جدّد مجلس الأمن الدولي في نيويورك، العقوبات المفروضة على السودان عاماً إضافياً واحداً، متبنياً بذلك القرار 2676 لعام 2023 الذي يمدّد لخبراء السودان المعينين بموجب القرار 1591 لعام 2005 ولايتهم حتى 12 مارس/ آذار من عام 2024.
وحصل القرار على تأييد 13 دولة من أصل 15 دولة من أعضاء مجلس الأمن، فيما امتنع كل من الصين وروسيا عن التصويت.
ويطلب القرار من فريق الخبراء أنّ "يقدم إلى لجنة مجلس الأمن (بشأن السودان) تقريراً مرحلياً عن أنشطته، وتقريراً نهائياً في يناير/ كانون الثاني من عام 2024 يتضمن استنتاجاته وتوصياته"، كما يطلب من "حكومة السودان أنّ تقدم طلبات إلى اللجنة لتنظر فيها، وأن توافق، عند الحاجة، موافقةً مسبقة على نقل المعدات والإمدادات العسكرية إلى منطقة دارفور، تنفيذاً لاتفاق جوبا للسلام".
ويجدّد مجلس الأمن ولاية فريق الخبراء بشكل دوري منذ مارس/ آذار من عام 2005، عندما تبنى القرار 1591 الذي يفرض عقوبات تشمل حظر توريد الأسلحة ومنع سفر أشخاص تورطوا في صراع دارفور، وتجميد أصولهم المالية.
من جهته، رحب مندوب الولايات المتحدة جون كيلي، الذي صاغت بلاده النص بصفتها الحاملة لقلم ملف الجزاءات السوداني في مجلس الأمن، بتبني القرار، موضحاً أنّ "النص الذي اعتمدناه اليوم يدمج آراء كل أعضاء المجلس بعد مفاوضات دامت لمدة شهرين تقريباً، ما زال فريق الخبراء يلعب دوراً محورياً من ناحية الإبلاغ عن النزاع وتعزيز السلام في دارفور (...) نرحب بتمديد ولاية الفريق سنة إضافية".
وتابع: "نعتقد أنّ هذا القرار يحرز مزيداً من التقدم في السودان، من خلال إعطاء الآراء حول تنفيذ حظر توريد الأسلحة ومعالجة المشاكل الأمنية، وكذلك للمساعدة على إحراز التقدم في السودان من حيث الالتزامات السياسية والأمنية في دارفور، إذ لا تزال الحالة هشّة للغاية"، مشيراً إلى "عجز القوات الأمنية السودانية عن توفير الأمن للمواطنين في وقت يستمر تداول الأسلحة الصغيرة والخفيفة"، مشدّداً على ضرورة الاستمرار بعمليات الرصد والإبلاغ، وهو ما يقوم به القرار بحسب المسؤول الأميركي.
في المقابل، عبرت بعض الدول الأعضاء في المجلس (منها من صوت لصالح القرار) عن امتعاضها من سير المفاوضات حول نص القرار قبل التصويت عليه، وعدم أخذ جميع ملاحظاتها بعين الاعتبار، كما وعبرت عن أملها أنّ يتم ذلك في المستقبل.
في هذا السياق، قال ممثل الاتحاد الروسي ونائب السفير الروسي دميتري بوليانسكي، في مداخلته أمام المجلس، إنّ بلاده امتنعت عن التصويت "لأنها تعتقد أنّ نظام الجزاءات الخاص بالسودان لم يعد يعكس الوضع الحالي في دارفور، ويحول دون تطبيق الحكومة السودانية لقراراتها المتعلقة ببناء المؤسسات والدولة وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة".
وأوضح أنّ بلاده تؤيد أنّ تكون الجزاءات مبررة ونافعة، إلى أنّ يتم رفعها وألا تستخدم كتدابير عقابية.
وأضاف: "جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والمجموعة الأفريقية أيدت جميعها رفع الجزاءات، لكن الذين صاغوا القرار (الولايات المتحدة) لم يقدموا تنازلات سوى بجعلها محددة زمنياً".
وعبّرت الصين، على لسان نائب السفير الصيني غينغ شوانغ، عن موقف مشابه للموقف الروسي، مشيرةً إلى أنّ امتناعها عن التصويت جاء لأن قرار الجزاءات كان يهدف إلى وضع حدّ للنزاع المندلع في دارفور، ومساعدة السودان في العودة للاستقرار والسلام بمساعدة أطراف عدة، إلا أنّ التطورات الإيجابية المتعلقة بالتوصل لاتفاق جوبا عام 2020 وغيرها من الاتفاقيات، تُشير إلى أنّ رفع الجزاءات له جانب إيجابي.
وأشار شوانغ إلى رسالة الحكومة السودانية لمجلس الأمن في يناير/ كانون الثاني الماضي، التي طلبت فيها رفع تلك الجزاءات، مشيراً أيضاً إلى عدد من الرسائل المشابهة التي دعمت مطلب السودان، من ضمنها رسائل من المجموعة العربية والاتحاد الأفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي.
واعتبر نائب السفير أنّ الولايات المتحدة لم تأخذ أيًّا من ذلك بعين الاعتبار، مشدداً على ضرورة وضع معايير واضحة للخروج من نظام الجزاءات في هذه الحالة وعموماً.
أما السفيرة الإماراتية للأمم المتحدة لانا نسيبة، فصرحت أمام مجلس الأمن عن موقف بلادها وموقف الدول الأفريقية الثلاث الأعضاء (غانا وموزمبيق والغابون)، معبرةً عن أسفها من أنّ مقترحاتها المتعلقة بانتهاء نظام الجزاءات بشكل تلقائي بعد 12 شهراً لم تؤخذ بعين الاعتبار.
وشددت السفيرة على أنّه وعلى الرغم من ذلك، فإن الدول الأربع صوتت لصالح القرار بـ"روح التوافق"، كما أقرت بأنّ بعض التقدم قد تم تحقيقه، وخاصة "تحديد الفترة الزمنية لنظام الجزاءات، بدلاً من أنّ تكون الفترة الزمنية مفتوحة، حيث نسعى للتوصل لمسار لرفع الجزاءات".
وتابعت: "في هذا الإطار نود التوضيح أنّ فرض الجزاءات ليس غاية بحدّ ذاته، بل هو أداة تهدف إلى صون أو استعادة السلم والأمن الدوليين، وتود دولنا التأكيد على موقفها المبدئي الذي يقضي بالرفع الكامل للجزاءات عن دارفور"، معتبرةً أنّ الوضع اليوم أصبح يختلف عما كان عليه عندما تم تبنّي القرار لأول مرة عام 2005.