دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس ونزع فتيل أي توتر في معبر الكركرات، وذلك بالتزامن مع مؤشرات قوية بعودة أجواء التوتر إلى المنطقة جراء تخطيط جبهة "البوليساريو" لإغلاق المعبر.
وقال نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، في تصريح للصحافة أمس السبت، إن المنظمة الأممية على علم بوجود دعوات لتنظيم احتجاجات جديدة في المنطقة العازلة بمعبر الكركرات، مشدداً على أنه" لا يجوز إعاقة حركة المرور المدنية والتجارية العادية، ولا ينبغي اتخاذ أي إجراء قد يشكل تغييراً في الوضع الراهن للقطاع العازل".
وفيما أكد نائب المتحدث باسم غوتيريس، أن عناصر بعثة "المينورسو" ترقب الوضع من كثب، تثير تحركات موالين لـ"البوليساريو" نحو معبر الكركرات تساؤلات عن مراميها وانعكاساتها على السلم في المنطقة، ولا سيما في ظل حديث عن مخطط لفرض اعتصام بالخيام وسط المعبر في خطوة تهدف إلى تكرار سيناريو مخيم "إكديم إيزيك" في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2010 بمدينة العيون.
وتأتي هذه الخطوة في وقت يستعد فيه مجلس الأمن الدولي لدراسة تطورات ملف الصحراء في أفق إصدار قرار أممي بشأن التمديد لبعثة "المينورسو" المرتقب أن تنتهي مهمتها في 31 أكتوبر/ تشرين الأول القادم.
في المقابل، كان لافتاً كشف وسائل إعلام مغربية عن قيام المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، في المنطقة الجنوبية، الجنرال دكوردارمي عبد الفتاح الوراق، بمعية كبار المسؤولين العسكريين، الخميس الماضي، بزيارة تفقدية للجدار الأمني، وذلك بالتوازي، مع دعوة نشطاء مغاربة إلى إرسال قوات الجيش المغربي إلى المعبر رداً على التصعيد الجديد لـ"البوليساريو".
وتعتبر منطقة الكركرات منطقة منزوعة السلاح بموجب اتفاق وقف إطلاق النار 1991 الذي ترعاه الأمم المتحدة، والذي يعتبر الجدار الذي شيده المغرب منتصف الثمانينيات من القرن الماضي خطاً لوقف النار، حيث تنتشر القوات الأممية "المينورسو" لمراقبة تنفيذه.
وقد تحوّل معبر الكركرات الحدودي إلى نقطة توتّر منذ صيف عام 2016، حين بادر المغرب إلى إطلاق حملة تمشيط للمعبر الحدودي الرابط بينه وبين موريتانيا، مستهدفاً شبكات التهريب والاتجار غير المشروع، حيث حجزت السلطات المغربية حينها ما يربو على 600 عربة غير قانونية، وهو ما ردّت عليه جبهة البوليساريو بإيفاد مجموعة من مسلحيها إلى المعبر، مسبّبة حالة من التوتّر الإقليمي والدولي.
وبعد شهور طويلة من التوتّر، الذي خيّم على المنطقة، انتهت الأزمة من الجانب المغربي في شهر فبراير/ شباط 2017، إذ استجابت المملكة لطلب الأمين العام للأمم المتحدة بسحب قواتها التي دفعت بها نحو المنطقة لمواجهة مسلحي البوليساريو الذين أتوا إليها من معسكراتهم الواقعة إلى الشمال.
لكن الجبهة الانفصالية رفضت الامتثال لذلك الطلب، وبقيت في محيط المعبر الحدودي إلى أن اقترب موعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي في نهاية إبريل/ نيسان 2017، إذ نفّذت انسحاباً جنّبها إدانة رسمية من طرف المجلس. ورغم هذه الانسحابات، إلا أن المعبر بقي نقطة توتّر، خاصة من جانب جبهة البوليساريو التي تلوّح بتهديده كلما واجه ملف الصحراء أزمة جديدة.
ومنذ بداية سبتمبر/ أيلول الجاري، كثّفت "البوليساريو" من تحركاتها من خلال توجيه زعيم الجبهة رسالة تحذيرية إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس يطالب فيها بضرورة اتخاذ إجراءات وصفها بـ"الملموسة والجادة من أجل التنفيذ الصارم لخطة السلام" لتمكين الصحراويين من ممارسة تقرير المصير.
وبالتزامن مع التلويح بالمرور إلى مرحلة تصعيدية جديدة، والتخلي عن المسار الأممي لحل القضية، كان لافتاً تعزيز الجبهة لوجودها في منطقة ما وراء الجدار، وتخطيطها لبناء مزيد من المنشآت هناك، وكذا محاولتها فرض تحدٍ في وجه المغرب بقرار ما يُعرف بـ"انفصاليي الداخل"، بتأسيس هيئة جديدة أطلق عليها "الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي".
وكان الأمين العام للأمم المتحدة قد وجه في يناير/ كانون الثاني الماضي، تحذيراً واضحاً للبوليساريو، بعد محاولتها عرقلة مرور المشاركين في سباق "أفريقيا إيكو ريس" للسيارات، كما كان المغرب قد نبه، في بداية الشهر الجاري، مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن، إلى خطورة الأعمال الاستفزازية بشأن عرقلة جبهة البوليساريو الانفصالية لحركة المرور بمعبر الكركرات الحدودي.