حذرت صحيفة "جيروزاليم بوست" اليمينية الإسرائيلية من التأثيرات الواسعة للمواجهة الدائرة بين أذربيجان وأرمينيا في إقليم ناغورنو كاراباخ على مصالح تل أبيب، بسبب إمكانية أن يقود ذلك إلى تعزيز نفوذ كل من تركيا وإيران في القوقاز أو أن يسهم في تدهور العلاقة مع روسيا.
وفي تحليل لمعلقها للشؤون الإقليمية سيث فرانتسمان، لفتت الصحيفة إلى أن التقدير بإمكانية أن تتأثر إسرائيل بالصراع الأذربيجاني الأرميني يعود إلى حقيقة أن الدول المتورطة فيه ترتبط بعلاقات مع تل أبيب.
وأشار فرانتسمان إلى أن أذربيجان ترتبط بعلاقات وثيقة مع الاحتلال الإسرائيلي منذ فترة طويلة، حيث يشمل التبادل التجاري بين الطرفين مجالات كبيرة، ضمنها منظومات أسلحة تصدرها تل أبيب إلى باكو.
وشدد فرانتسمان على أنه نظرا لأن أذربيجان دولة إسلامية، فإن العلاقة معها تكتسب أهمية كبيرة بالنسبة لإسرائيل، لا سيما أنها تفتح أبوابها أمام الإسرائيليين وتحرص على علاقة "دافئة" بشكل خاص مع تل أبيب.
ولفت إلى أن ما يزيد الأمور تعقيدا أنه لا توجد لإسرائيل مصلحة في الصراع الأذربيجاني الأرميني، تماما كما أنه لا توجد لها مصلحة في الصراع الروسي الأوكراني، مشيرا إلى أن تل أبيب تفضل الحفاظ على علاقة جيدة مع كل من أذربيجان وأرمينيا وروسيا وأوكرانيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن وزيري الخارجية والدفاع الآذريين سبق أن زارا إسرائيل في 2013 و2017، إلى جانب أن وزير الخارجية الإسرائيلي السابق أفيغدور ليبرمان حل بأذربيجان في 2018، فيما زار نتنياهو باكو قبله بعامين.
وفي المقابل، قام وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي السابق، تساحي هنغبي، بزيارة أرمينيا التي زارت وزيرة خارجيتها إسرائيل، حيث أشارت الصحيفة إلى أن أرمينيا تعهدت بافتتاح سفارة لها في إسرائيل في 2019.
ويبرز فرانتسمان المأزق الإسرائيلي المتمثل في حقيقة أن أذربيجان، التي ترتبط بتل أبيب بعلاقات قوية، تحتفظ بعلاقات وثيقة جدا بتركيا التي تتبنى علاقات "عدائية جدا" تجاه إسرائيل، مشيرا إلى أن الغضب التركي في أعقاب توقيع كل من الإمارات والبحرين على اتفاقات تطبيع مع إسرائيل يدل على أن القيادة التركية معنية "بعزل الدولة اليهودية".
ويذهب المعلق الإسرائيلي إلى حد القول إن الصراع الأذربيجاني الأرميني سيمنح تركيا الفرصة لتعزيز نفوذها في القوقاز، وهو ما يتعارض مع المصالح الإسرائيلية.
وسيعمل الصراع الأذربيجاني الأرميني، كما يرى فرانتسمان، على تأجيج التنافس بين تركيا وإسرائيل في سوق السلاح، على اعتبار أن أذربيجان كانت تعتمد بشكل خاص على الطائرات من دون طيار التي تنتجها شركة "إلبيت" الإسرائيلية، في حين أن باكو باتت تعتمد أخيرا بشكل كبير على الطائرات من دون طيار التركية من طراز "بيرغدار"، لافتا إلى أن الطائرات من دون طيار التركية باتت بحد ذاتها "ظاهرة".
وفي المقابل، فإن الصحيفة توضح أن وقوف روسيا إلى جانب أرمينيا يقلص هامش المناورة أمام إسرائيل، على اعتبار أنها تحتاج التعاون والتنسيق الروسي الذي يسمح لها بالحفاظ على خريطة مصالحها في سورية، فضلا عن أن تل أبيب ليس بوسعها تجاهل الدور المتعاظم لموسكو في المنطقة بشكل عام؛ ناهيك عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نجح في إرساء علاقة صداقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ويرى فرانتسمان أن وقوف إيران إلى جانب أرمينيا يمثل أيضا تحديا لإسرائيل، على اعتبار أن طهران في حالة عداء مع إسرائيل.
ويخلص إلى أن تراجع الدور الأميركي في المنطقة يجعل الصراعات فيها ذات تأثير على مصالح تل أبيب، على اعتبار أن هذا التراجع يسمح ببروز نفوذ القوى الإقليمية الكبيرة: تركيا، وإيران وإسرائيل.
ونظرا لهذا التراجع، فإن الصراع الأذربيجاني الأرميني، كما ترى الصحيفة، يؤثر على مصالح إسرائيل، تماما كما تتأثر بالصراعات في شمال العراق وسورية وحوض المتوسط وليبيا.