شهدت جبهات القتال في مدينة تعز، مساء أمس السبت، مواجهات عنيفة بين القوات الحكومية ومسلحي جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، في الجبهات الشمالية للمدينة المحاصرة منذ ثماني سنوات، وذلك بالتزامن مع زيارة نادرة لوزير الدفاع الفريق الركن محسن الداعري للمحافظة.
وقال نائب رئيس التوجيه المعنوي بقيادة محور تعز العسكري، العقيد عبد الباسط البحر، لـ"العربي الجديد": "اندلعت اشتباكات قوية مساء اليوم (السبت) بمختلف الأسلحة الثقيلة والأعيرة النارية في الجبهة الشمالية والشمالية الغربية لتعز".
وأضاف أن القوات الحكومية "تصدت لمحاولات التسلل الفاشلة للحوثيين، وألحقت بهم خسائر في الأرواح والعتاد، كذلك نفذت عملية نوعية استهدفت قوات العدو، وأثلجت الصدر"، دون مزيد من التفاصيل عن العملية.
إلى ذلك، نفّذ الحوثيون قصفاً عشوائياً على الأحياء السكنية، فيما ردت عليها قوات الجيش بقصف استهدف مواقعها، بحسب العقيد البحر، الذي أكد أن الاشتباكات هدأت في ساعات المساء المتأخرة من يوم السبت، بعد أن استمرت عدة ساعات.
من ناحية أخرى، وصلت تعزيزات تابعة للحوثيين إلى عدد من جبهات القتال في تعز، وقال العقيد البحر إن "مليشيا الحوثي دفعت بتعزيزات مكونة من أفراد مجندين حديثاً، وعتاد ثقيل إلى جبهاتها في تعز الشرقية والشمالية والغربية وعدد من الأرياف في مديرية مقبنة".
وخلال زيارته للمدينة، وهي الأولى لوزير دفاع خلال سنوات الحرب، التقى الداعري قيادة محوري تعز وطور الباحة، للاطلاع على تطورات الأوضاع في الجبهات القتالية، وتفقد أحوال المقاتلين، وفقاً لما أورده المركز الإعلامي للجيش.
واستمع الداعري خلال لقاء مع القادة والضباط "إلى طبيعة الموقف العسكري في جبهات القتال في المحافظة وتحشيدات المليشيا الحوثية إلى مختلف الجبهات"، وشدد "على المزيد من التلاحم والتماسك ورفع الجاهزية القتالية والروح المعنوية لمنتسبي قوات الجيش تحسباً لأي طارئ".
وقال وزير الدفاع إن "المليشيا لن تخضع للسلام العادل كما هو عهدها منذ بدأت تمردها على الدولة، ولن يخضعها سوى تكاتف كافة الجهود وتوجيه البندقية...".
ومنذ منتصف الأسبوع الماضي، دفعت الجماعة بتعزيزات عبر "مسيرة راجلة" من محافظة ذمار جنوب صنعاء، إلى جبهات تعز، مروراً بمحافظة إب، وسط البلاد.
وقال العقيد البحر في حديثه لـ"العربي الجديد" إن هدف الحوثيين من هذا التحشيد، "التغطية على زيارة وفد من الجماعة للسعودية"، بمبرر الحج، وذلك عبر طائرة نقلتهم من صنعاء إلى جدة، في واحدة من علامات تحسّن العلاقات مع السعودية.
وقال البحر إن الزيارة "أثارت استياء مقاتليهم الذين غرسوا فيهم لسنوات أن السعودية عدو ولا يمكن التقارب معه، وعدّها بعضهم خيانة لدماء القتلى الذين سقطوا في الحرب التي شنتها المليشيا خلال ثماني سنوات"، وهو ما تحاول الجماعة صرف الأنظار عنه من خلال التحركات العسكرية، وفق البحر.
اشتباكات في مديرية وادي عبيدة
من جهة ثانية، قتل ثمانية أشخاص وأصيب آخرون خلال مواجهات بين قوات أمنية ومسلحين قبليين في مديرية وادي عبيدة شرقيّ محافظة مأرب (170 كيلومتراً شرق صنعاء).
وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن المواجهات اندلعت إثر خلاف على نقطة استحدثتها قوات الأمن في منطقة مفرق حريب، وقوبلت باعتراض مسلحي القبائل الذين قدموا إلى المنطقة وتصاعد خلاف بين الجانبين تطور إلى الاشتباك بالأسلحة النارية.
وخلفت الاشتباكات ثمانية قتلى من الجانبين، بينهم شيخ قبلي يدعى مبارك طالب بن عقار (85 عاماً)، وهو من أبرز الشخصيات التي وقفت مع الدولة في مواجهة هجمات الحوثيين المدعومين من إيران على المحافظة في السنوات الثماني الماضية.
ولم يصدر عن السلطات المحلية في مأرب أي تعليق على الحادثة، فيما تمكنت وساطة قبلية بقيادة الشيخ علي بن غريب الشبواني، وهو من أبرز وجوه قبائل عبيدة، من احتواء الموقف ووقف المواجهات.
وتعارض القبائل التي تسيطر على معظم المناطق في المحافظة، عدا مدينة مأرب، مركز المحافظة، وجود النقاط الأمنية بالقرب من مناطقها، فيما تقول قوات الأمن إنها مضطرة إلى التمدد وتكثيف الحضور الأمني في الخط الرئيسي لمنع الاعتداءات التي ينفذها قطّاع الطرق على طول المنفذ الإسفلتي الوحيد الباقي للمدينة.
ويفرض الحوثيون طوقاً على المدينة يشبه الهلال يقطع الطرق الرئيسية، وبقي للمدينة منفذ وحيد هو الخط الدولي الذي يتجه شرقاً في عمق الصحراء مروراً بمنطقة قبائل عبيدة، أهم قبائل المحافظة.
في سياق متصل، أفاد مصدر محلي بمقتل ضابط في الجيش يدعى حسن شميلة إثر اشتباكات مع مسلحين قبليين على الخط آنف الذكر، وذلك في منطقة الرويك على بعد نحو 100 كيلومتر شرقي المحافظة.
واندلعت الاشتباكات، وفق مصدر عسكري، بين دورية عسكرية تابعة لـ"اللواء 21 ميكا"، وقطاع طرق حاولوا نهب سيارة إسعاف في منطقة الثنية بصحراء الرويك.