دعت منظمات حقوقية فرنسا، الجمعة، لمحاكمة ضابط سابق كان يعمل لدى أجهزة مخابرات النظام السوري، بالتزامن مع مطالبة الادعاء العام الألماني بالسجن المؤبد بحق ضابط آخر مُتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وذكرت وكالة "الأناضول" أن 11 منظمة حقوقية، بينها منظمة العفو الدولية ورابطة حقوق الإنسان، والمركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، وجّهت رسالة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعنوان "يجب ألا تكون فرنسا أرضاً لا يحاكم فيها الجلادون في سورية". وتطالب الرسالة ماكرون بتمهيد الطريق لمحاكمة الضابط السابق لدى نظام الأسد عبد الحميد. س، المقيم في فرنسا، والمشتبه بضلوعه في جرائم حرب.
وأوضحت المنظمات أن "محكمة النقض الفرنسية أوقفت محاكمة هذا الضابط، وأفرجت عنه، كما قضت بعدم اختصاصها للنظر في القضية، بعد أن كان مسجوناً في فرنسا العام الحالي، ويحاكم بتهمة ارتكاب تعذيب وجرائم ضد الإنسانية"، معتبرة أن "قرار المحكمة ما هو إلا انعكاس للقرار الذي اتخذه القضاء الفرنسي في 2010، بعدم النظر في قضايا الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب المرتكبة في دول ليست أطرافاً في نظام روما الأساسي".
مناقضة مبدأ المحاسبة والعدالة
من جهته، قال فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن قرار محكمة النقض في فرنسا في 24 الشهر الماضي، بأن القضاء الفرنسي عير مختص في النظر بجرائم الحرب، "يناقض مبدأ المحاسبة والعدالة، الذي تسعى إليه الدول المتحضرة مثل فرنسا، وإذا كان هناك فرصة لمحاكمة مجرم الحرب يجب استغلالها وليس القفز عنها، بتعليلات غير دقيقة مثل تلك التي استندت إليها محكمة النقض".
وأضح عبد الغني الذي يتردد على باريس لمتابعة هذه القضية أن المحكمة استندت إلى قوانين نظام الأسد، علماً أنه "ليست لدى النظام بنية قضائية أو تشريعية لأنه نظام أمني، وبالتالي من الطبيعي أنه لا يولي أهمية لمحاكمة مجرمي الحرب".
المحكمة استندت إلى قوانين نظام الأسد، علماً أنه "ليست لدى النظام بنية قضائية أو تشريعية لأنه نظام أمني
وأضاف أن أحد المراجع التي استندت إليها المحكمة هو وجود مراسيم صادرة عن النظام تمنع محاكمة أفراد إلا بموافقة رؤسائهم، و"هذا يناقض روح القانون الدولي لأن النظام يصدر قوانين لحماية نفسه وضباطه، وليس لتحقيق العدالة وحقوق الإنسان".
وقال عبد الغني: "نحن نشجب قرار محكمة النقض، ونأمل أن يتم التراجع عنه لدى محكمة الاستئناف، لتمارس فرنسا دورها الريادي في الدفاع عن حقوق الإنسان، عبر ممارسة الولاية القضائية العالمية على أراضيها على غرار عدد من الدول الأوروبية الأخرى".
وجاء في قرار محكمة النقض الفرنسية "أن القاضي الفرنسي ليس له ولاية قضائية على الجرائم المرتكبة في سورية، على أساس أن الدولة السورية لم تصادق على نظام روما الأساسي، ولا تجرم الجرائم ضد الإنسانية في تشريعاتها المحلية".
وفي 25 الشهر الماضي، استنكرت مسؤولة القضاء والمحاكمات في منظمة "الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان"، المحامية الفرنسية كليمانس بيكتارت، قرار القضاء الفرنسي، قائلة في تغريدة عبر تويتر: "يوم حزين للولاية القضائية العالمية، فالقانون الفرنسي يجعل القاضي غير مختص بالنظر في الجرائم ضد الإنسانية لأنها غير مجرمة في القانون السوري".
وعبد الحميد. س، ضابط مخابرات سابق، دخل فرنسا عام 2015، ومُنح صفة حق اللجوء عام 2018. وأوقف القضاء الفرنسي عبد الحميد في منتصف فبراير/ شباط 2019، بموجب شكوى قدمها لاجئ متهماً إياه بالتعذيب وبارتكاب جرائم ضد الإنسانية والتواطؤ فيها، في أثناء خدمته في فرع الخطيب بدمشق.
ويأتي ذلك في وقت طالب الادعاء العام الألماني الأسبوع الماضي بالسجن المؤبد بحق أنور رسلان، الضابط السابق في جهاز الاستخبارات التابع للنظام في قضية اتهامه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.