مفاوضات فيينا: مقترح روسي لـ"الاتفاق المؤقت" وواشنطن تغيّر عضواً بارزاً في وفدها

22 يناير 2022
كبير المفاوضين الإيرانيين يعقد لقاءً مع منسق المفاوضات إنريكي مورا (Getty)
+ الخط -

بات "الاتفاق المؤقت" يلقي بظلاله في الجولة الثامنة من مفاوضات فيينا لإحياء الاتفاق النووي، في ظل أنباء عن مقترح روسي حول ذلك، وسط تعاظم المخاوف الأميركية من "نفاد الوقت"، فيما قامت الإدارة الأميركية، في خطوة لافتة، بتغيير أحد أبرز أعضاء وفدها المفاوض في فيينا. 

وتشهد الجولة الثامنة لقاءات مكثفة بين مختلف أطراف المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن. ومن المقرر أن تعقد اليوم السبت لجان الخبراء اجتماعات صباحية ومسائية، فضلاً عن لقاءات ثنائية أو متعددة الأطراف بين رؤساء الوفود. 

وكان كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني قد عقد، مساء الجمعة، لقاءين مع منسق المفاوضات إنريكي مورا، الذي عاد الخميس الماضي من زيارة لموسكو، فضلاً عن لقاء آخر مع مندوب روسيا في المفاوضات ميخائيل أوليانوف.  

ووصف أوليانوف، في تغريدة، لقاءه مع باقري كني بأنه "مفيد للغاية"، مؤكداً أن "التنسيق الوثيق" بين إيران وروسيا "هو أحد المتطلبات الأساسية لاستمرار وإتمام المفاوضات بشكل ناجح" لإحياء الاتفاق النووي. 

وفي تغريدة أخرى، اليوم السبت، قال المسؤول الروسي إن العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة الأميركية "في حالة سيئة للغاية، لكن حول إيران، تمكنا من العمل بشكل مثمر حتى الآن"، مضيفا أن "النتيجة الإيجابية (في المفاوضات) تعتمد على جميع الأطراف الفاعلة، بما فيها إيران باعتبارها لاعباً رئيسياً، لكننا نسير في الاتجاه الصحيح" 

 مقترح روسي 

في الأثناء، عاد الحديث عن فكرة الاتفاق المؤقت خلال مفاوضات فيينا إلى الواجهة مرة أخرى، بعدما كشفت شبكة "إن بي سي" الأميركية، اليوم السبت، عن مسؤولين أميركيين اثنين ومصادر أخرى، عن أن موسكو اقترحت على طهران أخيرا اتفاقا مؤقتا خلال مفاوضات فيينا، يقوم على تخفيف واشنطن العقوبات على إيران "بشكل محدود" مقابل إعادة فرض قيود على البرنامج النووي الإيراني.  

ونقلت القناة الأميركية عن مصادرها أن الإدارة الأميركية على علم بالمقترح الروسي، مشيرة إلى أن إيران ترفض الاتفاق حتى الآن.  

وكان رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) في إيران وحيد جلال زادة قد كشف، يوم 12 الشهر الجاري، عن عرض مجموعة (1+4) اتفاقا مؤقتا خلال مفاوضات فيينا، مشيراً إلى أن الاتفاق "قيد الدراسة ولم يُرفض أو يُقبل بعد"، كما نقلت قناة "NBC" عن مسؤول أميركي كبير قوله إن النقاشات حول "أي تسوية مؤقتة" ليست جادة في هذه المرحلة من المفاوضات.  

إلى ذلك، أفادت وكالة "إيسنا" الإيرانية، اليوم السبت، بأن المفاوضات "اقتربت من مرحلة مهمة وصعبة"، مشيرة إلى أنه "على الرغم من إغلاق الكثير من الأقواس (الخلافات)، لكن النقاط الخلافية المتبقية بحاجة إلى قرار سياسي على المستوى الأعلى". وأضافت الوكالة أن "الأطراف طرحت أفكارا ومقترحات حول القضايا الخلافية المتبقية، لكنها لم تتحول بعد إلى نصوص".  

تغيير في الوفد الأميركي 

في غضون ذلك، أجرت الإدارة الأميركية تعديلا "لافتا" في فريقها المفاوض في مفاوضات فيينا غير المباشرة مع إيران، إذ كشفت قناة "إن بي سي" الأميركية عن هذه الإدارة أقصت ريتشارد نفيو من هذا الفريق. وعزت القناة، نقلا عن مصادر أميركية مطلعة، سبب إقالة نفيو من عضوية الوفد الأميركي إلى خلافاتها مع كبير المفاوضين الأميركيين روبرت مالي، من دون أن تكشف عن طبيعة هذه الخلافات.  

ويُعرف ريتشارد نفيو بأنه أحد مهندسي العقوبات على إيران، وكان له دور كبير في إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في تمرير 4 قرارات أممية (1797 و1747 و1803 و1929) في مجلس الأمن الدولي ضد إيران، قبل أن تلغى هذه القرارات بعد التوصل إلى الاتفاق النووي عام 2015.  

وانضم نفيو، وهو مؤلف كتاب "فن العقوبات: وجهة نظر ميدانية" الصادر عام 2017، إلى فريق واشنطن المفاوض عام 2013، وكان رئيس لجنة الخبراء حول المسائل المرتبطة بالعقوبات.  

مرونة أميركية 

وبشأن دلالات إقصاء نفيو من الوفد الأميركي في مفاوضات فيينا، يقول الخبير الإيراني جمشيد عدالتيان لـ"العربي الجديد" إن الخطوة "قد تحمل مرونة وانعطافا أميركيا" لكونه أحد مهندسي العقوبات على إيران. ويتوقع عدالتيان أن تتوج مفاوضات فيينا باتفاق في نهاية المطاف، فالولايات المتحدة "مستعدة للاتفاق مع إيران"، مضيفا أن الأخيرة أيضا "ليس لديها خيار آخر غير الاتفاق"، مع التأكيد أن "الجميع سيتضررون من عدم حصول اتفاق". 

ويشير عدالتيان إلى أن الضمانات التي تطالب بها إيران من الخلافات الأساسية في المفاوضات، قائلاً إن الإدارة الأميركية الحالية ستنفذ الاتفاق المحتمل لإحياء الاتفاق النووي، لكن ليس مضمونا أن تنفذه الإدارة الأميركية المقبلة، مع الحديث عن أن ذلك "يشكل نقطة ضعف أساسية لأي اتفاق محتمل". 

ويؤكد الخبير الإيراني أن إيران "في نقطة عليها التوصل إلى اتفاق، لكن لا يمكنها الحصول على ضمانات كافية"، لافتاً إلى أنه "على ما يبدو فإن إيران يمكن أن تنقل احتياطيات اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمائة إلى روسيا لإعادتها إلى داخل إيران في حال قرر الرئيس الأميركي المقبل الانسحاب من الاتفاق النووي مرة أخرى". 

ويضيف عدالتيان لـ"العربي الجديد" أن "هذا الأمر يشكل رادعا أمام الرئيس الأميركي المقبل، لأنه إذا ما أراد الانسحاب من الاتفاق، فحينها يمكن لإيران أن ترفع اليورانيوم المخصب من درجة نقاء 60% إلى درجة نقاء 90%". 

ويرى عدالتيان أن أي اتفاق محتمل إن لم يكن مدعوما بضمانات كافية، فإنه ربما يحل مشاكل مالية، لكنه لن يعود على إيران بمنافع اقتصادية طويلة الأمد، قائلا إنه في هذه الحالة، ستتجنب الكثير من الشركات الغربية استثمارات واتفاقيات تجارية طويلة الأمد مع إيران، وذلك خشية من موقف الإدارة الأميركية المقبلة من الاتفاق.

المساهمون