"وول ستريت جورنال": مسيّرات بحرية أوكرانية صغيرة الحجم تغير موازين القوى في البحر الأسود
عندما انسحبت روسيا من اتفاق تصدير الحبوب، اشتعلت حرب موانئ بحرية بين كييف وموسكو، شكلت خلالها الهجمات الأوكرانية بمسيّرات بحرية، أو كما تسمى "درونز" بحرية (بحجم قارب صغير)، عاملاً حاسماً في تغيير موازين القوى أمام القوة البحرية الروسية المدججة.
ووفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، شنت أوكرانيا بواسطة هذه المسيّرات محلية الصنع وغير المكلفة هجمات محكمة على "رموز الهيمنة الروسية في البحر الأسود"، بما في ذلك مقر أسطول موسكو في شبه جزيرة القرم وجسر يربط شبه الجزيرة بروسيا.
واستهدفت هذه المسيّرات أيضاً سفينة إنزال روسية في حوض بناء السفن التابع للبحرية في مدينة نوفوروسيسك الساحلية، على بعد أكثر من 360 ميلاً من أوديسا الأوكرانية، وناقلة نفط كانت تحمل وقود طائرات للقوات المسلحة الروسية، علاوة على ذلك، أعلنت موسكو، أخيراً، أن مسيّرة بحرية ضربت سفينة استطلاع روسية في وسط البحر الأسود.
وتقول أوكرانيا إن "الدرونز البحرية" طُوّرت وأُنتجت محليًا، لكن تفاصيل تصنيعها تبقى في طي السرية.
Ukraine is using sea drones to alter the balance of power in the Black Sea, striking back at Russia’s more powerful navy and threatening its supply lines https://t.co/CaMJ1NnLX1
— The Wall Street Journal (@WSJ) August 11, 2023
تغيير طبيعة الحرب
تنقل الصحيفة عن محللين عسكريين قولهم إن الزوارق المسيّرة يمكن أن تغير طبيعة الحرب، بإجبار روسيا على تخصيص المزيد من الموارد لحماية موانئها وسفنها الحربية وسفن الشحن التي تستخدمها لنقل الأسلحة والوقود والإمدادات الأخرى لجيشها.
وحسب المحللين، من المتوقع أيضًا أن تؤدي الهجمات الأوكرانية إلى زيادة تكاليف الشحن والتأمين على السفن المتجهة إلى موانئ روسيا الحيوية في البحر الأسود.
وقالت غابرييلا هيرنانديز، الباحثة المشاركة في رابطة الحد من التسلح والتي تدرس جيوش أوروبا الشرقية: "أعتقد أن الرسالة هي أن ليس هناك ما هو آمن. أوكرانيا تذكّر روسيا بأنه ليست هناك حياة طبيعية".
وفيما دخل الهجوم الأوكراني المضاد شهره الثالث من دون أن يحقق نتائج تذكر في استعادة أراض احتلتها روسيا، "سمحت الهجمات الأوكرانية الجوية والبحرية بطائرات من دون طيار خلف الخطوط الروسية بفتح جبهات جديدة في الحرب، بينما يتحرك القتال ببطء في الساحات الرئيسية"، وفقا للصحيفة.
مسيّرات صغيرة الحجم صعبة المواجهة
المواصفات التي تحملها هذه المسيّرات البحرية جعلت من استهدافها أو التصدي لها أمراً صعباً، خاصة من قبل السفن الحربية، إذ يبلغ طول المسيّرة، المعروفة أيضًا باسم المركبة السطحية غير المأهولة، 18 قدمًا فقط -ليس أكبر من قارب صيد صغير- بمدى يصل إلى 800 كيلومتر.
ويمكن أن تعمل لمدة تصل إلى 60 ساعة في المرة الواحدة، بحسب الحكومة الأوكرانية. وتبلغ تكلفة كل مسيّرة ربع مليون دولار، وهو جزء بسيط من عشرات، إن لم يكن مئات ملايين الدولارات التي تكلفها السفن الروسية المستهدفة من جانب هذه المسيّرات، وفقا للصحيفة.
وقالت الصحيفة إن صغر حجمها يجعل من الصعب الدفاع بنفس الطريقة التي تشكل بها الطائرات من دون طيار تحديًا للدفاعات الجوية، إذ من الصعب اكتشافها.
ويقول الخبراء إنه بمجرد اقتراب الزوارق الصغيرة المسيّرة من سفينة أكبر، فإن الزوايا الشديدة تصعّب إطلاق الأخيرة النار عليها. وقال سكوت سافيتز، كبير المهندسين في مؤسسة "Rand Corp"، وهي مؤسسة فكرية تمولها الحكومة الأميركية: "من الصعب إصابة سفينة صغيرة ذات مظهر جانبي صغير نسبيًا".
وأضاف للصحيفة أن أوكرانيا تهدف من خلال هذه الزوارق إلى الحد من نطاق عمليات البحرية الروسية في البحر الأسود.
وحسب الصحيفة، هذه المرة الأولى التي يتم فيها استخدام هذا السلاح على هذا النطاق الواسع. وتعود بداية الاهتمام الأوكراني بهذا النوع من السلاح إلى أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ هاجمت كييف مقر الأسطول الروسي في البحر الأسود في سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم، وحينها أفادت وزارة الدفاع الروسية بأن الهجوم الذي استخدم سربًا من عدة مسيّرات بحرية ألحق أضرارًا بكاسحة ألغام روسية.
وبعد أيام، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن حملة لجمع التبرعات لبناء أسطول من السفن غير المأهولة، حسب الصحيفة.
وكشفت الحكومة الأوكرانية مؤخرًا عن مسيّرة بحرية تسمى "Magura 5"، عُرض نموذج منها في معرض دفاعي في إسطنبول في يوليو/تموز الماضي، ما يشير إلى اهتمام أوسع تحظى به هذه الصناعة التي قد تغير شكل حروب المستقبل.