تتواصل، اليوم الأربعاء، الاجتماعات والاتصالات اللبنانية الفلسطينية لبحث الوضع الأمني في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوب لبنان، مع استمرار تسجيل خروقات لاتفاق وقف إطلاق النار، ولا سيما على محور حي حطين، وسط اتهامات للجماعات المتشددة بـ"زعزعة الهدنة وتوسيع رقعة الفوضى، تنفيذاً لأجندات خارجية، منها إسرائيلية".
وعقد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اجتماعاً اليوم في السراي الحكومي، ضمّ عضو اللجنة المركزية لـ"حركة فتح" والمشرف على الساحة اللبنانية عزام الأحمد، والسفير الفلسطيني لدى لبنان أشرف دبور، وأمين سر "حركة فتح" فتحي أبو العردات، وقائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون، والمدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، ومدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد طوني قهوجي.
وقال عزام الأحمد بعد الاجتماع، إنه "جرى الاتفاق، وضمن سقف زمني ليس طويلاً، على التمسّك بما سبق أن قرّرناه، لناحية ضرورة حقن الدماء، تثبيت وقف إطلاق النار، وتسليم المتورّطين في جريمة اغتيال قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء أشرف العرموشي ورفاقه، وقبلهم، عبد الرحمن فرهود (أحد عناصر الجماعات الإسلامية المتشددة)، إلى القضاء اللبناني، مع ضرورة عودة المهجرين إلى منازلهم".
وأشار الأحمد إلى أن القيادة اللبنانية "ستجري اتصالات مع كلّ الأطراف، بهدف تنفيذ هذه المقررات وإيصالها إلى الجميع من دون استثناء، بمن فيهم المتحصّنون في المدارس، التي لا بدّ من إخلائها في أسرع وقتٍ ممكنٍ، قبل أن يبدأ العام الدراسي، ويُحرَم تلاميذ أبناء المخيم، وهم أكثر من 6 آلاف، من متابعة دراستهم".
ونبّه الأحمد إلى أن "هناك من يريد أن يوسع الفوضى والصدام، وهذا ما ظهر بأعمال إطلاق الرصاص والقصف العشوائي الذي لم ينحصر في المخيم، بل طاول بعض أنحاء مدينة صيدا، ومواقع وثكنات للجيش اللبناني، وكأن هناك من يعطي هؤلاء تعليمات لتفجير الأوضاع الأمنية في المنطقة وخارج حدود عين الحلوة، ما يؤكد أن هناك مؤامرة أكبر مما يتصوّرها البعض"، مشيراً إلى أن المسؤولين اللبنانيين يعرفون ذلك.
كذلك، لفت إلى أن "العناصر الخارجة عن القانون والإرهابية تستغلّ طبيعة مخيم عين الحلوة، وتصرّ على خرق قرار وقف إطلاق النار تنفيذاً لأجندات أجنبية لا تريد الخير للبنان، وتحاول الاستفادة بذلك من الفراغ الرئاسي، والأزمة السياسية والاقتصادية في البلاد"، مؤكداً في المقابل: "نثق بحكمة القيادة اللبنانية وقدرتها على التصدي لمثل هذه المحاولات، وسنكون إلى جانبها، وننسّق معاً كل الخطوات، من دون القيام بأي عمل منفرد".
وفي هذا الإطار، قال الأحمد: "يوم أمس، جرى اتصال من استخبارات دولة أجنبية في داخل لبنان مع الذين ينفذون أجنداتها، لمتابعة الوضع، وبالتالي التحريض أو تقديم إغراءات لهم لخدمة البرنامج، وإسرائيل ليست بعيدة عمّا يدور".
وأضاف: "التقينا أمس حركة حماس، كانت هناك تباينات طيلة هذه الفترة على بعض القضايا التفصيلية، لكن في ما يتعلق بأزمة عين الحلوة، اتفقنا على النقاط السابق ذكرها، والتي تمّ طرحها مع ميقاتي والمسؤولين الآخرين، ولا سيما الأمنيين، وسنبقى على تواصل مع كلّ فصائل منظمة التحرير الفلسطينية لأجل هذه الغاية، ودعم تحركات هيئة العمل الفلسطيني المشترك".
وأمس الثلاثاء، عُقد اجتماع في السفارة الفلسطينية في بيروت، بين حركتي "فتح" و"حماس"، تم الاتفاق فيه على عددٍ من النقاط، أبرزها "تأكيد قرار هيئة العمل الفلسطيني المشترك بالتزام تثبيت وقف إطلاق النار، وتأكيد قرار هيئة العمل الفلسطيني المشترك بتسليم المطلوبين في جريمة اغتيال العرموشي ورفاقه وعبد الرحمن فرهود، إلى القضاء اللبناني لاتخاذ ما يجب بشأنهم، وتأكيد قرار هيئة العمل الفلسطيني المشترك بتكليف القوة الأمنية المشتركة القيام بالواجب الموكول إليها".
كذلك، جرى الاتفاق على "العمل من أجل تسهيل عودة المهجّرين إلى منازلهم، والإسراع في إخلاء المدارس لإعادة إعمار ما لحق بها من أضرار بالسرعة القصوى، والاستمرار بالتنسيق مع الدولة اللبنانية ومؤسساتها كافة".
وأسفرت الاشتباكات الأخيرة بين "فتح" والجماعات المتشددة، والمستمرّة بشكل متفاوت تبعاً للمحاور، منذ ليل الخميس الفائت، عن مقتل ما لا يقلّ عن 8 أشخاص وجرح أكثر من 70 آخرين، ونزوح مئات العائلات، إضافة إلى تسجيل أضرار مادية جسيمة لم تقتصر على مخيم عين الحلوة، بل لحقت بمراكز ومبانٍ ومؤسسات تجارية في مدينة صيدا.
وطاولت القذائف مراكز تابعة للجيش اللبناني، ومنتشرة في محيط مخيم عين الحلوة، ما أدى إلى تسجيل إصابات في صفوف عناصره، وقد جرى نقلهم إلى المستشفيات المجاورة للمعالجة.