تبدي مصر خشيتها على مصالحها الاستراتيجية في أكثر من مستوى، على وقع مشاورات تجريها الإمارات مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي، حول شراكة اقتصادية جديدة تتمحور بالدرجة الأولى في مجال الغاز الطبيعي.
وقالت مصادر دبلوماسية غربية في القاهرة وأخرى مصرية، لـ"العربي الجديد"، إن "القاهرة فوجئت أخيراً، بمشاورات بين مسؤولين في كل من أبوظبي وتل أبيب، حول عرض تقدمت به الإمارات، بشأن شراكة، تقوم بموجبها بتأسيس وحدة تسييل غاز محمولة على إحدى السفن العملاقة، بحيث تكون موجودة بالقرب من الحقول الإسرائيلية، يتم من خلالها تسييل إنتاج تلك الحقول ومن ثم تصديره بشكل مباشر إلى أوروبا".
الإمارات فاجأت مصر
وقالت المصادر إن الخطوة الإماراتية "جاءت مفاجئة للقاهرة، خصوصاً أنها تتقاطع بشكل مباشر مع المصالح المصرية، فالاتفاقات الخاصة تقوم على تسييل الغاز الإسرائيلي في محطتي دمياط وإدكو، ومن ثم نقله إلى أوروبا، في وقت تعمل فيه مصر للتحول إلى مركز رئيسي للطاقة في المنطقة من خلال تسييل الغاز وإعادة تصديره، حيث يبلغ الإنتاج الحالي للبلاد ما بين 6.5 و7 مليارات قدم مكعبة من الغاز الطبيعي يومياً".
وتشهد الفترة الحالية محادثات إسرائيلية - مصرية على مستوى رفيع، بشأن الوصول لصيغة تشاركية لاستخراج الغاز الطبيعي من حقل "غزة مارين" الذي يبعد 36 كيلومتراً عن سواحل قطاع غزة، في الوقت الذي سبق ووقع فيه صندوق الاستثمار الفلسطيني، اتفاقية مع اتحاد المقاولين مع "إيغاس" المصرية، في فبراير/شباط 2021، للتعاون لتطوير حقل الغاز.
وتأتي المشاورات المصرية الإسرائيلية بشأن حقل غاز "غزة مارين"، في إطار مفاوضات سياسية وأمنية أوسع تجري بوساطة أميركية، تشارك فيها السلطة الفلسطينية، بهدف تهدئة الأوضاع.
الاتفاقات الخاصة تقوم على تسييل الغاز الإسرائيلي في محطتي دمياط وإدكو، ومن ثم نقله إلى أوروبا
وتطرح حكومة الاحتلال أن "الدول فقط هي التي يحق لها إدارة حقول الغاز من الناحية القانونية"، ومن ثم "لا تستطيع السلطة الفلسطينية القيام بذلك بمفردها"، ولذلك تطرح تل أبيب، بحسب مصادر مصرية وغربية، أن "يجرى اتفاق ثلاثي بين مصر وحكومة الاحتلال والسلطة الفلسطينية، يتم بموجبه تشغيل الحقل، على أن تستفيد السلطة الفلسطينية من نسبة من عوائده".
وأوضحت المصادر أن "دور القاهرة يشمل التوصل لاتفاق مع فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، من أجل إقناعها بتلك الخطوة، في إطار توفير مصدر دخل، بحيث تستفيد غزة من العوائد الاقتصادية لتلك الخطوة".
تباين مصالح إماراتي مصري
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية عصام عبد الشافي، لـ"العربي الجديد"، إن "الحديث الآن عن محطة إسالة متحركة، يعكس وجود تباين مصالح بين الطرفين المصري والإماراتي، لأن هذا سيكون بدرجة مركزية على حساب مصر، فأحد أهم بنود اتفاق الغاز الطبيعي بين مصر وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، هو أن يتم نقل الغاز الطبيعي من الحقول المحتلة إسرائيلياً، إلى الموانئ المصرية وإسالته في محطات الإسالة في دمياط وإدكو، وبالتالي هذه الخطوة يمكن أن تنال من نسبة الإسالة التي تستقبلها المحطات المصرية".
عصام عبد الشافي: الحديث عن محطة إسالة متحركة، يعكس وجود تباين مصالح مصر والإمارات
وتابع: "الإمارات بالأساس ترتبط بكل من مصر وقبرص واليونان وحكومة الاحتلال، باتفاقيات لتشغيل الموانئ على البحر المتوسط، وبالتالي كان يمكن أن تستفيد من اتفاقياتها الخاصة بالموانئ المصرية، في تطوير محطة إسالة ثابتة على هذه الموانئ وليس إنشاء محطة إسالة متحركة".
وأبرمت كل من مصر وحكومة الاحتلال والاتحاد الأوروبي، منتصف العام الماضي، اتفاقاً ثلاثياً في القاهرة، حول تجارة ونقل وتصدير الغاز الطبيعي، تحت مظلة "منتدى غاز شرق المتوسط" الذي تأسس في 2021، حيث يمتد الاتفاق 3 سنوات قابلة للتجديد تلقائياً لمدة عامين، وينص على نقل الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى محطات الإسالة في مصر (إدكو ودمياط)، ومن ثم يشحن شمالا إلى السوق الأوروبية.