مقتل 50 مدنياً وإصابة 200 بهجمات لـ"الدعم السريع" بولاية الجزيرة وسط السودان

26 أكتوبر 2024
نازحون من ولاية الجزيرة إلى القضارف شرقيّ السودان، 3 يونيو 2024 (إبراهيم حميد/فرانس برس)
+ الخط -

اتهم متطوعون في السودان ناشطون بجهود إغاثة ضحايا الحرب، قوات الدعم السريع بقتل 50 مدنياً وإصابة أكثر من 200 آخرين، أمس الجمعة، جراء هجمات على قرية بولاية الجزيرة وسط البلاد، في وقت أكد فيه رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان أن انتهاكات قوات الدعم السريع للقانون الدولي وجرائمها ضد الإنسانية "لن تمر دون عقاب، وتجعل من غير الممكن التسامح معها".

يأتي ذلك فيما اتهمت وزارة الخارجية السودانية قوات الدعم السريع بشن "هجمات انتقامية" على قرى وبلدات شرقي ولاية الجزيرة المتاخمة للخرطوم من الناحية الجنوبية، بعد انشقاق قيادات منها منتمية إلى تلك الولاية وانضمامها إلى الجيش، واصفة هذه الهجمات بأنها ترقى إلى "مستوى الإبادة الجماعية والتطهير العرقي".

وقالت "لجان مقاومة مدينة الحصاحيصا" بولاية الجزيرة (متطوعون ناشطون بجهود إغاثة ضحايا الحرب)، إن قريتي السريح وأزرق بولاية الجزيرة تتعرضان منذ صباح اليوم (الجمعة) لهجوم من "الدعم السريع". ولفتت في بيان إلى أن هذه الهجمات في قرية السريحة التي شملت استهدافات بالقناصة والقصف المدفعي، أدت إلى "مقتل 50 من سكان هذه القرية، وإصابة أكثر من 200 آخرين". واشتكت من "انعدام كامل للمعونات الطبية والصحية في القرية، وعدم إمكانية إخراج المصابين بها، بسبب هجمات الدعم السريع المتواصلة".

وذكرت اللجان في بيانها كذلك، أن قرية أزرق تشهد "حصاراً كاملاً من قبل قوات الدعم السريع التي تمارس هناك الانتهاكات نفسها التي حدثت في قرية السريحة"، دون أن تشير إلى ما إذا كان ذلك أوقع ضحايا من عدمه.

البرهان: جرائم "الدعم السريع" لن تمرّ دون عقاب

وفي السياق، قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان، أمس الجمعة، إن انتهاكات قوات الدعم السريع للقانون الدولي وجرائمها ضد الإنسانية "لن تمر دون عقاب، وتجعل من غير الممكن التسامح معها". وأوضح البرهان في منشور على حسابه بمنصة إكس، أنه "كلما تمادت مليشيا آل دقلو (قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو) الإرهابية في سفك دماء المواطنين الأبرياء، ازدادت عزيمة الشعب السوداني على مقاومتهم". وشدد على أن "انتهاك القانون الدولي الإنساني والجرائم ضد الإنسانية لن تمر دون عقاب، وتجعل من غير الممكن التسامح مع هذه المليشيا الإرهابية (الدعم السريع)".

من جانبها، قالت وزارة الخارجية السودانية، الجمعة، إن "قرى وبلدات شرق الجزيرة تتعرض لحملات انتقامية من المليشيا (الدعم السريع) في أعقاب انسلاخ قيادات منها" تنتمي إلى هذه الولاية. وأضافت في بيان، أن "هذه الحملات الانتقامية تستهدف المدنيين على أسس قبلية وجهوية، ما يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية والتطهير العرقي".

وحذرت الخارجية السودانية من أن "عدد ضحايا هذه الحملات الإجرامية يُقدر بالمئات من المواطنين من القتلى والمصابين، فضلاً عن تشريد عدة آلاف من قراهم". وطالبت "المجتمع الدولي بإدانة هذه الحملات بشكل فوري وقوي، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بمحاسبة مرتكبيها وقادة المليشيا ورعاتها، ووقف تدفقات الأسلحة والمرتزقة إليها".

وبينما أُعلن انشقاق قائد الدعم السريع بولاية الجزيرة أبوعاقلة محمد أحمد كيكل في 20 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، لم توضح الخارجية السودانية مرادها بالانشقاقات الأخرى، لكن يبدو أنها تقصد انشقاق كيكل وعدد من عناصر قواته عن الدعم السريع. بدورها، أعلنت منظمة الهجرة الدولية أن 853 أسرة نزحت من مدينة تمبول والقرى المحيطة بها في ولاية الجزيرة بين 20 و24 أكتوبر الحالي "بسبب تصاعد الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع".

وأشارت المنظمة في بيان الجمعة، إلى ورود تقارير عن "وفيات وإصابات" بين المدنيين جراء هذه الاشتباكات، دون ذكر أرقام محددة. وفي السياق، قال المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو، الجمعة: "نتابع آخر الهجمات المروعة التي تشنها قوات الدعم السريع على المدنيين بولاية الجزيرة". وأضاف عبر حسابه على منصة إكس، أن "عمليات القتل والعنف الجنسي التي ترتكبها هذه القوات مروعة"، مشيراً إلى أن "الدعم السريع والجيش السوداني يفشلان باستمرار في الوفاء بالتزاماتهما في ما يتعلق بحماية المدنيين، وسنواصل العمل ضد المسؤولين عن هذه الانتهاكات".

وأدانت نقابة أطباء السودان غير الحكومية، وشبكة أطباء السودان المستقلة، في بيانين منفصلين، اعتداءات "الدعم السريع" على المدنيين في الجزيرة وعلى الكوادر الطبية في مدن رفاعة وتمبول بالولاية ذاتها. وقالت نقابة أطباء السودان: "ندين استمرار العنف والانتهاكات الممنهجة ضد المدنيين في السودان، وتصاعد الحملات الانتقامية التي تنفذها الدعم السريع في شرق الجزيرة خلال الأيام الماضية، والتي طاولت أكثر من 30 قرية، وشملت الانتهاكات الوحشية القتل العشوائي والتعذيب والاغتصاب والتهجير القسري ونهب ممتلكات".

وبعد انشقاق قائد الدعم السريع في الولاية، تجددت الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع. وفي ديسمبر/ كانون الأول 2023، سيطر "الدعم السريع" بقيادة كيكل، على عدة مدن بالجزيرة بينها ود مدني مركز الولاية. وحالياً، يسيطر "الدعم السريع" على أجزاء واسعة من الولاية، عدا مدينة المناقل والمناطق المحيطة بها حتى حدود ولاية سنار جنوبها، وغرباً حتى حدود ولاية النيل الأبيض.

ومنذ منتصف إبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حرباً خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 11 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة. وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب، بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.

(الأناضول، العربي الجديد)