مخاطر التطبيع مع إسرائيل على الأمن العربي وحقوق الشعب الفلسطيني

13 أكتوبر 2020
أكاديميون يؤكدون ضرورة ترتيب البيت الفلسطيني (مركز دراسات الشرق الأوسط)
+ الخط -

أكد المتحدثون في الندوة التي أقامها "مركز دراسات الشرق الأوسط"، مساء اليوم  الثلاثاء، بعنوان "التحولات في العلاقات العربية-الإسرائيلية وتداعياتها على العالم العربي والقضية الفلسطينية"، خطورة هذه التحولات، لما تشكله من انكشاف للأمن العربي وإضعاف الموقف الموحد الداعم للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني. 

وتضمنت الندوة، التي شارك فيها نحو 30 من الخبراء والأكاديميين ورجال السياسة من 5 بلدان عربية، سبع أوراق بحثية تناولت التحولات الجارية في العلاقات العربية - الإسرائيلية، مركِّزةً على الفترة من عام 2015-2020، وتداعياتها على الأمن العربي بشكل عام، وعلى القضية الفلسطينية على وجه الخصوص.  

وشدد المشاركون على ضرورة دعم صمود الدول العربية أمام الضغط الأميركي للتطبيع مع إسرائيل وتقوية موقفها في المحافل الإقليمية والدولية، مع التحذير من أن تفتح  خطوات التطبيع الباب أمام نشوء نخب أمنية واقتصادية عربية جديدة متناغمة مع إسرائيل، وما لهذا من خطر في تعميق الانقسامات والمشاكل الداخلية في الدول العربية. 

وقال رئيس الوزراء  الأردني الأسبق طاهر المصري، خلال الجلسة الافتتاحية، إن ما جرى مؤخراً من اتفاقيات مع إسرائيل من قبل بعض الأنظمة العربية على "مبدأ السلام مقابل السلام" جاء على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، لما تمثله هذه الاتفاقيات من دعم للسياسات الإسرائيلية التي تواصل عدوانها على الحقوق الفلسطينية وتتمسك بقانون يهودية الدولة، الذي يشكل حجر الأساس لخطة تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه. 

 

واعتبر  أن حلّ القضية الفلسطينية هو أساس معالجة أزمات المنطقة والوصول إلى حالة الاستقرار، مضيفاً أن اتفاقيات التطبيع تتيح لإسرائيل الدخول إلى قلب النظام العربي واختراق المجتمعات العربية وبث بذور الفتنة والانقسام بداخلها، إضافة لاستنزاف أموال الدول النفطية تحت مسمى الاستثمار التكنولوجي. 

ودعا المصري إلى موقف فلسطيني موحّد وفق رؤية واضحة للتعامل مع المتغيرات الجديدة تجاه القضية الفلسطينية، ومعالجة ما وصفه بحالة الضعف في الوضع العربي الرسمي. 

وأشار الأمين العام الأسبق للجامعة العربية عمرو موسى إلى ما وصفه باختلاف أولويات الأمن القومي وتغير مفهومه بين الدول العربية واختلاف تعريف الخصم أو العدو لدى كل منها، في ظل ما تشهده المنطقة من تغييرات إقليمية كبيرة ودخول مشاريع غير عربية إليها بقوة، مؤكداً أن الشعوب العربية لم تتقبل التغير العربي الرسمي في التعامل مع القضية الفلسطينية والعلاقة مع إسرائيل. 

بدوره، دعا الأمين العام الأسبق لحزب جبهة العمل الإسلامي حمزة منصور إلى بناء استراتيجية عربية للتعامل مع القضية الفلسطينية، مستندة إلى تمتين الجبهة الداخلية للدول العربية عبر تحقيق الإصلاح السياسي والتصالح مع الشعوب، والاستفادة من الموقف  التركي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني، محذراً من تطور  اتفاقيات التطبيع إلى تحالف مع الكيان الإسرائيلي. 

وأشار مدير مركز دراسات الشرق الأوسط، بيان العمري، إلى أن منطلقات إسرائيل في بناء علاقاتها مع أي دولة عربية تكمن في زيادة النفوذ الإسرائيلي واختراق العالم العربي ومحاصرته وفق نظرية بن غوريون منذ خمسينيات القرن الماضي، مؤكداً أن تجربة أربعين عاماً من مسار التسوية والمعاهدات بين دول عربية و إسرائيل لم تحقق السلام والاستقرار في المنطقة ولم تحقق مصالح الشعب الفلسطيني. 

وتناولت الجلسة الأولى واقع ودوافع التحولات في العلاقات العربية الإسرائيلية، إذ تحدث في الجلسة كل من الدكتور وزير الخارجية السوداني الأسبق مصطفى عثمان، وأستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية الدكتور حسن المومني، وأشارا  إلى فقدان مراكز الثقل السياسي العربي واتخاذ بعض الأنظمة العربية من التدخلات الإيرانية في المنطقة ذريعة لتبرير علاقاتها مع إسرائيل على حساب القضية الفلسطينية، مؤكدين ضرورة وضع استراتيجية عربية على مبدأ أنه لا سلام مع إسرائيل دون حل عادل للقضية الفلسطينية. 

 

وناقشت الجلسة الثانية تداعيات التحولات في العلاقات العربية-الإسرائيلية على الأمن العربي والقضية الفلسطينية، وتحدث فيها كل من أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة الدكتور حسن نافعة، وأستاذ العلوم السياسية الدكتور أحمد سعيد نوفل، وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأميركية في فلسطين الدكتور أيمن يوسف، مشيرين إلى تراجع القضية العربية على سلم أولويات النظام العربي. 

وأوضحوا أن اتفاقيات التطبيع الأخيرة مع إسرائيل كانت بدوافع أمنية واقتصادية خاصة بالأنظمة الحاكمة، مما فاقم من الهيمنة الإسرائيلية في المنطقة وسهّل الاختراق الإسرائيلي للموقف العربي المتمسك بالمبادرة العربية للسلام، وأثّر على ثقافة جزء من الجيل الجديد في النخبة العربية الحاكمة والنخب الثقافية، خاصة في دول الخليج تجاه الحق الفلسطيني وطبيعة الصراع، الأمر الذي انعكس سلباً على القضية الفلسطينية. 

وفي الجلسة الأخيرة للندوة، تحدث كل من أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر الدكتور فاروق طيفور، النائب السابق لرئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأردني والدكتور قاصد محمود حول الاستراتيجية العربية الجديدة المطلوبة للتعامل مع الصراع العربي- الإسرائيلي، مركزين  على أهمية التعامل مع إسرائيل ومشروعها الصهيوني على اعتبار أنه تهديد استراتيجي ودائم للأمن العربي والقضية الفلسطينية، ما يستدعي بناء استراتيجية شاملة وبعيدة المدى لاحتواء المشروع الصهيوني ومحاصرته وصولاً إلى إنهائه.   

وقال المتحدثون إن تغييب المواطن العربي عن دوائر صنع القرار وتهميش دوره طيلة العقود الماضية كان له دور كبير في ضعف الأمن العربي وتكريس العديد من الخلافات العربية. 

وأكدوا ضرورة ترتيب البيت الفلسطيني وحل مشكلة الانقسام فيه، وأن هذا الانقسام يفتح الباب أمام تبرير تطبيع العلاقات مع إسرائيل وتغييب الصوت الفلسطيني بحجة انقسامه وعدم وحدة خطابه، مشيرين إلى أن موجة التطبيع الحالية تشكل خطراً مضاعفاً نظراً لتجاوزها للاكتفاء بتهميش القضية الفلسطينية إلى السعي الجاد لتشويه القضية الفلسطينية وتبني الرواية الصهيونية على حساب الرواية العربية.