أكد سياسيون تونسيون، مساء اليوم الجمعة، أنّ رئيس حركة النهضة والبرلمان السابق راشد الغنوشي، لا يزال "صامداً في محنته بسجن المرناقية رغم مضي شهرين على اعتقاله، بسبب تصريح له في مسامرة لجبهة الخلاص الوطني"، وأن معنوياته "لا تزال مرتفعة".
وأضاف هؤلاء أنه "يخصص وقته للكتابة، كونه مفكراً"، مضيفين أنّ "التاريخ خلّد وسيخلّد اسم الرجل"، وأنه مناضل "خبر السجون طيلة عقود منذ عهد الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، وفي فترة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، والآن هو مسجون بعد الثورة".
يأتي ذلك في ندوة تضامنية مع الغنوشي ببادرة من عائلته، ومن جبهة الخلاص، حضرها قياديون من "النهضة" وسياسيون ومحامون.
وأمل رئيس جبهة الخلاص الوطني، أحمد نجيب الشابي، في كلمة له خروج الغنوشي قريباً ليواصلا مسيرة النضال معاً.
وقال إنه عرف الغنوشي "في عام 1984، وتأسست لجنة للتنسيق بين أحزاب المعارضة حينها، رغم الاختلافات الفكرية، ولم تكن حينها النهضة، بل كانت تسمى حركة الاتجاه الإسلامي"، مؤكداً أن الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة كان يرغب في إعدام القيادات السياسية، ولكنه كان (الشابي) محامياً شاباً يدافع حتى عن الخصوم، من بينهم راشد الغنوشي، الذي كان رابط الجأش أمام المحكمة حتى بعد "صدور حكم الإعدام على الغنوشي وقيادات الاتجاه الإسلامي".
ولفت إلى أن الغنوشي "لا يتميز فقط بالشجاعة، بل بالتفوق الذهني"، مبيناً أنه كتب عن المرأة "في كتيّب صدر عام 1981 رائداً، وجاء فيه أن من حق النساء رئاسة الدولة، وهو من المفكرين القلائل ممن يتمتعون بجسارة فكرية غير معهودة، مؤكداً أنّ "الغنوشي الآن في السجن، ولكن هذا النظام إلى زوال رغم الوضع المعقد".
وقال الرئيس المؤقت لحركة النهضة منذر الونيسي، إنه عرف الغنوشي، و"اقترب منه جيداً في الثلاث سنوات الأخيرة"، وأن الغنوشي "ارتكب خطأ فادحاً أو جرماً في عيون أغلب خصومه السياسيين، لأنه قرر الدخول إلى الدولة، من خلال الترشح لرئاسة البرلمان"، مؤكداً أنه "الرئيس الشرعي والمنتخب للبرلمان، وحصل على الترتيب الأول على دائرة تونس في الانتخابات التشريعية".
وتابع الونيسي أنّ "صورة الغنوشي واقفاً أمام الدبابة التي وضعت في باب البرلمان في 25 يوليو/ تموز 2021 تبقى في بال الكثيرين"، مشدداً على أنّ أزمة تونس لن تحل بسجن الغنوشي، "فالحقد لا يبني الأوطان، والظلم لا يبني دولاً".
وقال الونيسي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ دعوته للحوار ليست ضعفاً، ولكن رئيس حركة النهضة ونائبيه علي العريض ونور الدين البحيري في السجن، وبالتالي لن يقبلوا الدخول في أي حوار طالما هناك ظلم، وهناك قيادات سياسية مهمة في السجن، كما أنهم لن يقبلوا أي حوار في ظل وجود أفكار مسبقة، إذ لا بد من الثقة المتبادلة "فالحوار مهم ولكن لا معنى لأي دعوة للحوار فقط، لقبول الأمر الواقع، وقبول الظلم والمحاكمات الجائرة".
وقالت نائبة رئيس البرلمان سابقاً، والقيادية بجبهة الخلاص الوطني سميرة الشواشي، في تصريح لـ"العربي الجديد" إنهم في هذا المؤتمر التضامني مع الغنوشي الذي يأتي ببادرة من عائلته ومن جبهة الخلاص، يقفون ضد أي مظلمة تصيب أي شخص، ومع كل من قال لا للانقلاب، مضيفة أنّ "استهداف الغنوشي هو في الحقيقة استهداف للشرعية، وللدستور الذي أعده البرلمان".
وأوضحت أنّ "الغنوشي سيظل رئيس البرلمان الشرعي، صحيح هو اليوم في السجن، لأنه أبدى رأياً جاء فيه أن تونس تتسع للجميع وهذا ظلم كبير له"، مؤكدة أنه جرى اليوم "إثارة جوانب تهم شخصية الغنوشي، كونه مفكراً ومناضلاً وصاحب تجربة سياسية".
وحول استئناف النيابة قرار القاضي الإفراج عن شيماء عيسى، ردت الشواشي بأنه "مظلمة كبيرة أن يقع الإفراج عنها وفي اليوم نفسه تقرر النيابة الاستئناف، ما يعني بقاءها مسجونة، مؤكدة الثقة في براءة المعتقلين السياسيين ممن يقبعون في السجن ظلماً، وأن خروجهم لن يطول".
وأُوقف الغنوشي (81 عاماً) منذ 17 إبريل/ نيسان الماضي من قبل وحدة أمنية، بناءً على أذون من النيابة العامة، بسبب تصريحات وُصفت بالتحريضية، خلال اجتماع إعلامي لجبهة الخلاص المعارضة.
واستُنطِق الغنوشي في عدد من القضايا قبل أن يقرر "مقاطعة المحاكمات، رفضاً لإضفاء الشرعية عليها"، معتبراً أنها "لا تتوافر على شروط المحاكمات العادلة"، بحسب ما نقله أفراد عائلته. وقرّرت هيئة الدفاع مقاطعة كلّ جلسات الاستماع والمحاكمة، بسبب ما وصفته "بعدم سلامة الإجراءات القضائية".