طالبت المنظمة الجزائرية لمحاربة الفساد، الإثنين، السلطات بتوضيح أكبر لسياساتها في مجال مكافحة الفساد، وعبّرت عن مخاوف من أن تكون عملية استحداث مزيد من الهيئات الرقابية "مجرد تضخيم إداري دون أن ينعكس ذلك فعليا على قمع الفساد ونهب المال العام في الجزائر"، واعتبرت أن ذلك "لن يكون كافيا".
وطالبت المنظمة بـ"وضع استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الفساد تشجع على التبليغ ووضع برنامج لحماية المبلغين".
واعتبرت المنظمة الجزائرية لمحاربة الفساد، في بيان، أن هناك "غموضا في السياسات الجديدة لمحاربة الفساد وفي النوايا الحقيقية للسلطة في البلاد، على خلفية قرار الرئاسة استحداث هيئات رقابية جديدة وتداول مجلس الوزراء في مسودة قانون جديد للوقاية من الفساد، دون تقديم تفصيلات واضحة حول التوجهات الجديدة ومرتكزاتها".
وأوضحت المنظمة أن "مخاوفها تتأسس على تجارب سابقة، إذ إن سياسات العهد السابق في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة كانت تركز أيضا على استحداث مزيد من الهيئات الرقابية، دون أن يمنع ذلك حدوث مئات عمليات الفساد ونهب المال العام، والتلاعب بالصفقات العمومية".
وأكد بيان المنظمة، التي رفضت قبل أيام المشاركة في مؤتمر أممي حول مكافحة الفساد في مصر، لكون الأخيرة "ليست نموذجا في محاربة الفساد"، أن "نهج الحكومة الحالي في مكافحة الفساد ومراجعة التشريعات المتعلقة غير مفهوم، ولا يعرف ما إذا كانت هذه العملية ستقتصر على مجرد استبدال هيئة بهيئة أخرى، دون تغيير في المضامين، وهو ما قد سيدفع إلى الاعتقاد بأن هذا ليس هو المسار الصحيح الذي يجب اتخاذه".
وعبرت عن رغبتها في تقديم مقترحاتها الهادفة إلى "تحديد وتنفيذ استراتيجية وطنية للوقاية من الفساد ومكافحته، تتضمن بشكل خاص احترام الحريات الفردية والجماعية".
وكانت المنظمة تعلق على بيان الرئاسة الجزائرية التي أعلنت، الأحد، عن إنشاء هيئات جديدة لمكافحة الفساد، واستحداث هيئة جديدة بعنوان "السلطة الوطنية العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته"، إضافة إلى هيئة تتولى التحري عن "الموظفين العموميين الذين تطرأ عليهم مظاهر الثراء المفاجئ دون وضوح مصادره، وبلا استثناء، من خلال إجراءات قانونية صارمة لمحاربة الفساد، عملا بمبدأ، من أين لك هذا"، إضافة إلى استحداث منصب المفتش العام لمصالح الدولة والجماعات المحلية، ملحق مباشرة برئاسة الجمهورية، لمراقبة عمل الهيئات الحكومية والمحلية.
وإضافة إلى استبدال هيئة مكافحة الفساد بالسلطة العليا لمكافحة الفساد، تتوفر الجزائر على هيئات رقابية أخرى تعمل في المجال نفسه، هي الديوان المركزي لقمع الفساد الذي أنشئ عام 2006، ومجلس محاسبة، والمفتشية العامة المالية.
ونص الدستور الجديد، الذي جرى الاستفتاء عليه في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، على إنشاء سلطة وطنية عليا لمكافحة الفساد، بديلا للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته، واعتبرت الجمعية أنه "كان من الأفضل والأكثر اتساقا أن نقوم أولاً بتعديل قانون مكافحة الفساد والوقاية منه الصادر في فبراير حتى يتوافق مع الدستور الجديد، قبل استحداث الهيئة الجديدة".
وبرأي المنظمة، فإن هذا القانون "يجب أن يكون أكثر ملائمة وتماشيا مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي صدّقت عليها الجزائر في عام 2004، ويتعلق الأمر هنا بعدة جوانب أساسية، أهمها ضمان الاستقلالية الفعلية لهذه الهيئة، ووضع استراتيجية متكاملة ودقيقة فيما يخص التصريح بالممتلكات الخاصة بالموظفين العموميين، دون استثناء، وضمان حق كل مواطن في الحصول على المعلومة الرسمية في هذا المجال، ووضع برنامج الحماية الحقيقية والملموسة للمبلغين عن الفساد، واعتماد قانون صفقات عمومية يكون فيه منح الصفقات بالتراضي استثنائيا وللضرورة فقط، ووفق معايير محددة".