مسؤول أميركي لـ"سي أن أن": الحوثيون يواصلون مفاجأتنا ولا نملك فكرة جيدة عمّا لا يزال بحوزتهم
"سي أن أن": نقاش في إدارة بايدن حول الطريقة الأمثل لوقف الحوثيين
مسؤولون سابقون يحرّضون على استهداف قادة الحوثيين بدل أسلحتهم
مسؤولون: أميركا غير قادرة على تقييم نسبة معدات الحوثيين التي دمرت
رغم مرور أكثر من شهر على بدء الجيشين الأميركي والبريطاني توجيه ضربات صاروخية على قواعد الحوثيين في اليمن، تستمر الصواريخ والطائرات المسيرة في استهداف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، بل إن أسلحة جديدة أدخلتها الجماعة منذ أيام. في السياق، أقرّ مسؤول أميركي بأن الجماعة "تواصل مفاجأتنا، ولا نملك فكرة عمّا لا يزال لديهم".
وقالت شبكة "سي أن أن" الأميركية إن نقاشاً يدور داخل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حول "الطريقة الأمثل" لوقف الهجمات الحوثية على السفن. ويرى البعض داخل الإدارة أن "استخدام القوة وحده غير فعال"، ويشير بعض المسؤولين إلى أنه "من المكلف للغاية وغير العملي الاستمرار في إطلاق صواريخ بملايين الدولارات على طائرات بدون طيار وصواريخ حوثية رخيصة".
ومن خارج الإدارة، يقول مسؤولون سابقون إن الإدارة اتخذت "نهجاً محافظاً للغاية"، و"تحتاج إلى التركيز على استهداف قادة الجماعة، بدلاً من مخزون أسلحتهم"، واستدلوا على كلامهم بما حدث مع المجموعات العراقية الموالية لإيران، حيث توقفت هجماتها تقريباً بعد استهداف الجيش الأميركي لبعض قياداتها، خلال رد واشنطن على مقتل ثلاثة جنود أميركيين في الأردن نهاية الشهر الماضي.
ترسانة الحوثيين
وتنقل شبكة "سي أن أن" الأميركية عن نائبة المتحدثة باسم البنتاغون، سابرينا سينغ، قولها الخميس، بعد ساعات من قيام الحوثيين باستهداف سفينة شحن أخرى في خليج عدن بصواريخ باليستية: "نعلم أن الحوثيين يحتفظون بترسانة كبيرة"، مشيرة إلى أنهم "قادرون للغاية، ولديهم أسلحة متطورة، لأنهم مستمرون في الحصول عليها من إيران".
وقال أحد كبار مسؤولي الدفاع: "إنهم (الحوثيون) يواصلون مفاجأتنا"، مقراً بأن البنتاغون "لا يملك فكرة جيدة عمّا لا يزال لديهم".
وأكد العديد من المسؤولين لـ"سي أن أن" أن الولايات المتحدة "ما زالت غير قادرة على تقييم النسبة المئوية لمعدات الحوثيين التي جرى تدميرها بالفعل" خلال الضربات.
ويعتمد الجيش الأميركي على توجيه ما يصفها بـ"الضربات الوقائية" للقواعد الحوثية داخل اليمن بشكل استباقي، أي عندما ترى الولايات المتحدة أن هناك "أنظمة جاهزة للإطلاق". وبدأت الضربات الأميركية البريطانية ضد الحوثيين في 12 يناير/ كانون الثاني الماضي.
تحت الأرض
وقال مسؤولون أميركيون لـ"سي أن أن" إن "الحوثيين لجأوا إلى مخابئ تحت الأرض هرباً من الضربات الأميركية"، مضيفين أن الجماعة "تبني أنفاقاً بالقرب من الساحل الغربي" لليمن.
ويقول مسؤولون في الإدارة الأميركية إن "قضاء الحوثيين المزيد من الوقت تحت الأرض بين الهجمات يُعد علامة إيجابية، إذ يشير إلى أنهم يضطرون إلى الاختباء، ما يعني أن الضربات العسكرية لها تأثير نفسي على الأقل".
وذكر مسؤولان أن الحوثيين "يشعرون بقلق بالغ أيضاً بشأن استهداف قيادتهم العليا في ضربة جوية، وأصبحوا مذعورين بشكل متزايد".
ويرى بعض المسؤولين الأميركيين السابقين الذين تحدثوا إلى الشبكة الإخبارية، بشرط عدم الكشف عن هوياتهم، أن "عدم إقدام الولايات المتحدة على استهداف قيادة الحوثيين، والتركيز بدلاً من ذلك على تدمير الأسلحة والمعدات، لعب دوراً كبيراً في عدم تمكّن واشنطن من ردع الجماعة بشكل فعال". بل إن مسؤولاً عسكرياً سابقاً اعتبر أن الحملة الأميركية ضد الجماعة "مقيّدة للغاية ومحدودة، بحيث تتجنب أن تسبب أي أذى حقيقي ومهم"، وفق تعبيره.
وتشير الشبكة الأميركية إلى أن الحديث عن جدوى الحملة العسكرية الأميركية "أصبح أكثر حدّة"، في ظل الزيادة الملحوظة في هجمات الحوثيين خلال اليومين الماضيين، لا سيما استخدامهم لأول مرة "مسيّرة تحت الماء"، ما أثار قلق المسؤولين الأميركيين.
حملة ضغط دولية أقوى
ويرى مسؤولون، نقلت "سي أن أن" كلامهم، أن الولايات المتحدة "بحاجة الآن إلى التحول إلى حملة ضغط دولية أقوى، والتأكيد على أن الهجمات الحوثية تعوق وصول شحنات المساعدات الإنسانية إلى الشعب اليمني".
وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، ونائبة المتحدثة باسم البنتاغون سابرينا سينغ، إلى هجوم الحوثيين على "سفينة كانت تنقل الذرة وغيرها من الإمدادات الغذائية إلى الشعب اليمني"، وفق ما أوردت الشبكة.
وأشارت سينغ إلى أن سفينة أخرى أصيبت بصاروخ، وتغرق حالياً في البحر الأحمر، كانت تحمل الأسمدة، وتشكل الآن خطراً بيئياً كبيراً على المنطقة، مضيفة: "إن الحوثيين يشكلون خطراً بيئياً في ساحتهم الخلفية".
ويدور نقاش بين المسؤولين الأميركيين حول مدى التزام الحوثيين بما تعهدوا به من وقف لهجماتهم على السفن إذا توقفت الحرب الإسرائيلية على غزة. وقال مسؤولون، بحسب "سي أن أن"، إن "الحوثيين حاولوا تصوير أنفسهم على أنهم يقاتلون من أجل تحسين حياة الفلسطينيين، وإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة"، مضيفين: "في حين أن الحوثيين لا يتمتعون بشعبية كبيرة في المناطق اليمنية التي يسيطرون عليها، فإن القضية الفلسطينية تحظى بشعبية كبيرة بين اليمنيين".
وفي الوقت نفسه، قال المسؤولون إن "الحوثيين يتوقون أيضاً إلى الشرعية الدولية، ويريدون الاعتراف بهم كحكومة يمنية رسمية. ولذلك، يعتقد بعض كبار المسؤولين داخل الإدارة أن الحوثيين سيلتزمون بكلمتهم ويوقفوا هجماتهم" إذا أنهت إسرائيل حربها في غزة. في المقابل، يقول مسؤولون سابقون إن هذا الكلام "مجرد أمنيات".
ويؤكد بعض كبار المسؤولين، وفق المصدر ذاته، أنه "من الممكن أن يتوقف الحوثيون إذا توقفت إسرائيل"، ويشيرون إلى أن "هجمات الحوثيين تراجعت إلى حد كبير في نوفمبر/ تشرين الثاني خلال توقف القتال لمدة سبعة أيام" في غزة.
من جهة أخرى، يقول مسؤولون أميركيون إن إيران، التي دعمت جماعة الحوثي منذ فترة طويلة، "أصبحت تشعر بقلق متزايد بشأن تكتيكاتهم". ومع ذلك، أكدوا أنه "لا توجد دلائل حتى الآن على أن إيران تحجب الدعم عن الحوثيين"، حيث أعلنت الولايات المتحدة اعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، بما في ذلك في وقت سابق من هذا الشهر.