شكري: إثيوبيا شرعت في ملء سد النهضة بقرار أحادي وإطالة المفاوضات لـ"فرض الأمر الواقع"

26 يناير 2021
شكري: أديس أبابا تتصرف بصورة "أحادية ومتعنتة" (الأناضول)
+ الخط -

قال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إنّ بلاده تسعى لإبرام اتفاق يراعي مصالح الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا) في ملف سد النهضة، مشيراً إلى أنّ أديس أبابا تتصرف بصورة "أحادية ومتعنتة" في هذا الملف.

ولفت شكري إلى أن مصر منفتحة على جميع الأطراف للحفاظ على حقوقها التاريخية في مياه النيل، لا سيما أنها وقعت على مسودة الوسيط الأميركي، والتي رفضت إثيوبيا التوقيع عليها.

وادعى شكري، في كلمة له أمام مجلس النواب، اليوم الثلاثاء، أنّ الخارجية المصرية استطاعت فرض ملف سد النهضة على المجتمع الدولي، من خلال عقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة جلسة نقاشية حول ملف السد، في يونيو/ حزيران الماضي، مشدداً على رفض بلاده "الانجراف في إطالة أمد المفاوضات لفرض الهيمنة الإثيوبية على النهر، في إطار سياسة الأمر الواقع".

وتابع: "ليس من قبيل المبالغة أنّ قضية مياه النيل تعد الأهم على أجندة الخارجية المصرية، لتأمين وصون حقوقنا التاريخية، وحماية مقدرات الشعب المصري التزاماً بما جاء في نصوص الدستور"، مستدركاً "مصر تسعى من خلال مفاوضات سد النهضة إلى التوصل لاتفاق عادل ومتوازن، يتيح للشركاء في مياه النيل تحقيق الأهداف التنموية في إثيوبيا، ويحمي الحقوق المائية لكل من مصر والسودان".

واستطرد شكري: "الخارجية المصرية قدمت الدعم اللازم لوزارة الري والموارد المائية في كافة مراحل التفاوض، وصولاً إلى صياغة اتفاق متوازن لقواعد ملء السد يحفظ حقوق الدول الثلاث في مفاوضات واشنطن، إلا أن إثيوبيا تحفظت عليه، ورفضته، وشرعت في ملء السد بقرار أحادي من دون اتفاق".

 

وأضاف أنّ القاهرة شاركت في كافة الاجتماعات الخاصة بهذا الملف الحيوي، ولكنها تواجه تعنتاً إثيوبياً يهدف إلى المساس بحقوق مصر المائية، وأن "بلاده لا تزال تعول على الوسيط الأميركي لحلحلة الأزمة، خصوصاً أن علاقاتها مع الولايات المتحدة تستند إلى أسس صلبة قائمة على التعاون المشترك، وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والعسكرية في مواجهة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله".

وأعلن شكري زيادة حجم التبادل التجاري بين القاهرة وواشنطن بنسبة 76% في الفترة من عام 2016 حتى عام 2019، مبيناً أن الاستثمارات الأميركية في مصر بلغت نحو 22 مليار دولار، لتحتل بذلك الولايات المتحدة المرتبة الثالثة في الدول المستثمرة في مصر بعد روسيا والصين، فضلاً عن أن بلاده تأتي كذلك على رأس قائمة الدول المستقبلة للاستثمارات الأميركية في القارة الأفريقية، بحسب قوله.

وأوضح أن العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لا تقف عند حزب سياسي بعينه، وإنما قائمة على أطر وأسس التعاون المشترك والشراكة في مختلف المجالات، مضيفاً أن وزارة الخارجية تعمل على تنفيذ رؤية الدولة المصرية، والدفاع عن ثوابتها تحقيقاً لأهدافها، إلى جانب صون الأمن، ومواجهة كافة أشكال العنف والتطرف والإرهاب، والعمل على إيجاد حلول سلمية للنزاعات في منطقة الشرق الأوسط.

واستكمل قائلاً: "التحرك المصري يرتكز على حماية ما تحقق من إنجازات، والسعي نحو مزيد من المكتسبات في ضوء عمل الحكومة، لا سيما في ملف حماية الأمن القومي، وتحقيق سياسة مصر الخارجية"، مدعياً أن خدمة المواطنين، والعمل القنصلي، في مقدمات عمل الوزارة، نظراً لحرصها على الشق الخدمي، والتواصل المباشر مع مصالح المواطنين في الداخل والخارج، بما يتناسب مع حجم ومكانة المصريين.

وقال شكري إن بلاده قدمت 4 ملايين دولار لصندوق أفريقيا من أجل المساهمة في احتواء أزمة تفشي فيروس كورونا، إضافة إلى مليون دولار لمكافحة الأمراض الأخرى، في ضوء التعاون الاستراتيجي بين مصر والقارة السمراء، مشيراً إلى أن مصر تولي اهتماماً كبيراً للملف الأفريقي في مجالات الدعم والتدريب والمشاركة مع مختلف دول القارة، إيماناً من السياسة المصرية بأن مصر ذات جذور أفريقية.

تقارير عربية
التحديثات الحية

 

وأضاف أن مصر عززت علاقاتها مع الدول الأوروبية من خلال الاتحاد الأوروبي، وبنك الاستثمار الأوروبي، بغرض جذب المزيد من الاستثمارات الأوروبية إلى مصر، وزيادة تدفقات السياحة، وفتح أسواق للمنتجات المصرية في هذه الدول، زاعماً أن بلاده تتمتع بعلاقات قوية مع الدول الأوروبية كافة، بعد أن نجحت في زيادة حجم التبادل التجاري معها، وتكثيف الاستثمارات في مجالات أهمها التطور التكنولوجي.

ودلّل على ذلك بقوله: "العلاقات مع أوروبا ظهرت جلية في أزمة الرسوم المسيئة للرسول الكريم، حيث كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أول من حرص على التواصل مع فرنسا، وزيارتها من أجل تجاوز الأزمة، والتوافق على سبل مكافحة الإرهاب من دون التعدي على المقدسات الدينية".

وعن العلاقات المصرية الروسية، قال شكري إنها مثمرة، وتشهد تطوراً ملحوظاً ينعكس في الزيارات المتبادلة بين بين رئيسي الدولتين، فضلاً عن الزيارات الأخرى على مستوى الوزراء، مشيراً إلى أن آفاق التعاون مع الجانب الروسي تمضي قدماً في ملفات مهمة، ومنها إنشاء المنطقة الصناعية الروسية في مصر، ومحطة الضبعة النووية بمحافظة مطروح.

وواصل شكري: "العلاقات المصرية الروسية لا تقتصر على الجانب السياسي والاقتصادي فقط، بل تمتد لتشمل البعد الثقافي، إثر إعلان عام 2021 عاماً للتبادل الإنساني بين القاهرة وموسكو لإثراء البعد الإنساني".

وعن تطورات الأزمة الليبية، قال وزير الخارجية إن "التحركات المصر المكثفة مثلت نقطة تحول فارقة في مسار الأزمة خلال الفترة الأخيرة، وذلك عبر (إعلان القاهرة) الذي كان بمثابة دعوة صريحة للتمسك بالحل السياسي، ووقف عمليات التصعيد العسكري"، خاتماً بأن "المساعي المصرية مع الأطراف الليبية المختلفة تستهدف العودة إلى المسار التفاوضي، من أجل التوصل لتسوية شاملة للأزمة، والتصدي لكافة أشكال التدخل الخارجي".