أنهت جبهة التحرير الوطني للحزب المركزي للسلطة في الجزائر، الليلة الماضية، مؤتمرها الـ11 بمفاجأة سياسية غير متوقعة، بعد انتخاب شخصية مغمورة وغير معروفة تماما كأمين عام الحزب، في خطوة تهدف لبدء تجهيز الحزب للمساهمة في الحملة الانتخابية للولاية الثانية للرئيس عبد المجيد تبون.
وانتخب المؤتمر العام للحزب عبد الكريم بن مبارك أمينا عاما للجبهة، خلفا لأبي الفضل بعجي، بعد ثلاثة أيام من النقاشات السياسية والتنظيمية. وشكل هذا الانتخاب مفاجأة لكوادر الحزب وللوسط السياسي والإعلامي، لكون الأمين العام الجديد غير معروف تماما ولم يكن له أي حضور في الوسط السياسي أو بروز إعلامي، وجاء من الصفوف الخلفية للحزب.
وقال الأمين العام الجديد للحزب عبد الكريم بن مبارك إنه سيستمر في خط "دعم الحزب الكامل للرئيس عبد المجيد تبون، والوقوف خلف القيادة السياسية للبلاد، لا سيما في الظرف الحالي الذي يستدعي لم الشمل وإشراك جميع الطاقات"، كما تعهد بتطوير الحزب واستقطاب القيادات الشابة.
ويُعتقد أن سماح السلطات بانعقاد المؤتمر العام للحزب الذي سبق تأجيله أكثر من مرة، واختيار قيادة جديدة لجبهة التحرير، هو مؤشر إلى بدء تجهيز الحزب وهياكله المحلية وقواعده للمساهمة في الدعاية لصالح ترشح الرئيس عبد المجيد تبون لولاية رئاسية ثانية في الانتخابات المقررة العام المقبل.
وكانت ثلاثة أسماء معروفة مرشحة لتولي قيادة الحزب، وهم وزراء سابقون وحاليون في الحكومة: وزير الاتصالات الأسبق بوجمعة هيشور، الذي أعلن فعليا عن تقديم ترشحه، ووزير التعليم العالي السابق رشيد حراوبية، ووزير العدل الحالي رشيد طبي، قبل حسم الأمر لصالح عبد الكريم بن مبارك بالتزكية وفقا لتوصيات سياسية مسبقة، حيث تم إفساح المجال له بالكامل كمرشح وحيد في اللحظة الأخيرة.
وقال المحلل السياسي جمال هديري لـ"العربي الجديد"، إن "انتخاب شخصية غير معروفة كقائد للحزب الأبرز في الجزائر، والذي يحوز على أكبر كتلة في البرلمان، يعطي إشارة إلى رغبة السلطة التي تحكم قبضتها على الحزب وقراراته وخياراته في تجديد الواجهة السياسية والقيادية للحزب من جهة، وإعطاء الفرصة لقيادات لم يكن لها أي دور في المراحل السابقة، بخلاف الامين العام السابق بعجي الذي يعد وجها محسوبا ومواليا للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ودافع عن سياساته".
ويعد حزب جبهة التحرير الوطني، الذي يمثل استمرارا لجبهة التحرير التي قادت ثورة ضد الاستعمار (1954-1962)، الحزب المركزي للسلطة منذ استقلال البلاد عام 1962. وكان الجهاز الذي تدير من خلاله السلطة الحكم في فترة الأحادية الحزبية حتى عام 1989، ومنذ تلك الفترة لم يشهد الحزب استقرارا تنظيميا، بسبب كثرة الانقلابات الداخلية وهيمنة السلطة على هيكله القيادي.
وفي مارس/ آذار 2019، وفي عز الحراك الشعبي ظهرت مطالبات سياسية وشعبية بحل حزب جبهة التحرير الوطني واسترجاعه كرمز تاريخي كقاسم مشترك وإنهاء الاستغلال السياسي للتسمية التاريخية لجبهة التحرير، وفي فترات لاحقة أعلنت عدة قيادات استقالتها من الحزب، فيما زج باثنين من الأمناء العامين السابقين بعد 2019، وعدد كبير من الوزراء وقيادات الحزب في السجن، بسبب قضايا فساد.