حضرموت (أواخر يونيو/حزيران الماضي)، والتي أعقبها ترتيب المسألة الداخلية في حضرموت، وإعلان المجلس الوطني لحضرموت المقرب للسعودية، وإبعاد حضرموت عن هيمنة الانتقالي"، لكن بجاش لفت إلى أن "هناك إشكاليات متواصلة لبعض المكونات والقبائل في المهرة مع التواجد السعودي".
وأشار إلى أن "مجلس القيادة الرئاسي معني بالعمل الدائم على تهدئة أي نزاع أو خلافات وضمان عدم خروجها عن السيطرة". وبرأيه فإنه "أياً تكن الأهداف الفعلية للزيارة تبقى قيادة الشرعية ممثلة بالمجلس الرئاسي من دون عاصمة، نظراً لتمنع عدن في ظل هيمنة المجلس الانتقالي، ورفضه العنيد السماح بتمكين توطيد أسس العاصمة الشرعية المؤقتة في عدن"، لافتاً إلى أن "حضرموت، وكذلك المهرة ربما تبقى كخيار عاصمة محتملة لأنه لا يمكن للمجلس الرئاسي أن يبقى مقيماً في الرياض وبلا عاصمة يعمل منها، في الوقت الذي أصدر قراراً بعودة كافة مسؤولي الدولة للعمل من عدن، وها نحن نرى أن الانتقالي لا يزال في موقف متعنت وأزمة الانقسام مستمرة داخل المجلس الرئاسي".
ووفقاً لبجاش، فإن المهرة لا يمكن السماح بخروجها من دائرة نفوذ السعودية كما حضرموت. وأشار إلى أن "زيارة الرئيس العليمي إلى المهرة تشبه إلى حد كبير زيارته إلى حضرموت، حيث يمثل الحد من إمكانية بسط نفوذ الانتقالي على المحافظة وتحجيمه هدفاً ليس لقيادة المجلس الرئاسي وحسب، بل لمعظم مكونات محافظة المهرة نفسها، وكذلك للسعودية قائدة التحالف العربي أيضاً بدرجة أساسية، والمضي في إجراءات قائمة لتحييد عدن وإخراجها من الهيمنة المطلقة للانتقالي إلى مجال يتيح لقيادة الشرعية العمل من الداخل، ومن داخل عاصمة تنهي صفة حكومة المنفى عن الشرعية".
من جهته، رأى الصحافي ماهر أبو المجد، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن المغزى من زيارة العليمي هو خلق نوع من التوافق على وضع أمني معين في المحافظات الشرقية من البلاد، يبعد هذه المناطق عن طموحات الانتقالى الذي يسعى لإحكام السيطرة الأمنية عليها.
ويرى الصحافي أن "رئيس مجلس القيادة سيحاول طمأنة القوى الفاعلة في المحافظة، ولا يُستبعَد أن يعطي كثيرا من الامتيازات لأبناء المحافظة في ما يخص إدراة المحافظة وفقاً للرؤية التي أطلقها من المكلا في وقت سابق، وهي النزوع نحو الحكم المحلي كامل الصلاحيات، إذ إنه وفقاً لهذه الرؤية يعتقد رئيس مجلس القيادة أنه سيخلق نوعاً من القطيعة بين أبناء هذه المحافظات والمجلس الانتقالي، من خلال إعطاء امتيازات ومصالح تجعل الناس يدافعون عنها أمام مشروع الانتقالي".