قصف الطيران الإسرائيلي، مرة جديدة، أول من أمس الأحد، مطار الشعيرات، الواقع في ريف حمص الجنوبي الشرقي. وقالت وكالة الأنباء التابعة للنظام السوري، "سانا"، إن الطيران استهدف مطار الشعيرات مساء الأحد من اتجاه طرابلس - الهرمل شمال لبنان. وبيّنت الوكالة أن هذا القصف أدّى إلى مقتل وإصابة عدد من العسكريين في قوات النظام.
من جهته، أفاد "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، بمقتل 3 عسكريين، بينهم ضابط برتبة رائد وآخر برتبة ملازم من مرتبات سلاح الدفاع الجوي التابع للنظام. وأشار إلى أن "صواريخ إسرائيلية، استهدفت مستودعاً للأسلحة تابعاً للمليشيات الموالية لإيران و"حزب الله" اللبناني، في منطقة مطار الشعيرات بريف حمص، ما أدى إلى تدميره، حيث سُمعت أصوات انفجارات متتالية في موقع الاستهداف". والقصف الذي نُفّذ مساء الأحد هو التاسع والعشرون منذ مطلع العام الحالي من قبل إسرائيل على أهداف إيرانية في سورية وخصوصاً في جنوب البلاد (محيط دمشق)، ووسطها.
قصف متكرر لمطار الشعيرات
وسبق أن تعرض مطار الشعيرات، الذي يُطلق عليه اسم "مطار الموت"، لهجمات من قبل الطيران الإسرائيلي خلال السنوات الماضية، بسبب تحوله إلى قاعدة عسكرية إيرانية في وسط سورية. وهذه المرة الرابعة التي يستهدف فيها الطيران الإسرائيلي مطار الشعيرات، فقد استهدفه في المرة الأولى في عام 2018 بعد استخدام المطار من قبل إيران والمليشيات التابعة لها كمستودعات ذخيرة، ثم في عام 2020 إثر هبوط طائرة شحن إيرانية في المطار، ولم يسفر القصف حينها عن أضرار بشرية، حيث اقتصرت الأضرار على مباني المطار وبعض ممتلكات المدنيين في بلدة العزيزية القريبة منه نتيجة سقوط صاروخين قربها. ثم عاد الطيران الإسرائيلي واستهدف المطار في عام 2021، ما أدى إلى إصابة جنديين لقوات النظام.
مطار الشعيرات يشكّل أهمية كبيرة للحرس الثوري الإيراني
وكانت الولايات المتحدة قصفت مطار الشعيرات بعشرات من صواريخ "توماهوك" في مطلع شهر إبريل/نيسان 2017، رداً على هجوم بالغاز السام على مدينة خان شيخون في ريف إدلب، نفذه النظام انطلاقاً من هذا المطار في الشهر ذاته، ما أدى إلى مقتل نحو 100 مدني، بينهم 32 طفلاً و23 امرأة.
ويقع مطار الشعيرات على بعد 31 كيلومتراً جنوب شرقي مدينة حمص وسط سورية. وكان من أبرز المطارات التي تقلع منها الطائرات الحربية لقصف المناطق التي تخرج عن سيطرة النظام، وهو ما أدى إلى مقتل وإصابة عشرات آلاف المدنيين خلال سنوات الثورة، فضلاً عن الدمار الكبير الذي أصاب المدن والبلدات السورية.
أهمية استراتيجية للمطار
وأوضح المحلل العسكري، العميد مصطفى فرحات، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "مطار الشعيرات يشكّل أهمية كبيرة للحرس الثوري الإيراني، نظراً لموقعه في وسط سورية وقربه من خطوط الإمداد البرّية الإيرانية إلى سورية". وبيّن فرحات أن الحرس الثوري "يشغل هذا المطار منذ سنوات، ووضع فيه محطات كشف راداري متقدمة، ومحطات تصنيع حربي، وتجري فيه عمليات صيانة للطيران الإيراني المسيّر".
وأعرب المحلل العسكري عن اعتقاده بأن الاستهداف الإسرائيلي الجديد مساء الأحد، حصل بعد وصول إمدادات برّية إلى المطار المرصود من قبل سلاح الجو الإسرائيلي بشكل دائم. ولفت إلى أن "الطيران الإسرائيلي استهدف قبل أيام شاحنات إيرانية محملة بمواد لوجستية، دخلت الأراضي السورية من العراق، على الرغم من أن الشرق السوري هو مجال نشاط لطيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة".
وأعرب فرحات عن اعتقاده بأن القصف الإسرائيلي المتكرر على الأهداف الإيرانية "لن يفضي في النهاية إلى القضاء على الوجود العسكري الإيراني في سورية"، مضيفاً أن "المنشآت الإيرانية المهمة في سورية محصنة، وخصوصاً تلك التي تقع في مراكز البحوث العلمية، سواء في منطقة مصياف غربي حماة أو في جمرايا بريف دمشق، وفي منطقة السفيرة بريف حلب، وفي المطارات الرئيسية التابعة لقوات النظام".
وبيّن فرحات أن الوجود العسكري الإيراني في المطارات السورية "بدأ منذ الأشهر الأولى لاندلاع الثورة السورية في عام 2011"، لافتاً إلى أن "المنظومة العسكرية السورية كلّها تقع اليوم تحت الإشراف والسيطرة الإيرانية". واعتبر المحلّل العسكري أن الاستراتيجية الإيرانية "تهدف إلى تثبيت الأقدام على الأرض السورية من خلال ترسيخ الوجود العسكري وامتصاص الضربات والقيام بعمليات التحصين".
وفي السياق ذاته، أوضح النقيب المنشق عن قوات النظام، الباحث في "المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام"، رشيد حوراني، في حديث مع "العربي الجديد"، أن مطار الشعيرات يقع في منتصف الطريق بين الحدود العراقية ومدينتي حمص ودمشق.
وبيّن أن "القوات الإيرانية موجودة في المطار منذ العام 2018"، لافتاً إلى أن المطار يتميز بمساحاته الشاسعة التي تستثمرها إيران لإنشاء مستودعات أسلحة لها. وأشار حوراني إلى أن الحرس الثوري الإيراني "بدأ في الآونة الأخيرة بنقل بعض مقراته من الشرق السوري إلى ريف حمص الشرقي لتفادي ضربات طيران التحالف الدولي"، معرباً عن اعتقاده بأن "إسرائيل تعمل على الحد من قدرات إيران في سورية، وليس القضاء عليها بشكل كامل".