أكد رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق السعيد شنقريحة، أمس الخميس، أن "الجزائر استطاعت أن تهزم الإرهاب لوحدها ودون مساعدة أي دولة أخرى"، في إشارة إلى الدولة الغربية التي رفضت مساعدة الجزائر خلال فترة التسعينيات.
وقال شنقريحة، في كلمة وجهها لأفراد الوحدات العسكرية التي ألقت القبض على مفتي "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، عاصم أبو حيان، وستة من المسلحين كانوا برفقته في منطقة القل بولاية سكيكدة (شرقاً)، إن "الإرهاب انهزم بفضل وقوف أولاد الجزائر"، مشدداً على أنه "ليس هناك أي دولة أخرى دعمت الجزائر في مكافحة الإرهاب".
وألقى الجيش الجزائري، يوم 16 مارس/آذار الحالي، القبض على سبعة مسلحين، في ولاية سكيكدة. كما عثر على جثة مسلح آخر كان قد أصيب بجروح في العملية الأخيرة ليوم 19 فبراير/ شباط الماضي.
ويجد المسؤولون العسكريون والسياسيون في الجزائر في كل مناسبة ذات صلة بمكافحة الإرهاب فرصة لتوجيه انتقادات وعتب واضح إلى الدول الغربية خاصة، بسبب عدم تقديمها أي دعم أو مساعدات لوجستية للجزائر في مجال مكافحة الإرهاب، لاسيما خلال الأزمة الأمنية في التسعينيات، إذ تصاعد نشاط الجماعات المتشددة.
وتسعى الجزائر بمثل هذه السياقات إلى تذكير الدول الغربية تحديداً أنه في التسعينيات رفضت بيع السلاح وتزويد الجزائر بالمعدات اللوجستية التي تسمح بملاحقة المسلحين في الجبال والغابات، ومعدات إبطال القنابل والمتفجرات.
وكانت الجزائر محل حصار غربي في ملف الأسلحة، إلى غاية عام 2002، وهو موقف ما فتئ المسؤولون في الجزائر يعيدون طرحه لمواجهة الدول الغربية بما تعتبره "ازدواجية مواقفها السياسية والأخلاقية إزاء الإرهاب"، وعدم قدرتها على طرح أية مزايدات على الجزائر في هذا المجال، لكون الأخيرة استندت إلى قدراتها الذاتية حصراً.
وهذه هي المرة الثانية التي يعيد فيها قائد الجيش التذكير برفض الدول الغربية تقديم مساعدات للجزائر لمكافحة الإرهاب خلال الأزمة الأمنية في التسعينيات، التي أعقبت تدخل الجيش لوقف المسار الانتخابي وإلغاء نتائج الانتخابات التي فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ.
وفي شهر سبتمبر/أيلول الماضي، قال شنقريحة خلال استقباله القائد العام للقوات الأميركية في أفريقيا "أفريكوم"، ستيفن تاونسند، إن "الجزائر تغلبت على الإرهاب وحدها ودون مساعدة من أي طرف أجنبي كان".
وبغض النظر عن العتب الذي يحمله قائد الجيش الجزائري، فإن تصريحه تضمن إشارة واضحة إلى تخلص الجزائر نهائياً من "المجموعات المتطرفة"، بعد ثلاثة عقود من المواجهة.
ويرى مراقبون للشأن الجزائري أن تصريح قائد أركان الجيش الجزائري تعكسه نوعية العمليات التي بات الجيش الجزائري يحققها في السنوات الأخيرة، خاصة أن العملية الأخيرة "بالغة الأهمية بسبب اعتقال مفتي الجماعة وأميرها، باعتباره صيدا ثميناً، بالنظر إلى المعلومات التي يمكن أن يوفرها للأجهزة الأمنية".
وفي الشأن، أوضح الباحث في الشؤون الأمنية والسياسية عمار سيغة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "تصريحات قائد الأركان حول نجاح الجزائر في القضاء على الإرهاب لوحدها، ودون مساعدة من أحد، هي رسالة سياسية في اتجاهين، موجهة إلى بعض الدول الغربية التي تطرح في المرحلة الأخيرة مشاريع تعاون مع الجيش الجزائري".
وأشار إلى أن "المقصود برسالة سياسية بالاتجاهين هو أولاً أن أي تعاون مع تلك الدول سيكون ندياً وبأن الجيش الجزائري يملك من الخبرة في مجال مكافحة الإرهاب ما يضعه في موقف قوة وليس بحاجة إلى منّة من أي طرف".
أما الاتجاه الثاني، فهي بحسب الباحث في الشؤون الأمنية والسياسية، موجهة "إلى الدول التي تعاني من الإرهاب، وضرورة أن تعتمد على قدراتها وعدم الثقة في السند الغربي الذي لا يأتي إلا للدفاع عن مصالحه".
وأكد أن "تركيز وتكرار اللوم يدل على استمرار الامتعاض الجزائري لتواجد قوات أجنبية في دول الجوار على غرار ليبيا ومالي، بحجة مكافحة الإرهاب، فيما تركت الجزائر وحيدة".