تستعد القوى السياسية الكردية في أربيل والسليمانية، للعودة إلى مقراتها في مدينة كركوك، الواقعة على بعد 250 كيلو متر شمالي بغداد، بشكل تدريجي خلال الفترة المقبلة، ضمن تفاهمات الحكومة العراقية مع القوى الكردية، وذلك بعد أكثر من 3 سنوات على انسحابها من المدينة.
وكانت القوات العراقية الاتحادية قد سيطرت على المدينة، وطردت قوات البيشمركة منها، عقب تداعيات تنظيم حكومة إقليم كردستان استفتاءً شعبياً للانفصال عن العراق، واجهته بغداد بحزمة عقوبات وإجراءات سريعة كان من أبرزها حملة عسكرية ضخمة استعادت بموجبها المدن والبلدات التي كانت تحت سيطرة الأكراد، وأجبرت البيشمركة على التراجع إلى حدود ما قبل عام 2003.
ووفقا لمصادر سياسية في إقليم كردستان العراقي، شمالي البلاد، فإن عودة الأحزاب والقوى السياسية الكردية للمدينة أحد شروط تنظيم انتخابات مبكرة نزيهة وتحظى باعتراف دولي وأممي، إذ إن المدينة وباقي المناطق التي تضم مكونات مختلطة يجب أن يكون فيها عمل سياسي لكل المكونات بلا استثناء.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، أوعز لقوات الجيش في كركوك بالانسحاب من بعض المقرات التي تتواجد فيها وتعود أساساً لأحزاب كردية، أبرزها الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، وحركة التغيير.
وأوضح المصدر أن "هناك لجنة من قيادة الجيش في كركوك تتولى تنفيذ الخطة"، كاشفاً أن مقر الحزب الديمقراطي في حي شوارو شمالي كركوك بدأ الجيش فعلاً بخطة إخلائه، ليتم تسليمه رسميا للحزب".
وأكد أن الحزبين الرئيسيين (الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستاني) سيعاودان بشكل تدريجي نشاطهما السياسي في كركوك، تمهيداً للانتخابات المبكرة مثل باقي الأحزاب العربية والتركمانية".
وتلاقي الخطوة ردود فعل متباينة بين القوى السياسية الأخرى في كركوك، أغلبها تتحفظ على خطوات الحكومة الاتحادية في بغداد، المتعلقة بالمدينة دون العودة إليها، وهو ما يعتبره الكرد غير مبرر كون الحكومة الجهة الرسمية لأي تفهامات لا القوى السياسية في كركوك.
رئيس الجبهة التركمانية في كركوك، أرشد الصالحي، أحد أبرز القوى السياسية التركمانية في المدينة قال لـ"العربي الجديد"، إن "التركمان لا يعارضون عودة أي حزب لمزاولة نشاطه في كركوك"، لكنه عاد للقول بأن المدينة "بحاجة إلى حلول وتفاهمات".
وأضاف، "يجب اللجوء للحوار قبل أي خطوة تقدم عليها الحكومة فيما يتعلق بكركوك، والتفاهمات التي تتم بمعزل عن الحوار قد تؤثر سلبا على التعايش السلمي في كركوك".
وحذر من "الضغوط" التي تُمارس على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لسحب لواء من قوات الجيش الموجودة في كركوك، التي ما زالت بحاجة إلى توازن أمني".
وشدد "لا نقبل إملاءات من أي جهة على حساب أمن واستقرار محافظة كركوك"، محذراً أيضا من "محاولات إعادة البيشمركة، وأن هذا الإجراء إذا ما تم، فإنه سيكون مخالفاً للدستور، فمهام البيشمركة خارج المحافظات وخارج حدود الإقليم حصراً، لذلك يجب منع أي محاولة لإعادة المحافظة إلى المربع الأول وإدخال القوى الخارجية بدلاً من القوى الوطنية".
من جانبه، قال عضو تحالف القوى في كركوك، غانم العبيدي، وهو عن المكون العربي، إن "القوى السياسية الكردية تضغط حالياً على الكاظمي لأجل العودة إلى مقراتهم في كركوك، وإن هذا الحراك مرتبط مع الاستعدادات الجارية لخوض الانتخابات البرلمانية".
وأوضح لـ"العربي الجديد"، أن "هناك أهمية في أن تكون عودة القوى السياسية الكردية، قائمة على أساس التفاهم والحوار بين مكونات المحافظة، لا على أساس تفاهمات أحادية يجريها الكرد مع الحكومة المركزية"، داعياً الحكومة إلى "وضع التفاهم والحوار، كشرط لأي عودة كردية للمقار الحزبية".
ورداً على ذلك، قال القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، ماجد شنكالي، إن التخوف من عودة الحزب الديمقراطي أو أي حزب كردي إلى كركوك غير مبرر، مضيفاً، في اتصال هاتفي، مع "العربي الجديد"، أن "كركوك محافظة جميع المكونات، والتعايش السلمي أساس لبنائها واستقرارها".
وشدد على أنه إذا "كانت هناك أي اتهامات توجه للحزب الديمقراطي من قبل أي طرف، فعلى الجهات التي تطلقها أن تتجه إلى القضاء، وتقدم أدلتها بشأن ذلك".
وأشار إلى أن "الحوار يجب أن يكون مع الحكومة الاتحادية، وليس مع أي طرف آخر، فالحكومة هي المسؤولة عن الملفين الأمني والسياسي في كركوك، ولا يمكن التعامل مع أشخاص حتى لو كانوا يمثلون العرب أو التركمان، فالحوار الشخصي لا يفضي إلى حل المشاكل".
يأتي ذلك بالتزامن مع الاستعدادات التي تجري لخوض الانتخابات البرلمانية في البلاد، في ظل وجود صراع للفوز بانتخابات كركوك، التي تعد بؤرة الخلاف بين حكومتي بغداد وأربيل، الأمر الذي يُثير قلق مكونات المحافظة.