دخلت انتفاضة السويداء، جنوبي سورية، أسبوعها الحادي عشر بزخم جديد تمثل في دخول عدة نقابات مهنية في الحراك، رغم تصاعد لهجة التهديدات المبطنة والمعلنة، والتشويش المتعمد على ساحة الكرامة.
وتوافد الآلاف من أبناء قرى وبلدات ومدن محافظة السويداء إلى ساحة الكرامة للمطالبة بالتغيير السياسي والانتقال السلمي للسلطة في البلاد، مرددين شعاراتهم برحيل النظام ووحدة الصف السوري، ورافعين أصواتهم لوقف القتل بحق المدنيين في إدلب وغزة.
وشهد اليوم الـ76 زخماً خاصاً بعد التهديدات بالقتل، والاغتيالات وأعمال السلب التي انتشرت خلال الأيام الماضية، حيث عملت لجان التنظيم في المدن والبلدات على نزع فتيل المشاكل، وقطع الطرق على العابثين.
ورصد "العربي الجديد" تداعيات بيان الشيخ حكمت الهجري الصادر منتصف الأسبوع الماضي، الذي أكد استمرار الحراك على الرغم من كل الظروف المحيطة من الحرب على غزة، واستمرار المعارك في سورية.
وقبل أسبوعين، بدأ الحراك يتجه إلى أن يكون أكثر تنظيماً، رغم محاولات عديدة من قبل أجهزة النظام وإعلامه لبث الفتنة والتفرقة بين المحتجين من خلال إثارة خلافات على أمور جزئية، واستطاع المحتجون تخطي ذلك.
من جانبه، قال الناشط الإعلامي هاني عزام، لـ"العربي الجديد"، إن الحراك بدأ يأخذ منحى نقابياً ومهنياً موازياً للتظاهر من خلال بدء العمل على تسيير الأمور الخدمية التي تمس الحياة مباشرة، مع بدء العمل على تعرية شبكات الفساد والفاسدين ضمن المؤسسات الخدمية.
وبحسب عزام، فإن ذلك يأتي بهدف تصحيح مسار العمل المؤسساتي الذي سيطرت عليه القوى الأمنية وحزب البعث الحاكم مدة 60 عاماً، ومارست خلال تلك الفترة فساداً منظماً مع التحكم بمفاصل القرار في المؤسسات لمصالح شخصية على حساب الصالح الشعبي.
وأضاف عزام أن "المحتجين عادوا صباح أمس لإغلاق فرع حزب البعث في مدينة السويداء، تأكيدًا على أن الحزب لم يعد له دور في المحافظة".
وبموازاة ذلك وعلى أثر مقتل أحد المهندسين الناشطين في الحراك بحادثة إطلاق نار سجلت ضد مجهول، وبالعودة للتهديدات المبطنة التي أطلقها ناشطون تابعون للنظام السوري الذين سوقوا لها على أنها مخططات اغتيال ستجرى في السويداء لاتهام السلطة بحسب تعبيرهم، أكدت الناشطة الحقوقية سلام عباس (اسم مستعار) ضرورة إطلاق حملة مناصرة منبثقة عن الحراك للمطالبة بتفعيل الضابطة العدلية وتحييدها من القبضة الأمنية الحاكمة بقراراتها وتقاريرها الجنائية، التي تحاول تورية أي أمر تتوجه فيه أصابع الاتهام تجاه الأجهزة الأمنية.
وأشارت، خلال حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن مقتل المهندس المعروف بنزاهته وأخلاقه والمشهور بمناهضته للنظام والفساد ليس حادثة قتل عادية، وإنما تندرج تحت بند الاغتيال، خصوصاً أن الدافع للقتل غير معروف وأن القتلة مجهولو الهوية، مشبهةً الوضع بما يحدث في محافظة درعا منذ عام 2018، والذي بيّن تورط الأجهزة الأمنية فيه بالضلوع بقتل ناشطين معارضين للنظام.
وحذرت من حدوث فتن من خلال افتعال النظام بأجهزته أي اغتيالات وتغطيتها بأسباب أخرى، داعية المواطنين في السويداء للتروي قبل القيام بأي ردة فعل في حال حدوث جرائم مشابهة.
أما الناشط السياسي ظافر زين الدين، فاعتبر أن "ألاعيب النظام" باتت مكشوفة، مشيراً إلى أن أهالي السويداء أفشلوا رهانات عديدة للسلطة حول نقاط كثيرة، أولها فشل الحراك عبر الوقت، ثم محاولات شق الصف بين أهالي المحافظة وبين المحتجين أنفسهم، مؤكداً أن النسبة العظمى من أهالي المحافظة يؤيدون الانتفاضة، بدليل أن النظام لم يستطع حشدهم لقمع التظاهرات كالسابق.
وبحسب زين الدين، فإنه "يمكن التعويل على وعي الأهالي لأي مستجدات طارئة.. غالبيتهم باتوا يدركون تماماً أن هذا النظام ليس محلاً للثقة بالمطلق. لذلك لن تفلح محاولاته لبث النعرات والفتن بين مكونات المحافظة على مختلف الخلفيات سواء الثقافية أو الفكرية أو الدينية".