مصر: قرارات إثيوبيا بشأن سد النهضة كلفتنا مليارات الدولارات

29 أكتوبر 2021
سد النهضة الإثيوبي (Getty)
+ الخط -

قال وزير الري المصري محمد عبد العاطي إن عدم وجود اتفاق قانوني عادل وملزم لملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، وإدارته بشكل منفرد من جانب إثيوبيا، مع قيام الجانب الإثيوبي بإصدار العديد من البيانات والمعلومات المغلوطة، تسببت بحدوث أضرار كبيرة لدولتي المصب، وبالتأثير على النظام البيئي والمجتمعي، مثل حالات الجفاف والفيضان وتلوث المياه التي عانى منها السودان، حيث تتكلف دول المصب مبالغ ضخمة تقدر بمليارات الدولارات لمحاولة تخفيف الآثار السلبية الناتجة عن هذه الإجراءات الأحادية.

وأكد عبد العاطي خلال مشاركته، اليوم الجمعة، عبر تقنية "فيديوكونفرانس" في جلسة بعنوان "الأمن المائي في إطار تغير المناخ"، والتي تعقد على هامش مؤتمر التغيرات المناخية (COP26) برعاية جامعة غلاسكو بالمملكة المتحدة، أن مصر "ليست ضد التنمية في دول حوض النيل"، متابعا "على العكس، مصر تدعم التنمية في دول حوض النيل والدول الأفريقية من خلال العديد من المشروعات التي يتم تنفيذها على الأرض، حيث قامت مصر بإنشاء العديد من سدود حصاد مياه الأمطار، ومحطات مياه الشرب الجوفية، مع استخدام الطاقة الشمسية في عدد كبير منها، إضافة إلى تنفيذ مشروعات لتطهير المجاري المائية، والحماية من أخطار الفيضانات، وإنشاء العديد من المزارع السمكية والمراسي النهرية، ومساهمة الوزارة في إعداد الدراسات اللازمة لمشروعات إنشاء السدود متعددة الأغراض لتوفير الكهرباء ومياه الشرب للمواطنين بالدول الأفريقية، بالإضافة لما تقدمه مصر في مجال التدريب وبناء القدرات للكوادر الفنية من دول حوض النيل".

وأوضح أن مصر وافقت على إنشاء العديد من السدود بدول حوض النيل، مثل خزان "أوين" بأوغندا الذي مولته مصر، والعديد من السدود في إثيوبيا، مثل سدود "تكيزي" و"شاراشارا" و"تانا بلس"، لم تعترض مصر على إنشائها.

وشدد وزير الري المصري على أن "إنشاء سد بحجم سد النهضة الضخم، دون وجود تنسيق بينه وبين السد العالي، هو سابقة لم تحدث من قبل، الأمر الذي يستلزم وجود آلية تنسيق واضحة وملزمة بين السدين، وهو الأمر الذي ترفضه إثيوبيا، على الرغم من أن مصر عرضت على إثيوبيا العديد من السيناريوهات التي تضمن قدرة السد على توليد الكهرباء بنسبة تصل إلى 85% في أقصى حالات الجفاف"، مضيفا أن "وجود آلية تنسيقية في إطار اتفاق قانوني عادل وملزم يعد ضمن إجراءات التكيف مع الآثار السلبية للتغيرات المناخية".

كما أشار وزير الري المصري إلى "وجود دراسات حديثة تطرح العديد من علامات الاستفهام حول أمان سد النهضة، في الوقت الذي يعد فيه الاطمئنان على أمان السد مطلبا مشروعا لدول المصب".

وقال وزير الري إن "كل المشروعات التي نفذتها وتنفذها مصر تهدف لزيادة قدرة المنظومة المائية على التعامل مع التحديات بدرجة عالية من المرونة والكفاءة، وتحقيق العديد من الأهداف، مثل ترشيد استخدام المياه، وتعظيم العائد من وحدة المياه، وتحسين إدارة المنظومة المائية، بالإضافة للتكيف مع الآثار السلبية للتغيرات المناخية، مثل مشروعات تأهيل الترع والمساقي، والري الحديث، والتوسع في إعادة استخدام المياه، واستخدام المياه غير التقليدية، مثل تحلية مياه البحر، ومشروعات الحماية من أخطار السيول، ومشروعات حماية الشواطئ".

واستعرض وزير الري المصري "التفاوت الكبير في حجم الموارد المائية في مصر وغيرها من دول منابع حوض نهر النيل، حيث تعتمد مصر بنسبة 97% على المياه المشتركة من نهر واحد فقط هو نهر النيل، في حين تتمتع دول منابع النيل بوفرة مائية كبيرة، حيث تصل كمية الأمطار المتساقطة على منابع النيل إلى (1600 - 2000) مليار متر مكعب سنويا من المياه، كما تمتلك بعض هذه الدول أنهارا أخرى غير نهر النيل، مثل إثيوبيا التي يوجد فيها 12 نهرا، كما تمتلك هذه الدول عشرات الملايين من الأفدنة التي تروى مطريا، وفي المقابل تتكلف مصر مبالغ طائلة للاستفادة من كل قطرة مياه وإعادة استخدام المياه، حيث قامت مصر بإعداد استراتيجية للموارد المائية حتى عام 2050، ووضعت خطة قومية للموارد المائية حتى عام 2037 بكلفة تصل إلى 50 مليار دولار من المتوقع زيادتها إلى 100 مليار دولار، كما تعد مصر من أكثر دول العالم التي تعاني من الشح المائي، حيث يصل نصيب الفرد من المياه في مصر إلى 570 مترا مكعبا في السنة، وهو ما يقترب من خط الفقر المائي".

وأضاف أن إثيوبيا "تقوم بالسحب من بحيرة (تانا) للزراعة دون حساب، بالإضافة لإمكانيات المياه الجوفية في إثيوبيا بإجمالي 40 مليار متر مكعب سنويا، والتي تقع على أعماق بين (20 و50) مترا فقط من سطح الأرض، وهي عبارة عن مياه متجددة، في حين تعتبر المياه الجوفية في صحاري مصر مياهاً غير متجددة وتقع على أعماق كبيرة تصل لمئات الأمتار".

وفي تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، اعتبر خبراء أن حديث وزير الري المصري عن الأضرار الكبيرة التي تقع على مصر والسودان بسبب سد النهضة الإثيوبي، "محاولة منه لإثبات ما جاء في البند الثالث من اتفاقية إعلان المبادئ الموقعة بين مصر وإثيوبيا والسودان في العام 2015، وهو مبدأ عدم التسبب في ضرر ذي شأن، والذي ينص على أنه سوف تتخذ الدول الثلاث كافة الإجراءات المناسبة لتجنب التسبب في ضرر ذي شأن خلال استخدامها للنيل الأزرق/ النهر الرئيسي؛ على الرغم من ذلك، ففي حال حدوث ضرر ذي شأن لإحدى الدول، فان الدولة المتسببة في إحداث هذا الضرر عليها، في غياب اتفاق حول هذا الفعل، اتخاذ كافة الإجراءات المناسبة بالتنسيق مع الدولة المتضررة لتخفيف أو منع هذا الضرر، ومناقشة مسألة التعويض كلما كان ذلك مناسباً".

المساهمون