علق شيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب، اليوم الاثنين، على ما قال إنه "توجهات تدّعي أنه يمكن أن يكون هناك دين واحد يسمى بـ"الإبراهيمية" أو الدين الإبراهيمي، وما تطمح إليه هذه الدعوات من مزج اليهودية والمسيحية والإسلام في رسالة واحدة أو دين واحد يجتمع عليه الناس".
وقال الطيب إن "هذه الدعوى، مثلها مثل دعوى العولمة، ونهاية التاريخ، و(الأخلاق العالمية) وغيرها، وإن كانت تبدو في ظاهر أمرها كأنها دعوى إلى الاجتماع الإنساني وتوحيده والقضاء على أسباب نزاعاته وصراعاته.. إلا أنها، هي نفسها، دعوة إلى مصادرة أغلى ما يمتلكه بنو الإنسان، وهو (حرية الاعتقاد) وحرية الإيمان، وحرية الاختيار، وكل ذلك مما ضمنته الأديان، وأكدت عليه في نصوص صريحة واضحة، ثم هي دعوة فيها من أضغاث الأحلام أضعاف أضعاف ما فيها من الإدراك الصحيح لحقائق الأمور وطبائعها".
وألقى شيخ الأزهر، اليوم، الكلمة الرئيسة لاحتفالية بيت العائلة المصرية بمرور 10 سنوات على تأسيسه، معربًا عن ترحيبه بضيوف المؤتمر في رحاب الأزهر الشريف والكنائس المصرية.
وأكد أن بيت العائلة المصرية "كان ثمرة لتفاهم عميق مدروس بين الأزهر والكنيسة، التقيا فيه من أجل تحصين مصر والمصريين من فتن أحدقت بالبلاد، ودمرت من حولنا أوطانًا ومجتمعات، بل وحضارات ضاربة بجذورها في قديم الأزمان والآباد، وراح ضحيتها الملايين من الأرواح، والآلاف من المشوهين والأرامل واليتامى، والفارين والنازحين عن ديارهم وأوطانهم".
وأضاف الطيب أن الأزهر والكنائس المصرية "أسسوا بيت العائلة استشعارًا لواجب المؤسسات الدينية في المشاركة في الجهود الوطنية والأمنية والسياسية التي تبذلها الدولة لدحر هذا المخطط اللعين، وحماية الوطن والمواطنين من تداعياته التي تُغذيها، وترعاها، قوى خارجية بالتنسيق مع قوى داخلية، وبعدما بات من الواضح أن هدف الجميع هو سقوط مصر في ما سقطت فيه دول عربية كبرى وصغرى من صراعات أهلية مسلحة، لا تزال أخبارها البالغة السوء تتصدر الأنباء المحلية والدولية حتى هذه اللحظة".
وقطع شيخ الأزهر في كلمته "الشكوك التي تثار للخلط بين تآخي الإسلام والمسيحية في الدفاع عن حق المواطن المصري في أن يعيش في أمنٍ وسلامٍ واستقرار، الخلط بين هذا التآخي وبين امتزاج هذين الدينين، وذوبان الفروق والقسمات الخاصة بكل منهما.. وبخاصة في ظل التوجهات التي تدعي أنه يمكن أن يكون هناك دين واحد يسمي بـ"الإبراهيمية" أو الدين الإبراهيمي، وما تطمح إليه هذه الدعوات – فيما يبدو – من مزج اليهودية والمسيحية والإسلام في رسالةٍ واحدة أو دِين واحد يجتمعُ عليه الناس، ويُخلصهم من بوائق النزاعات، والصراعات التي تؤدي إلى إزهاق الأرواح وإراقة الدماء والحروب المسلحة بين الناس، بل بين أبناء الدين الواحد، والمؤمنين بعقيدةٍ واحدة".
وأضاف: "ومن منطلق إيماننا برسالاتنا السماوية، نؤمن بأن اجتماع الخلق على دين واحد أو رسالة سماوية واحدة أمر مستحيل في العادة التي فطر الله الناس عليها، وكيف لا، واختلاف الناس اختلافًا جذريًّا، في ألوانهم وعقائدهم، وعقولهم ولغاتهم، بل في بصمات أصابعِهم وأعينهم.. كل ذلك حقيقة تاريخية وعلمية، وقبل ذلك هي حقيقة قرآنية أكدها القرآن الكريم ونص على أن الله خلق الناس ليكونوا مختلفين، وأنه لو شاء أن يخلقهم على ملة واحدة، أو لون واحد أو لغة واحدة أو إدراك واحد، لفعل".
وعاد مصطلح "الإبراهيمية" للظهور على سطح الحياة السياسية والدينية في منطقة الشرق الأوسط، بعد عقد ما يسمى بـ"اتفاقات أبراهام" برعاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. وظهرت توجهات بعد ذلك لاستحداث ديانة تشتق نواميسها من الأديان السماوية الثلاثة، اليهودية والمسيحية والإسلام، وتدعو إلى نشر التسامح وقبول الآخر، تسمى "الديانة الإبراهيمية الجديدة".