لم تقتصر عمليات تنظيم "ولاية سيناء"، الذي أعلن مبايعة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، على استهداف قوات الجيش والشرطة في مصر، وامتدت لتشمل، أيضاً، القضاة المشاركين في الإشراف على المرحلة الثانية من الانتخابات النيابية. وينشط التنظيم المسلح في محافظة شمال سيناء، من خلال استهداف القوات المشتركة من جيش وشرطة، وهو نفذ سلسلة عمليات وهجمات، خلال الأيام الماضية، أسفرت عن سقوط ما يزيد عن سبع ضحايا من الجيش والشرطة، عبر تفجير عبوات ناسفة على مدرعات وآليات عسكرية، في مدينتي العريش والشيخ زويد.
كما أقدم التنظيم على استهداف فندق يقيم فيه القضاة المشرفون على انتخابات المرحلة الثانية في محافظة شمال سيناء. وأسفر استهداف فندق "سويس" بسيارة مفخخة في شارع البحر وسط العريش، عن مقتل 4 أشخاص على الأقل، بينما أصيب عشرة آخرون. ولم تكن الواقعة هي أول استهداف للقضاة، فسبقها تصفية عدد من القضاة داخل سيارتهم، في منتصف شهر مايو/أيار الماضي.
وعمد التنظيم إلى استهداف القضاة المشاركين في الإشراف على الانتخابات في سيناء، على الرغم من التشديدات الأمنية التي تفرضها القوات المشتركة على تأمين العملية الانتخابية.
كما أعلن التنظيم، يوم الجمعة الماضي، مسؤوليته عن استهداف حاجز أمني في محافظة الجيزة، وقال "إن مفرزة أمنية من جنوده تمكنت من استهداف الحاجز، مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن خمسة ضباط وإصابة العديد منهم". ولم يشر البيان إلى فرع التنظيم في سيناء "ولاية سيناء"، ولكنه اكتفى فقط بالقول تنظيم "الدولة الإسلامية" مصر، في إشارة إلى المجموعة التي تعمل تحت إمرته في إطار القاهرة الكبرى.
وكانت تلك المجموعة المشار إليها نفذت عمليتين كبيرتين، الأولى استهدفت مبنى القنصلية الإيطالية في منطقة وسط البلد، مما ألحق أضراراً جسيمة بواجهة المبنى والمحالات التجارية المجاورة. أمام العملية الثانية، فتمت عبر استهداف سيارة مفخخة لمبنى الأمن الوطني في شبرا الخيمة، ما خلّف خسائر كبيرة في المباني، فضلاً عن خسائر في الأرواح ومصابين.
ولم تتمكن الأجهزة الأمنية، حتى الآن، من ضبط وتتبّع هذه المجموعة التي تنشط في إطار القاهرة الكبرى، وتُحدث أضراراً كبيرة، خصوصاً أن أي عملية في العاصمة تأتي بنتائج سلبية على النظام، ولا سيما إظهار الفشل الأمني الكبير. وكسر "ولاية سيناء" الاستراتيجية التي يتبعها، بعدم تنفيذ عمليات خلال التشديدات الأمنية، وانتظار مرحلة الارتخاء الأمني.
اقرأ أيضاً: تفجير العريش... "داعش" يستهدف الانتخابات والتنسيق الروسي
وحول عمليات التنظيم في سيناء، يلفت خبير أمني لـ"العربي الجديد"، إلى أن التنظيم اختار الصباح الباكر، من يوم الثلاثاء، لتنفيذ عمليته باستهداف فندق "سويس"، حين كانت القوات المشتركة مستنفرة بعد يومين من تأمين الانتخابات، بعدد ساعات متواصلة. ونفذ التنظيم عمليته، معتمداً على شخص هاجم الفندق مرتدياً حزاماً ناسفاً (انغماسي)، بحسب الروايات الأمنية، فضلاً عن سيارة مفخخة.
وتُعتبر عملية استهداف الفندق من المرات القليلة التي يستخدم فيها التنظيم فرداً "انغماسياً" في عملياته، حيث يقوم عنصر من التنظيم باقتحام مكان أو ثكنة عسكرية معتمداً على فتح نيران أسلحته ثم تفجير نفسه بحزام ناسف، أو مقتله خلال الاشتباكات.
ويحذر مراقبون من عمليات أكثر خطورة قد يُقْدم عليها "ولاية سيناء" ضد قوات الجيش والشرطة، خصوصاً مع المجموعة التي تعمل في إطار القاهرة الكبرى. وكانت حسابات تابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية" وفرعه في سيناء، أكدت استهداف أهداف حيوية في مصر بشكل عام، خلال الفترة المقبلة، خصوصاً عقب إسقاط الطائرة الروسية، متوعدة بعمليات أكثر قوة وخطورة.
ويقول الخبير الأمني، العميد حسين حمودة، إن "داعش" يحاول زرع القلق والاضطرابات في مصر، مثلما هو الحال في العالم أجمع. ويضيف حمودة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "ولاية سيناء لا ينفذ عمليات إلا في إطار توجيهات عامة من التنظيم الأم، وبالتالي لا يمكن فصل ما يحدث في مصر عن فرنسا وأي مكان آخر".
ويشير إلى أن قدرات "داعش" بدأت تتزايد خارج العراق وسورية معتمداً على أشخاص لديهم خبرات في التفجيرات والاختباء والتخفي، بينما القصف الذي تقوم به عدة دول على معاقله، كبّدته خسائر كبيرة. ويلفت إلى أن التنظيم بدأ في استهداف نقاط بشكل مكثف خارج مناطق نفوذه، في محاولة فاشلة لإشغال دول العالم بمواجهة الإرهاب في الداخل، ولكنها عمليات جاءت بنتائج عسكية عليه. ولم يستبعد حمودة إقدام التنظيم على تنفيذ عمليات كبيرة داخل العاصمة خلال الفترة المقبلة، محذراً من قدرة التنظيم على التخطيط بشكل جيد. ويؤكد أن الأزمة تكمن في عدم معرفة عناصر وأفراد المجموعة التي تعمل في القاهرة، وبالتالي هي أكثر خطورة من "ولاية سيناء"، لأن العمليات غير متوقعة، فضلاً عن الضرر والصدى الكبير في العاصمة.
من جهته، يقول خبير عسكري، رفض الكشف عن اسمه، إن قدرات تنظيم "ولاية سيناء"، تزايدت بشكل كبير، وهو أمر لا يمكن إنكاره، ولكن الجيش بشكل أو بآخر يفرض سيطرته على سيناء. ويضيف الخبير العسكري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه لا بد للجيش والشرطة من تغيير استراتيجية مواجهة التنظيم، خصوصاً أنه يعتمد في الأساس على المفاجأة. ويشير إلى أن الأزمة تكمن في تمسّك القوات المشتركة بالسياسات المعتمدة نفسها، منذ ما يزيد عن عامين، مشدداً على ضرورة الاعتماد على جمع المعلومات بشكل كبير قبل تنفيذ عمليات على الأرض، حتى لا تتكبد القوات المصرية خسائر كبيرة.
اقرأ أيضاً: مصر: مقتل 4 عناصر أمن بهجوم مسلح جنوبي الجيزة