أعلنت منظمات حقوقية مصرية من بينها "الجبهة المصرية لحقوق الإنسان"، أمس الجمعة، مواقفها من مناقشات مجلس أمناء الحوار الوطني والاقتراحات المقدمة من جانب الأطراف السياسية العازمة على المشاركة في الحوار الوطني، المقرر بدؤه خلال الفترة القادمة، طارحة رؤيتها ومطالبها، وعلى رأسها عدم شيطنة المنظمات الحقوقية والصحافيين المعارضين.
ووجهت "الجبهة المصرية" إلى المشاركين في الحوار عدداً من المقترحات المتعلقة بالملف الحقوقي، التي من الواجب وضعها ضمن أولويات أجندة الحوار في لجنة حقوق الإنسان والحريات، وذلك لضمان جديته وضمان ألا ينتهي الأمر بالمشاركين في الحوار كمجرد أدوات لتجميل صورة النظام وتصدير صورة كاذبة حول انفراجة سياسية يقودها القائمون على الدولة.
واقترحت "الجبهة" وضع عدة قضايا على رأس أجندة لجنة حقوق الإنسان في الحوار الوطني، ومنها أن تدمج لجنة العفو الرئاسي ضمن اختصاصها ملف أحكام الإعدام التي صدرت في محاكمات معيبة، وأن تبحث سبل إعادة المحاكمة في تلك القضايا، ووضع ضمانات تشريعية لعدالة الممارسات الأمنية في ظل قوانين الإرهاب.
وبالإضافة لذلك، وضع ضمانات للشفافية وحرية تداول المعلومات وحرية التنظيم والتجمع والتعبير عن الرأي وحرية المجتمع المدني، وتجنب نبرة التخوين التي تستعمَل في شيطنة الصحافيين والحقوقيين والسياسيين وغيرهم ممن ينتقدون الأوضاع السياسية والحقوقية في مصر، والتوقيع على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاخفاء القسري.
كما تقدمت "الجبهة المصرية لحقوق الإنسان" بمقترحات متعلقة ببعض مؤسسات الدولة، وأولها في ما يتعلق بالتشريعات؛ حيث طالبت بسن قوانين صريحة لمناهضة ظاهرة الإخفاء القسري والتعذيب داخل أماكن الاحتجاز تتفق مع الدستور والمواثيق الدولية. ودعت لتعديل قانون الإجراءات القانونية رقم 150 لسنة 1950 عبر وضع نصوص صريحة تضمن عدم التعسف والتوسع في استعمال الحبس الاحتياطي، وتحديد حد أقصى له، وضمان (عدم) تدوير المتهمين في قضايا جديدة بنفس الاتهامات، والنص على استعمال إجراءات وتدابير بديلة للحبس الاحتياطي، وفي إطار المحاكمات، إلغاء تصدي محكمة النقض للأحكام الصادرة من محاكم الدرجة الأولى، وإلزام المحاكم بالسماع لجميع الشهود.
كما طالبت بالنص الواضح على حصول جميع المتهمين على ضمانات المحاكمة العادلة، خاصة في القضايا المحكوم فيها بالإعدام، أو إعادة المحاكمة، ووقف العمل بقانون العقوبات إلى حين تعديل المادة 86 وقانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015 وقانون الكيانات الإرهابية والإرهابيين رقم 8 لسنة 2015 ومواد التحفظ على الأموال، بما تتضمنها من مواد تسلب الحرية وتنتهك الحق في التعبير الحر عن الرأي، وضمان أن تكون هذه التعديلات بعد حوار سياسي ومجتمعي. ودعت كذلك إلى إدخال تعديلات واسعة على قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 والنص الواضح على عدم حظر أي مواقع إلكترونية وصحافية من دون إذن قضائي، وعدم الاستهداف الأمني والقضائي للأفراد على خلفية قيامهم بالتعبير الحر عن آرائهم على مواقع إلكترونية أو وسائل التواصل الاجتماعي.
بالإضافة إلى المطالبة بإلغاء قانون تأمين وحماية المنشآت العامة 136 لسنة 2014، الذي يتيح إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية، وضمان إحالة جميع الأشخاص إلى المحاكمة أمام قاضيهم الطبيعي. وتعديل قانون الجمعيات الحالي رقم 149 لسنة 2019، بما يضمن استقلالية نشاط الجمعيات وعدم خضوعها للإدارة التنفيذية، وذلك في إطار حوار مجتمعي يضم الجمعيات والمنظمات غير الحكومية المستقلة.
وفي ما يتعلق بجهاز الأمن الوطني، طالبت "الجبهة" بفتح ملف الدور السياسي للجهاز الذي يجعله يتعامل مع المعارضين كخصوم للدولة، والبحث عن ضمانات ملموسة لتحويله عن ذلك الدور السياسي إلى مهامه الوظيفية في حفظ الأمن. وطالبت ببحث سبل تقنين علاقة الجهاز بالسجون والأقسام ومقار الاحتجاز الأخرى، بالشكل الذي يمكن من الرقابة على حركة المحتجزين داخل مقار الأمن الوطني، ويحد من وقائع التعذيب والإخفاء القسري التي تجرى داخل تلك المقار خارج نطاق القانون ومن دون إمكانية للمحاسبة. ودعت إلى تحديد اختصاص الجهات الرقابية على أعضاء جهاز الأمن الوطني وعلى مقاره الرسمية وعلى كل الأماكن التي يشرف عليها الجهاز بشكل رسمي أو غير رسمي، مثل بعض السجون المشددة.
وفي ما يتعلق بالنيابة العامة، طالبت "الجبهة" بالحصول على ضمانات لحفظ استقلالية النيابة عن تدخلات جهاز الأمن الوطني ووضع حد لاستخدام النيابة من قبل الجهاز لإضفاء صفة قانونية على ممارساته القمعية، وبحث سبل تصحيح بعض ممارسات النيابة التي تفاقم من سوء الحالة الحقوقية والسياسية في مصر وإيجاد ضمانات تشريعية ضد تلك الممارسات، وتقديم مقترحات بإصلاحات تشريعية (واشتراط الحصول على ضمانات بتبنيها) تضع حدا لاستغلال النيابة لتهم مثل الانضمام إلى جماعة محظورة أو نشر أخبار كاذبة أو إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو ترويج الشائعات، وغير ذلك من التهم التي تُكال حزمة واحدة للمعارضين السياسيين والصحافيين والنشطاء.
ثم في ما يتعلق بالسلطة القضائية، طالبت "الجبهة" بوضع ضمانات تشريعية تضمن ألا تبني المحاكم أحكامها بشكل أساسي على تحريات جهاز الأمن الوطني، وتضمن عدم الأخذ بالشهادات الناتجة عن الإكراه المادي أو المعنوي، وتضمن التزام القضاة بالاستماع لجميع الشهود، وغير ذلك من إجراءات المحاكمة العادلة، لضمان عدم تحول أحكام القضاء إلى وسائل للتنكيل بالمعارضين السياسيين.
بالإضافة إلى ذلك، دعت إلى بحث سبل تقنين ضمانات تشريعية تلزم القضاة بإثبات وقائع التعذيب والإخفاء القسري التي ترد بشهادات المتهمين، وتلزمهم كذلك بأخذ إجراءات قانونية حيالها بشكل يضمن عدم إفلات المتورطين من العقاب، وإيجاد ضمانات تشريعية ضد التوسع في إصدار أحكام الإعدام والأحكام المغلظة في القضايا ذات الخلفية السياسية، خاصة عندما تشوب القضايا إخلالات بضمانات المحاكمة العادلة.