استمع إلى الملخص
- **التصعيد النووي كوسيلة ردع**: أكد كاراغانوف على أهمية التصعيد النووي لإقناع الأعداء المحتملين بأن روسيا مستعدة لاستخدام السلاح النووي، محذرًا من خطر اندلاع سلسلة من الحروب النووية.
- **مواقف كاراغانوف المثيرة للجدل**: يُعرف كاراغانوف بمواقفه المثيرة للجدل، حيث يدعو لاستخدام السلاح النووي كوسيلة لإنقاذ البشرية، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة لن تضحي بمدنها لحماية الأوروبيين.
جدّد المحلل السياسي والمنظّر الروسي المقرّب من الكرملين، الرئيس الشرفي لمجلس السياسة الخارجية والدفاعية، سيرغي كاراغانوف، مطالبته بتعديل العقيدة النووية الروسية التي يقول مسؤولون روس إن العمل على تحديثها دخل مرحلة متقدمة، معتبراً أن الوثيقة بنسختها الحالية لا تؤدي مهام الردع. واعتبر كاراغانوف في حوار مع صحيفة كوميرسانت الروسية نُشر في عددها الصادر اليوم الخميس، أن "العقيدة الحالية والسياسات في مجال استخدام السلاح النووي غير مسؤولة بالمرة، وكأنها ظلت في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي".
ورأى المنظّر الروسي أن "هذه العقيدة تستبعد أقوى آليات سياستنا العسكرية والخارجية من الترسانة بنسبة 99.9%، وهذا ليس خطأ فحسب، وإنما غير أخلاقي أيضاً، إذ قُتل ملايين البشر في يوم من الأيام من أجل هذه الأداة لسياستنا، أي من أجل الدروع النووية. هذه قصة هامة للبطولة وإنكار الذات أثناء الحرب (العالمية الثانية) والمجاعة، وأصعب عملية إعادة إعمار. لكننا فجأة قررنا نسيان ذلك، وأكرر أنني حتى لا أفهم كيف حدث ذلك".
وأضاف أن "الوقت قد حان للإعلان عن حقنا في الرد بضربة نووية على أي ضربات مكثفة على أراضينا وأي احتلال لها"، في إشارة إلى التوغل الأوكراني في مقاطعة كورسك الحدودية الروسية والذي دخل شهره الثاني. وتابع قائلاً: "يجب اعتماد مفهوم التصعيد النووي حتى تُسبق مثل هذه الخطوات بأخرى تقنع العدو المحتمل أو الحقيقي بأننا مستعدون لاستخدام السلاح النووي".
ولخّص الهدف الرئيسي من العقيدة النووية الروسية في إقناع جميع الخصوم الحاليين والمستقبليين بأن روسيا مستعدة لاستخدام السلاح النووي، محذراً من "انزلاق العالم إلى سلسلة من حروب ستكتسب حتماً طابعاً نووياً وستنتهي بحرب عالمية ثالثة في غضون بضع سنوات، ما لم نعد تفعيل الردع النووي"، وفق اعتقاده.
محلل "برّاق" و"عدواني"
ويُعدّ كاراغانوف من المستشارين السياسيين المقربين من الكرملين، وأدار الجلسة العامة لمنتدى سانت بطرسبورغ الاقتصادي الدولي بمشاركة الرئيس فلاديمير بوتين في يونيو/ حزيران الماضي، والذي غازله خلالها واصفاً إياه بأنه محلل سياسي "برّاق"، ولو أنه "عدواني"، معترفاً بأنه قارئ لكتاباته. وفي منتصف العام الماضي، أثار كاراغانوف جدلاً واسعاً بنشره مقالا بعنوان "استخدام السلاح النووي قد ينقذ البشرية من الكارثة العالمية"، رأى فيه أن روسيا "بالغت في وضع عتبة عالية لاستخدام السلاح النووي"، معيداً تفاقم الوضع إلى "التطفل الاستراتيجي"، ونسيان البشر أهوال الحروب الكبرى، وتلاشي الخوف حتى من الأسلحة النووية.
وجزم كاراغانوف في المقال الذي نشر بمجلة "بروفايل" حينها، أن "الولايات المتحدة لن تشن ضربة ضد روسيا لحماية الأوروبيين، ولن تضحي بمدينة مثل بوسطن (الأميركية) انتقاماً لمدينة أوروبية صغيرة مثل بوزنان البولندية"، مخلصاً إلى أن "المنتصر لا يحاكم".
هذا وتنص العقيدة العسكرية الروسية على جواز استخدام السلاح النووي في حالتين اثنتين فقط، الأولى في حال تعرض روسيا أو حلفائها لهجوم بالسلاح النووي أو غيره من أسلحة الدمار الشامل، والثانية عند تعرض روسيا لهجوم بأسلحة تقليدية في حال كان يهدد وجودها بما هي دولة. أما وثيقة "أساسيات سياسة الدولة لروسيا الاتحادية في مجال الردع النووي" (التسمية الرسمية للعقيدة النووية) بنسختها الحالية المؤرخة بعام 2020، فحددت أربعة شروط لاستخدام السلاح النووي. الشرط الأول، ورود معلومات موثوق بها بانطلاق صواريخ باليستية لمهاجمة أراضي روسيا أو حلفائها، والشرط الثاني هو استخدام العدو سلاحاً نووياً أو غيره من أسلحة الدمار الشامل بحق روسيا أو حلفائها. والشرط الثالث، هو مهاجمة العدو منشآت حكومية أو عسكرية روسية حيوية بهدف تعطيل ردة فعل القوات النووية الروسية، أما الشرط الرابع، فهو تعرّض روسيا لهجوم بالأسلحة التقليدية يهدّد وجود الدولة بحد ذاتها.