يمر اليوم 25 يونيو/حزيران 2021، عامان على القضية المعروفة إعلامياً بـ"خلية الأمل"، التي ضمّت أطيافاً مختلفة أيديولوجياً وفكرياً في قضية واحدة. ففي 25 يونيو 2019 والأيام التالية، شنّت قوات الأمن المصرية، حملة اعتقالات واسعة النطاق لعدد من المواطنين المصريين، ما بين محامين وصحافيين، وسياسيين ورجال أعمال ودعاة ضمن ما عرف لاحقاً بـ"خلية الأمل".
وشملت قائمة المعتقلين، المحامي اليساري وعضو البرلمان المصري السابق زياد العليمي، والداعية خالد أبو شادي، ورامي نبيل شعث، ابن وزير خارجية السلطة الفلسطينية السابق نبيل شعث، والقيادي في حزب الاستقلال أسامة العقباوي، والمتحدث باسم التيار الشعبي الناصري حسام مؤنس. كما شملت الصحافي الناصري هشام فؤاد، ورجل الأعمال الليبرالي عمر الشنيطي، والمحامي قاسم عبد الكافي، والناشط العمّالي حسن البربري، ورجل الأعمال مصطفى عبد المعز عبد الستار، الشريك الرئيسي في مجموعة شركات "المعز" للتنمية العمرانية، بالإضافة إلى أحمد عبد الجليل مدير مكتب النائب في البرلمان المصري أحمد طنطاوي، المحسوب على تكتل 25/30.
ضمّت "خلية الأمل" أطيافاً مختلفة أيديولوجياً وفكرياً في قضية واحدة
ضمّت القضية أطيافاً عديدة من التيارات المصرية المختلفة، للإيحاء بأنهم اشتركوا جميعاً من أجل هدم الدولة المصرية، من دون أن تقدم النيابة العامة دليلاً واحداً على صدق الاتهامات، غير اعتراف بعض المتهمين، الذي أكدوا أنهم فعلياً كانوا يجتمعون وفقاً لحقوقهم الدستورية، من أجل التحضير لخوض الانتخابات البرلمانية 2020. وضمّت القضية يساريين وليبراليين، ورجال أعمال، وبرلمانيين، وجرى إضافة العنصر الإسلامي، باعتقال الداعية خالد أبو شادي، صهر نائب المرشد العام لجماعة "الإخوان"، خيرت الشاطر، والمعتقل منذ 7 سنوات في السجون المصرية. كما ضمّت اللائحة القيادي في حزب الاستقلال وعضو الهيئة العليا للحزب والمحسوب على التيار الإسلامي، أسامة العقباوي، ومجموعة من الإعلاميين والمعارضين السياسيين المقيمين خارج مصر منذ سنوات، للإيحاء بأنهم أعضاء فى المؤامرة الكبرى التي تستهدف إسقاط الدولة المصرية.
وفي 25 يونيو 2019، اعتقلت قوات الأمن عمر الشنيطي، المحلل الاقتصادي البارز ومالك سلسلة مكتبات "ألف" المصرية وضمّته إلى قضية "خلية الأمل". وفي 28 ديسمبر/كانون الأول من العام ذاته، أعلنت إدارة سلسلة مكتبات "ألف" المصرية، غلق 37 فرعاً لها بشكل رسمي، وتسريح أكثر من 250 موظفاً، بعد نحو 10 أعوام من افتتاحها، وحصار دام قرابة العامين، بعد قرار النائب العام بالتحفظ على أموال "الشركة العربية الدولية للتوكيلات التجارية".
وفي الساعات الأولى من صباح 24 يوليو/تموز 2019، اقتحمت مجموعة من قوات الشرطة المصرية منزل أسامة العقباوي، وعندما لم يجدوه اعتقلوا ابنته مودة أسامة، البالغة من العمر 18 عاماً والطالبة بالفرقة الثانية بكلية الإعلام في الجامعة الكندية، للضغط عليه حتى يسلم نفسه. وعلى الرغم من قيام والدها بتسليم نفسه في ذات اليوم لجهاز الأمن الوطني، والتحقيق معه في القضية رقم 930 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، لم يفرج الأمن عن ابنته، التي اختفت لمدة 3 أيام وظهرت أمام نيابة التجمع الأول. وأمرت النيابة بحبسها 15 يوماً على ذمة لقضية رقم 5315 لسنة 2019، لاتهامها بالانضمام لجماعة أُسّست على خلاف أحكام القانون والدستور. وأثناء عرضها على النيابة، أقرت بتعرضها للتهديد، وقالت: "حققوا معي هناك وسألوني عن أبي وشتموني، مع تشغيل صوت كهرباء، للإرهاب والتهديد"، لتستمر فى الحبس لمدة 9 أيام، قبل أن يتم إطلاق سراحها في 27 مارس/آذار 2020، فيما لا يزال والدها معتقلاً ويجدد له 45 يوماً على ذمة التحقيقات.
وبلغ عدد المتهمين في القضية، 82 متهماً. وبالإضافة إلى المعتقلين حضورياً، أضيفت مجموعة من الأسماء البارزة والمنتمين لتيارات مختلفة، وفي مقدمهم الأمين العام لجماعة "الإخوان المسلمين" محمود حسين، والمرشح الرئاسي السابق أيمن نور، والإعلاميان معتز مطر ومحمد ناصر. ووجهت النيابة العامة للمتهمين في القضية، والتي حملت رقم 930 لسنة 2019 حصر أمن دولة، تهم ارتكاب جرائم الاشتراك مع جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقانون، ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، ونشر أخبار ومعلومات وبيانات كاذبة على نحو متعمد عن الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد بقصد تكدير السلم العام وزعزعة الثقة في مؤسسات الدولة.
الشبكة المصرية لحقوق الإنسان: القضية برمتها ليس لها أساس من المصداقية والصحة
وفي يوليو/تموز 2019، أصدر النائب العام المصري، المستشار نبيل أحمد صادق، القرار رقم 35 بالتحفظ على أموال المتهمين ومنعهم من السفر خارج البلاد، ليشمل 85 متهماً بالقضية، و19 شركة وكياناً اقتصادياً. فيما أيّدت محكمة جنايات القاهرة القرار وحكمت على المتهمين بالسجن خمس سنوات.
وفي 16 ديسمبر/كانون الأول 2019 أصدر المستشار معتز خفاجي قراراً بإخلاء سبيل 7 متهمين في القضية، وهم: جمال عبد الناصر، عمرو عبد المنعم، مصعب حمدي، عاطف حسن محمد حسن، إبراهيم السيد محمد، محمد عبد العظيم سيد، ويوسف رضا عزت. وعلى مدار عامين، لم يتمكّن المحامون الذين حضروا جلسات التحقيق من الاستئناف على أوامر الحبس الاحتياطي الصادرة ضد معتقلي "خلية الأمل"، ولم تقدم النيابة أي دليل يثبت صدق الاتهامات الموجهة إلى المسجونين.
ورأت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان (منظمة مجتمع مدني مصرية) أن القضية برمتها ليس لها أساس من المصداقية والصحة، ويتضح من الاتهامات الموجهة إلى المتهمين أن السلطات أرادت الانتقام والتنكيل بالمعتقلين، وبالنظر إلى خطورة تلك الاتهامات وما لحق بالمسجونين على ذمتها من انتهاكات، ووضوح ذلك من خلال إجراءات السلطات المصرية المتسارعة ضدهم من مصادرة أموال وممتلكات، وكأنها تعاقبهم على حقهم الدستوري المشروع في التفكير في خوض الانتخابات البرلمانية 2020.
وتنص المادة 72 من الدستور المصري 2014 على أن "للمواطنين حق تنظيم الاجتماعات العامة، والمواكب والتظاهرات، وجميع أشكال الاحتجاجات السلمية، غير حاملين سلاحًا من أي نوع، بإخطار على النحو الذي ينظمه القانون. وحق الاجتماع الخاص سلمياً مكفول، دون الحاجة إلى إخطار سابق، ولا يجوز لرجال الأمن حضوره أو مراقبته، أو التنصت عليه".
ودعت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان إلى الإفراج عن جميع المعتقلين على ذمة القضية، والتي شهدت الكثير من التجاوزات والانتهاكات، من دون سند قانوني أو اتهامات حقيقية مبنية على أدلة معتبرة، تبرر ما حدث للمعتقلين على مدار عامين من انتهاكات تخالف مواد الدستور. إذ تنص المادة 87 من الدستور المصري على "مشاركة المواطن في الحياة العامة واجب وطني، ولكل مواطن حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأي في الاستفتاء". وينظم القانون مباشرة هذه الحقوق، ويجوز الإعفاء من أداء هذا الواجب في حالات محددة يبينها القانون. كما أهابت الشبكة المصرية بمسؤولي النيابة العامة القيام بواجبهم، وإصدار أمر بإخلاء سبيل المعتقلين الذين لم يفعلوا شيئاً سوى ممارسة حقوقهم المشروعة التي يكفلها الدستور والقانون.