دعا وزيرا الخارجيّة الروسي سيرغي لافروف والأميركي أنتوني بلينكن خلال أوّل لقاء بينهما، الأربعاء في ريكيافيك، إلى التعاون وإجراء حوار "صادق"، وذلك على خلفيّة توتّرات بين موسكو وواشنطن.
ونقلت وكالة "فرانس برس" عن بلينكن قوله للصحافيّين خلال لقاء ثنائي مع لافروف على هامش انعقاد مجلس المنطقة القطبيّة الشماليّة: "رؤيتنا هي أنّه إذا تمكّن قادة روسيا والولايات المتحدة من العمل بشكل متعاون... فسيكون العالم مكاناً أكثر أمناً".
وقال بلينكن: "نحن نبحث عن علاقة مستقرّة ويمكن التنبّؤ بها مع روسيا. نعتقد أنّ هذا جيّد لشعبنا وجيّد للشعب الروسي ومفيد حقّاً للعالم". وأضاف: "لكن إذا تصرّفت روسيا بعدائيّة ضدّنا أو ضدّ شركائنا أو حلفائنا فسنردّ".
من جهته، قال لافروف: "نحن مستعدّون لمناقشة كلّ الأمور، بلا استثناء، شرط أن يكون النقاش صادقاً... وأن يقوم على الاحترام المتبادل".
وأشار الرجلان، بحسب "فرانس برس"، إلى مجالات عدّة يُمكن الاتّفاق بشأنها، مثل المناخ ومكافحة الجائحة، وكذلك ملفّات أفغانستان وكوريا الشماليّة والنووي الإيراني.
وتوجّه لافروف إلى بلينكن قائلاً إنّ "نهجنا مختلف جدّاً في ما يتعلّق بتحليل الوضع على الساحة الدوليّة"، لكنّ الأمر "الأكثر أهمّية هو أننا نحاول أن نستخدم الإمكانات الدبلوماسيّة إلى أقصى حدّ، وأنا أُقدّر بشدّة أنّكم تُظهرون مثل هذه الإرادة، ويمكنكم الاعتماد على معاملةٍ بالمثل من جانبنا في هذا الشأن".
وأبدى لافروف استعداد موسكو لـ"إزالة الأنقاض" الموروثة عن الإدارات الأميركيّة السابقة، ولا سيّما في ما يتعلّق بـ"عمل البعثات الدبلوماسيّة" المشتركة التي لا توفّر حاليّاً سوى خدمات بالحدّ الأدنى بسبب عمليّات الطرد المتبادلة للدبلوماسيين. وأشاد لافروف بالمحادثات "البنّاءة" مع بلينكن، بعد أوّل لقاء بينهما منذ انتخاب جو بايدن رئيساً.
ونقلت "فرانس برس" عن وكالات أنباء روسيّة أن لافروف قال بعد اجتماعه ببلينكن: "بدا النقاش بنّاءً بالنسبة إليّ". وأضاف وزير الخارجيّة الروسي أنّ روسيا والولايات المتحدة "تُدركان الحاجة إلى وضع حدّ للمناخ غير السليم الذي نشأ في العلاقات بين موسكو وواشنطن خلال السنوات الأخيرة". وقال إنّه "شعر" خصوصاً بأنّ الأميركيّين ليسوا راضين، مثلهم مثل الروس، عن عمليّات الطرد المتبادلة للدبلوماسيّين التي حصلت مراراً في السنوات المنصرمة.
كما شدّد لافروف على مقترح روسيا "بدء حوار بشأن جميع جوانب ... الاستقرار الاستراتيجيّ". وتابع: "سنُعدّ مقترحات لرئيسَينا" بشأن الوضع المتعلّق بالبعثات الدبلوماسيّة وتعزيز الحوار حول الاستقرار الاستراتيجي.
من جهة ثانية، أعرب بلينكن خلال اللقاء عن "قلقه العميق" إزاء احتشاد قوّات روسيّة قرب الحدود الأوكرانيّة.
وقال متحدّث باسم وزارة الخارجيّة الأميركيّة، في بيان اطلعت عليه "فرانس برس"، إنّ بلينكن عبّر أيضاً خلال اللقاء الذي استمرّ نحو ساعتين مع لافروف في ريكيافيك، عن مخاوف الولايات المتحدة بشأن صحّة المعارض الروسي أليكسي نافالني و"قمع" منظّمات معارضة.
الكرملين يعتبر اللقاء إشارة إيجابية
بدوره، رأى الناطق الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، اليوم الخميس، أن محادثات وزيري الخارجية تشكل "إشارة إيجابية"، متوقعاً أنها ستساعد في التحليل اللازم للبت في قرار عقد قمة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والأميركي جو بايدن.
وقال بيسكوف، في تصريحات صحافية: "هذه بالطبع إشارة إيجابية، وحقيقة الحوار الذي قال لافروف إنه كان بناءً، هي أيضاً حدث يستحق تقييماً إيجابياً. لكن من البديهي أن هذه العملية لن تكون سهلة، وبالفعل هناك مشكلات متراكمة كثيرة جداً. لكن بأدنى تقدير، ستساعد محادثات وزيري الخارجية الروسي والأميركي التي انعقدت في ريكيافيك أمس، بالطبع، في التحليل الجاري في موسكو الآن بشأن مسألة لقاء الرئيسين".
وأشار إلى أن لافروف أبلغ بوتين فوراً بنتائج لقائه مع نظيره الأميركي، قائلاً: "بالطبع، يبلغ وزير الخارجية الرئيس بجميع اتصالاته من دون إبطاء".
وجاء لقاء وزيري الخارجية في ظل بقاء أقل من شهر على الموعد الذي اقترحه بايدن لعقد قمة مع بوتين في منتصف يونيو/ حزيران المقبل، في حين لم يبت الكرملين بمسألة عقد اللقاء من عدمه حتى الآن.