على الرغم من ارتفاع منسوب التفاؤل أخيراً لدى أطراف مفاوضات فيينا النووية لإحياء الاتفاق النووي المترنح، وحديثها عن قرب التوصل إلى اتفاق، فإن إيران تؤكد أن الخلافات ما زالت قائمة بشأن "قضايا أساسية".
وفي السياق، أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أميرعبد اللهيان، اليوم السبت، خلال لقاء مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس على هامش مؤتمر ميونخ للأمن، أن "على الطرف الآخر اتخاذ قرارات جادة حول بعض القضايا الأساسية"، داعياً إياه إلى "إظهار إرادته العملية"؛ غير أن أمير عبد اللهيان قال، في الوقت ذاته، إن التقدم في المفاوضات "ملحوظ"، وفقاً لإفادة صحافية للخارجية الإيرانية.
من جهته، أكد الأمين العام للأمم المتحدة خلال اللقاء "أننا جميعا ننتظر اتفاقاً مقبولاً لدى جميع الأطراف" خلال مفاوضات فيينا.
إلى ذلك، أجرى وزير الخارجية الإيراني مباحثات مع نظيرته الألمانية أنالينا بيربوك على هامش مؤتمر ميونخ، قائلاً إن بلاده "جادة في الوصول إلى اتفاق جيد"، داعياً الطرفين الأوروبي والأميركي إلى "احترام "الخطوط الحمراء الإيرانية".
وأعلن وزير الخارجية الإيراني رفض طهران "مهلاً اصطناعية"، في تعليق غير مباشر على التحذيرات الأميركية والأوروبية من أن نهاية فبراير/شباط الحالي هي آخر فرصة للمفاوضات. وأضاف أمير عبد اللهيان أن بلاده تهتم "بجودة الاتفاق إلى جانب عامل الوقت"، داعياً الأطراف الأخرى إلى "عدم ارتكاب خطأ في الحسابات في المراحل الأخيرة" للمفاوضات.
من جهتها، أكدت وزيرة الخارجية الألمانية، خلال اللقاء، أن المفاوضات وصلت إلى "مرحلة حساسة"، داعية الجميع إلى بذل أقصى الجهود لتخطي هذه المرحلة.
وكانت مصادر مطلعة مواكبة للمفاوضات في فيينا قد كشفت الجمعة، لـ"العربي الجديد"، عن أن المباحثات بين عبد اللهيان ونظرائه في الترويكا الأوروبية (ألمانيا وبريطانيا وفرنسا) خلال مؤتمر ميونخ للأمن؛ "تشكل محطة مهمة للغاية، ولعلها نهائية، لمفاوضات فيينا".
وأضافت المصادر، التي رفضت الكشف عن هويتها، أن "مفاوضات فيينا تنتظر ما سيتمخض عن اللقاءات بين وزير خارجية إيران وبعض نظرائه من أطراف المفاوضات"، ولفتت إلى أن مؤتمر ميونخ "سيشهد مفاوضات غير مباشرة" بين أمير عبد اللهيان وبلينكن، مؤكدة أن المفاوضين في فيينا "بانتظار حل النقاط الخلافية الحساسة في ميونخ"، مشيرة إلى أنه "بعد تقدم جيد حصل خلال الأيام الماضية، هناك رهان على مباحثات ميونخ لحل آخر الخلافات"، التي وصفتها المصادر بأنها "حساسة ومهمة".
في غضون ذلك، قال المندوب الروسي في مفاوضات فيينا ميخائيل أوليانوف إن كبار مفاوضي الترويكا الأوروبية يغادرون فيينا لعدة أيام، لكن وفودهم ستبقى في فيينا، مضيفاً: "اقتربنا من نهاية ناجحة للمفاوضات".
وكانت مصادر مطلعة قد كشفت، الإثنين الماضي، عن أن المفاوضات وصلت إلى نقطة قررت فيها أطراف المفاوضات على الأغلب وقف الجولة الثامنة بضعة أيام، لعودة الوفود مرة أخرى إلى العواصم للتشاور"، مشيرة إلى أن "هذه الأطراف قد تقرر اليوم أو خلال الأيام القليلة المقبلة عقد جلسة اللجنة المشتركة (للاتفاق النووي) لوقف الجولة".
وتُعقد حالياً الجولة الثامنة، وهي أطول الجولات ضمن محادثات فيينا، وقد انطلقت يوم 27 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وتوقفت خلالها المفاوضات ثلاث مرات. وتؤكّد جميع الأطراف أن المفاوضات قد دخلت مرحلتها الأخيرة، وأن الاتفاق بات رهين قرارات سياسية للطرفين الرئيسين؛ الأميركي والإيراني، إذ يرمي كل منهما الكرة في ملعب الآخر، بالقول إن على الطرف الآخر اتخاذ تلك القرارات.
شولتز: فرص إحياء الاتفاق النووي تتضاءل
إلى ذلك، أكد المستشار الألماني أولاف شولتز، اليوم السبت، أن فرص إحياء الاتفاق النووي الإيراني تتضاءل، وأن "لحظة الحقيقة" حانت للمسؤولين الإيرانيين.
وأوضح شولتز خلال مؤتمر ميونخ للأمن، وفق "فرانس برس": "لدينا الآن فرصة للتوصل إلى اتفاق يسمح برفع العقوبات. لكن إذا لم ننجح بسرعة كبيرة، فإن المفاوضات قد تفشل. المسؤولون الإيرانيون لديهم خيار. الآن لحظة الحقيقة".
وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية لوكالة "فرانس برس"، الخميس، إن "تقدماً ملحوظاً تحقق الأسبوع الماضي"، لافتاً إلى أنه "إذا أبدت إيران جدية في هذا الشأن، يمكننا ويجب أن نتوصل إلى تفاهم بشأن العودة المتبادلة إلى التنفيذ التام لخطة العمل الشاملة المشتركة (التسمية الرسمية للاتفاق النووي) في غضون أيام".
وتابع أن "أي شيء يتجاوز ذلك بكثير، من شأنه أن يعرّض إمكان العودة إلى الاتفاق لخطر كبير".