تلتقي المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، اليوم السبت، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بدعوة منه، في زيارة صُنِّفت بالوداعية، مع استعدادها لتسليم مقاليد الحكم في بلادها خلال الفترة المقبلة.
وقالت دائرة الاتصال التركية في بيان، إن أردوغان وميركل سيبحثان في إسطنبول العلاقات الثنائية، والخطوات الضرورية من أجل تطوير التعاون بين البلدين، كذلك سيتناول أردوغان وميركل، في اجتماعهما، العلاقات التركية الأوروبية والتطورات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها الأوضاع في ليبيا وسورية وأفغانستان.
وكان المتحدث باسم الحكومة الألمانية ستيفان سيبرت، قد أفاد الأسبوع الماضي بأن "تركيا دولة مهمة وتعتبر شريكة قريبة بالنسبة إلى ألمانيا وترتبط معها بعلاقات متعددة الأوجه، حيث إن الملايين من الألمان من أصول تركية يشكلون جسراً بين البلدين".
وأضاف أنه "بسبب ذلك، فإن الحكومة الألمانية تسعى لأن تعمل وأن تكون بعلاقة قريبة وبناءة مع تركيا مبنية على الثقة"، مشيراً إلى أنه "رغم وجهات النظر المختلفة أحياناً، إلا أن تركيا لديها مكانة جيواستراتيجية، وهناك روابط دولية عديدة، أهمها الشراكة بحلف الشمال الأطلسي".
وتعتبر أنجيلا ميركل من أبرز القيادات الأوروبية المقربة من تركيا، ولديها علاقات جيدة مع أردوغان، خاصة أنها قادت مرحلة تخفيف التوترات التي بلغت ذروتها العام المنصرم بين تركيا والاتحاد الأوروبي، وبقيت على اتصال دائم مع أردوغان.
وتتنوع الملفات المنتظر التطرق إليها بين الزعيمين، وخاصة موضوع أفغانستان وليبيا وشرق المتوسط والتطورات في العلاقات التركية الأوروبية، ورغم أن الزيارة تصنف على أنها وداعية ورسمية، لكنها تحمل أهمية بالغة، لأنها تأتي قبل أسبوع واحد من انعقاد أعمال قمة زعماء دول الاتحاد الأوروبي.
وتُظهر الزيارة الوداعية مع استعداد ميركل التدريجي لتسليم السلطة، الأهمية التي توليها السياسة الألمانية تجاه تركيا، فيما تتوجه الأنظار إلى الرسائل التي سيبعثها أردوغان وميركل خلال مؤتمر صحافي مشترك سيعقد عقب لقائهما.
كذلك تُعَدّ تركيا واحدة من أكثر 10 بلدان زارتها ميركل. وفي الوقت الذي بلغت فيه العلاقات التركية الأوروبية ذروتها في البرودة، لم تتخذ ميركل موقفاً يقلل من مكانة تركيا، بل كانت تدعو دائماً إلى الحوار.
ومن غير المعروف مواقف السياسيين الجدد في ألمانيا، وخاصة أولاف شولتز، زعيم الحزب "الاشتراكي الديمقراطي" الفائز بالانتخابات الأخيرة، وخليفة ميركل في الحزب المحافظ أرمين لاشيت، وسط توقعات بأن يواصل الساسة الألمان علاقاتهم الإيجابية مع تركيا، إلا أن هذه العلاقات قد تتأثر بالمتغيرات الدولية.
وبلغت ذروة الخلافات التركية الأوروبية في عام 2020 حول شرق المتوسط، إذ تولت فرنسا قيادة المواجهة مع تركيا بدعمها لليونان ودعم مواقفها من ترسيم الحدود واستثمار الثروات، كذلك تجلت المواجهة في ليبيا التي دخلتها تركيا لدعم حكومة الوفاق الوطني السابقة أمام اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
وأسهمت الاتصالات التي أجرتها ميركل في عدم انقطاع حبل العلاقات بين أنقرة وبروكسل، وفي احتواء أزمة ملف اللاجئين بين تركيا واليونان، فضلاً عن محاولاتها للدفع بالعملية السياسية في ليبيا، وهو ما قاد لاحقاً إلى استئناف أنقرة وأثينا مباحثاتهما الاستكشافية المتوقفة منذ سنوات طويلة.
وحالياً هناك ملفات عالقة عديدة بين أنقرة وبروكسل، خاصة في ما يتعلق بمفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي المتوقفة منذ سنوات، وأزمة اللاجئين التي تتخذها أنقرة ورقة بيدها وتهدد بها بروكسل وتطالبها بدفع تعهداتها لدعم اللاجئين السوريين في تركيا.
إضافة إلى ما سبق، تعترض أوروبا على ملفات حقوق الإنسان في تركيا والتضييق على الصحافيين والمعارضة وتلفيق التهم لهم، والموقف من القضية الكردية، كذلك إن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أصدرت عدة أحكام تشير إلى وجود اعتقالات سياسية تعسفية، وخاصة تلك المتعلقة بزعيم حزب الشعوب الديمقراطية الكردي السابق صلاح الدين دميرطاش، ورجل الأعمال عثمان كافالا، إضافة إلى المواقف من ملف سورية ومناطق شرق الفرات، والموضوع الليبي وشرق المتوسط وقضية قبرص.
وبناءً على كثرة الملفات العالقة بين تركيا والاتحاد الأوروبي، يبدو أن تركيا ستبحث كثيراً عن ميركل في القضايا الصعبة والتحديات التي تنتظرها في المستقبل على الساحة الأوروبية.